يمثل الحراك الدولي المتسارع للاعتراف بدولة فلسطين، بقيادة فرنسا ومشاركة نحو 15 دولة أخرى، خطوة إستراتيجية لتعزيز الحل السياسي للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، إذ لا يقتصر هذا التوجه الدولي على رمزية الاعتراف، بل يسعى إلى خلق ضغط دبلوماسي على إسرائيل، التي تواصل سياساتها الاستيطانية، وتعرقل مسار حل الدولتين، ويمنح الفلسطينيين إطارًا سياسيًا واضحًا للتفاوض على دولتهم المستقلة. ويعزز الاعتراف الدولي وفق مراقبون، موقف الفلسطينيين على الساحة العالمية، ويعكس التزامًا جماعيًا بضرورة تقديم بديل سياسي لمنع تصاعد التطرف وحماية فرص السلام والاستقرار في المنطقة. الاعتراف الفرنسي من 15 دولة أخرى بفلسطين جاء بعد جهود دبلوماسية مكثفة استمرت أشهرًا، نجحت خلالها السعودية وفرنسا في كسب الأغلبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على نص يدعم قيام دولة فلسطينية. ويؤكد هذا التحرك الدولي على أهمية توفير أفق سياسي للفلسطينيين، بما يمنع انحراف بعض الفئات نحو الحلول المسلحة، كما أشار الرئيس الفرنسي عندما حذر من أن غياب الحل السياسي قد يدفع الفلسطينيين للتمسك بحماس باعتبارها الحل الوحيد. وقبل هذا الاعتراف، اعترفت دول كبرى مثل المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين، ليصل عدد الدول المعترفة إلى نحو 150 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأممالمتحدة. ومن المتوقع أن تنضم دول أوروبية صغيرة مثل أندورا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وسان مارينو، ما يعكس تزايد التأييد الدولي للحل السلمي، ويضع إسرائيل تحت ضغط متنامٍ لتقديم تنازلات سياسية ملموسة. في المقابل، تؤكد ألمانيا أنها لن تعترف بفلسطين على المدى القريب، معتبرة أن الاعتراف النهائي يجب أن يكون جزءًا من عملية شاملة تبدأ الآن، وهو موقف يعكس التوازن الصعب بين دعم الحقوق الفلسطينية والحفاظ على العلاقات مع إسرائيل. ويأتي هذا الحراك الدولي في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في غزة، مع تفاقم الأزمة الإنسانية. ويمثل الاعتراف الدولي خطوة إستراتيجية لتكريس الضغط على إسرائيل، وفتح أفق تفاوضي جديد، بينما يبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذا الدعم السياسي والدولي إلى واقع ملموس على الأرض، بما يضمن تحقيق السلام والاستقرار الدائم في المنطقة.