تدريبات الأخضر تشهد تواجد سالم الدوسري وزياد الجهني    هارون كمارا لاعبًا في النصر    الأهلي يعلن التعاقد مع فالنتين أتانغانا حتى 2028    ضمك يحسم تعاقده مع خيسوس ميدينا    ضبط شخص في عسير لترويجه (1,391) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    خسوف القمر بين الرؤية الفلكية والتأصيل والتدبر    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بإقامة صلاة الخسوف في مساجد المملكة مساء غد الأحد    المملكة توزّع (1.565) سلة غذائية بإقليم خيبر بختونخوا في باكستان    الفردانية والمجتمعية وجدلية العلاقة    أخضر الشاطئية يستعد للعالمية    تهنئة مملكة إسواتيني بذكرى الاستقلال    مهرجان لخيرات وادي فاطمة    السعودية تحث أوبك+ على زيادة الإنتاج مع اقتراب الأسعار من 60 دولارا    ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية    المملكة تشارك في منتدى أمبروزيتي    عثمان ديمبيلي يغيب 8 أسابيع    أوغندا تُعلن حالة التأهب عقب تفشي فيروس «إيبولا» في الكونغو    حفظ النعمة بنجران تطلق مبادرة نحفظها    المزارع الوقفية حلقة نقاش لتعزيز التنمية المستدامة    الأم العظيمة    المعتذرون والمغفرة    سيرج غنابري جاهز للمشاركة مع منتخب ألمانيا أمام إيرلندا الشمالية    عودة العواصف الرعدية بالمملكة على نطاق أوسع    زراعة مليون شجرة موثقة رقميًا في منطقة عسير    المتهم بقتل محمد القاسم يمثل أمام المحكمة الاثنين القادم    مكتبة الملك عبدالعزيز ببكين ترحّب بطلاب اللغة العربية    الغرف التجارية السعودية.. من التشغيل إلى التمكين    مؤسسة جائزة المدينة تعلن عن انطلاق جائزة المعلم في دورتها الثانية 2025 م    أمانة حائل تنظم مبادرة "روّق ووثّق"    أمطار رعدية وبرد ورياح مثيرة للغبار على جازان وعسير    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف على غزة    المركزي الروسي يرفع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الروبل    الإعلان عن علاج جديد لارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر طبي بالخبر    أسماء لمنور وعبادي الجوهر يحييان ليلة طربية في موسم جدة    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية لتعزيز مهارات السلامة    إلا إذا.. إلا إذا    من العيادة الاجتماعية    شمعة تنفذ لقاء تعريفي عن طيف التوحد الأسباب والدعم    جمعية التنمية الأهلية بأبها تختتم مشروع "رفد للفتيات" بدعم المجلس التخصصي للجمعيات وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    أمانة القصيم توفر 290 منفذ بيع عبر 15 حاضنة بلدية لتمكين الباعة الجائلين    الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    مجلس الجامعة العربية يُحذر من مخاطر الانتشار النووي في الشرق الأوسط    «سمكة الصحراء» في العُلا... طولها يعادل طول ملعبَي كرة قدم    ترمب: أميركا ستستضيف قمة مجموعة العشرين 2026 في ميامي    حين تتحول المواساة إلى مأساة    خطيب المسجد النبوي: الظلم يُذهب الأجر ويقود للهلاك    خطيب المسجد الحرام: الحسد من أعظم ما يُنغص على العبد طمأنينته    كل عام وأنت بخير    اضطراب المساء عند كبار السن (متلازمة الغروب)    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبقتها حروب رافقتها مجازر «البلقنة الجديدة»: كيان صربي في كوسوفو ودرس لدول سايكس- بيكو في الشرق
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 2015

ما شهدته بروكسيل في 25 آب (أغسطس) الماضي هو «اتفاق تاريخي» يروّج لما يمكن أن نسمّيه «البلقنة الجديدة» التي أصبحت تتم الآن برعاية الاتحاد الاوروبي وليس بواسطة الحروب كما في السابق، ويمهّد لكيان صربي داخل كوسوفو بمسمّى «اتحاد المحافظات الصربية» عوضاً عن «جمهورية الصرب» على نمط البوسنة، وذلك بسبب الأوضاع الجغرافية المختلفة هنا. ومع هذا الحل، الذي وُجد لتجاوز عقدة التواصل الجغرافي، لدينا «إبداع أوروبي» آخر لحل يجمع ما بين الخيال السياسي وإيجاد قواسم مشتركة بين الاطراف المختلفة على نمط غير مألوف في أوروبا حتى الآن.
وبالمقارنة مع «البلقنة» الاولى التي ظهرت نتيجة لحروب البلقان 1912-1913، والتي أصبحت تعني تقسيم منطقة متأزمة اثنيا ودينيا الى كيانات مختلفة، وضعت في 1916 خريطة سايكس – بيكو التي كانت تشمل بلاد الشام وتركيا لتؤسّس لكيانات تضم اثنيات وديانات وطوائف متنوعة أصبحت في ما بعد الأساس للدول الوطنية في المنطقة. ومع انهيار يوغسلافيا السابقة والحروب التي استمرت خلال 1991-1999، التي جمعت ما بين النزاعات المحلية والتدخلات الدولية، ظهرت ملامح «البلقنة الجديدة» مع «البوسنة الدايتونية» (1995) وصولاً الى «كوسوفو الجديدة» التي ولدت مع اتفاق بروكسيل 2015. ومع فشل الحكومات في «بلاد سايكس – بيكو» بإدارة التنوع الاثني والطائفي، إضافة الى دور التدخلات الاقليمية والدولية، تتوافق الأصوات على أن «العراق لن يعود كما كان» وأن «سورية لن تعود كما كانت» الخ، ولكن البديل لا يُطرح في انتظار التوافقات الاقليمية والدولية. ومن هنا قد تكون «البلقنة الجديدة» ملهمة في بعض الحالات، بخاصة وأنها تحافظ على وحدة الدولة من حيث الشكل على عكس البلقنة القديمة .
حالة البوسنة
في حالة البوسنة جاءت اتفاقية دايتون (1995) تحت ضغط ثلاث سنوات من الحرب المصحوبة بالمجازر والتطهير العرقي والديني في البوسنة، التي أصبحت أيضاً حرباً بالوكالة لأطراف اقليمية كانت لها مصالحها (صربيا وكرواتيا الخ...)، ولذلك كانت الاتفاقية إنجازاً ديبلوماسياً كبيراً لريتشارد هولبروك الذي أبدع صيغاً جديدة للتوفيق بين الاطراف المتنازعة. وهكذا فقد بقيت البوسنة دولة واحدة ولكنها انقسمت الى كيانين مختلفين: جمهورية الصرب على 49 في المئة من مساحة البوسنة والفيدرالية المسلمة - الكرواتية على 51 في المئة وجعل للدولة رئاسة جماعية من ثلاثة أعضاء يمثلون المكونات الثلاث الرئيسية (المسلمون والصرب والكروات) ويتداولون منصب الرئيس وتكون القرارات بالتوافق بينهم في الامور السيادية.
وبسبب تداخل المكونات الثلاثة، حتى بعد التهجير والتطهير الاثني – الديني، فقد قسّم كل كيان الى كانتونات وكل كانتون الى بلديات لكي تمنح هذه المكونات الشعور بالامن وادارة أمورها المحلية ضمن السلطات البلدية الواسعة التي أعطيت لها. وهكذا إضافة الى البرلمان البوسنوي الجامع هناك برلمان ورئيس وحكومة لكل كيان وحكومات محلية للكانتونات. هذا الحل، مع كونه أوقف الحرب الدموية وخلق حالة من التعايش لا تزال قائمة، إلا أنه خلق حالة فريدة في أوروبا أصبحت تعرقل انضمام البوسنة الى الاتحاد الاوربي. فهولبروك كان يعطي ايحاءات بأن هذه الاتفاقية قابلة للمراجعة في المستقبل، ولكن بعض الاطراف (جمهورية الصرب بالتحديد) ترفض الان أي تعديل ويهدّد رئيسها ميلوراد دوديك بالانفصال في حال فرض تعديلات على الاتفاقية لتنسجم مع المعايير الاوروبية التي تسمح للبوسنة في المستقبل بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي .
حالة كوسوفو
في حالة كوسوفو كانت التعقيدات أكبر. فقد تمخضّت حرب 1999 عن ادارة دولية لكوسوفو ثم قيام الغالبية الكوسوفية بإعلان الاستقلال من طرف واحد في 2008. أما في ما يتعلق بالصرب الذين بقوا في كوسوفو( أقل من مئة الف بعد نزوح أكثر من مئة ألف في 1999) فقد تركّز نصفهم في أربع محافظات مجاورة لصربيا، حيث بقوا يعيشون كما لو في صربيا من دون أية سلطة للدولة الكوسوفية الجديدة عليهم، بينما توزع البعض على ست محافظات صغيرة في أنحاء مختلفة داخل كوسوفو.
وفي هذه الحالة كانت بعض القيادات في صربيا تفضّل تقسيم كوسوفو وضمّ هذه المحافظات الاربع المجاورة لها التي بقيت في الواقع خلال 1999-2015 جزءاً من صربيا، ولكن الإقدام على مثل هذا الحل كان يهدد الوجود الصربي في الداخل، الذي يرتبط بالتراث الصربي التاريخي من القرون الوسطى، وينهي بالتالي اسطورة ان «كوسوفو هي قلب صربيا». ومن هنا فإن مقاربة الحكومة الصربية برئاسة الكسندر فوتشيتش كانت معنية بحل يشمل كل الصرب، أي بكيان صربي على نمط «جمهورية الصرب» في البوسنة أو يتمتع بحكم ذاتي واسع من دون مسمّى جمهورية.
وبفضل ضغوط الاتحاد الاوروبي على الطرفين ب» سياسة العصا والجزرة» فقد أمكن التوصل الى حل فريد من نوعه تحت مسمّى «اتحاد المحافظات الصربية» الذي سيشمل عشر محافظات تحتل مساحة تصل الى 25 في المئة من كوسوفو ويعيش فيها أقل من مئة ألف على أمل أن يشجع هذا الكيان عودة الصرب الى كوسوفو. أما من حيث الشكل فسيكون للإتحاد برلمان منتخب (من 30 عضواً) ورئيس ونائب رئيس معترف بهما محلياً ودولياً ودستور داخلي، في حين ان صلاحية الاتحاد ستشمل المجالات الرئيسية (الصحة والتعليم والاقتصاد والتطور الحضري والشرطة والقضاء).
وكما في اتفاقية دايتون فقد تُرك لكل طرف أن يحتفل بهذا «الانجاز» أمام شعبه وعلى طريقته. فرئيس الحكومة الكوسوفية عيسى مصطفى اعتبر ان هذا «الاتفاق التاريخي» حافظ على «وحدة وسيادة كوسوفو» وحال دون التقسيم أو «جمهورية صربية» على نمط ما جرى في البوسنة، وقال الوزير الصربي المكلف بكوسوفو ماركو جوريتش ان النتيجة بلغة الرياضة كانت 5- 0 لصالح صربيا!
الاتحاد الاوروبي يعتبر هذا «الاتفاق التاريخي» انجازاً آخر لسياسة «العصا والجزرة» مع دول غرب البلقان، لأنه بهذا الشكل تكون صربيا قد تحررت تماماً من عبء كوسوفو الذي كان من شروط بروكسيل لفتح ملفات التفاوض مع بلغراد لاجل الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، حيث ان من المتوقع ان تفتح أكثر من عشر ملفات دفعة واحدة خلال 2016. أما في ما يتعلق بكوسوفو فستكون المكافأة «حبّة ملبس» على طريق الانضمام الى الاتحاد الاوروبي الذي قد يطول الى 2025: منح مواطني كوسوفو حرية الحركة داخل دول الاتحاد الأوروبي في 2016.
وبصرف النظر عن الإطار البلقاني يمكن القول ان «الاتفاق التاريخي» بين صربيا وكوسوفو أطلق الخيال لحل جديد للأقليات يعطيها الحكم الذاتي الواسع من دون وجود تواصل جغرافي للمحافظات ومن دون الحاجة الى مسمّيات كبيرة (جمهورية أو اقليم حكم ذاتي الخ...) تزعج الغالبية، وهو ما يمكن أن يلهم المعنيين في دول سايكس- بيكو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.