نَفَسَ: فعل ثلاثة مفتوح الأحرف الثلاثة، يعنى فى بعض معانيه خروج نفس من نفس، وهو ما يحدث في الولادة. كثير من الأفعال على ذات الوزن، التي تبتدئ بحرفي النون و الفاء، وتعني خروج شيء من شيء، أمثلة ذلك: نَفَطَ، نفخ، نفر، نفح، نفث، و كثيرٌ غيرها. وعندما نتحدث بلغة الطب عن النفاس؛ فإننا نقصد الوقت الذي تمر به الأم منذ تضع مولودها، حتى تعود حالتها الجسمية إلى ما كانت عليه قبل الحمل. و تُقدر هذه الفترة بستة أسابيع. خلال الحمل تحدث تغيرات في أعضاء الحمل تمكن الأم من احتواء الجنين، كما تحدث تغيرات في وظائف أعضاء الجسم تهيئ جسم الأم لتقديم رعاية مثالية للجنين، مثلًا يزيد حجم سائل الدم؛ ليكون أكفأ في إيصال حاجات جسم الجنين، و مثل هذا يحدث في كل أعضاء الجسم، وقد عبر كتاب الله الكريم عن ذلك (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير.) و في الآية الكريمة دقة عجيبة فإن ما يبقى من الحمل لصالح الطفل في جسم أمه بعد انتهاء النفاس، هي التغيرات التي تهيئ الثدى للإرضاع، وهذه تستمر حتى الفطام. عند اكتمال الحمل يكون الرحم قد تضخم حتى وصل إلى وزن 1000 غرام، و يكون قد وصل إلى أعلى منطقة في تجويف البطن؛ حيث القفص الصدري، وأصبح يضغط على الصدر، وبمجرد خروج الطفل، ومعه السوائل التى تحيط بجسمه جنينًا مع خروج المشيمة، يتناقص حجمه؛ ليصبح أعلاه في مستوى سرة الأم، ويستمر التناقص حتى يعود تقريبًا إلى حجمه الأصلي، الذي يشبه شكل وحجم ثمرة الكمثرى الصغيرة، ويصبح وزنه بين 50- 100 جرام. وبالطبع يترافق هذا مع تغيرات في طبقة باطن الرحم، تستعيد فيها الغدد الوظيفية عملها في إحداث الدورة الشهرية، والاستعداد للحمل القادم. أما المهم جدًا فهو أن عضلة الرحم القوية التى تحيط بالأوعية الدموية تنقبض حتى تتحول إلى رباطات تمنع استمرار تدفق الدم عبرها، وتحولها من حالتها المتوسعة القطر خلال الحمل إلى شعيرات دقيقة؛ تكفى فقط لتحمل كمية الدم التي يحتاجها الرحم فقط، بينما كانت كمية الدم التي تصلها خلال الحمل كافية لتغذية الجنين ونموه. وعدم حدوث هذه الانقباضات قد يؤدى إلى نزيف يعرض صحة الأم للخطر. فى الأحوال العادية، يستمر خروج سائل من الرحم لونه محمرًا في البداية، ومع الأيام يصبح لونه بنيَا، وبعد ذلك يصير لونه أبيض مصفرًا، ثم تعود الإفرازات الطبيعية المائية القليلة؛ بحيث تكفي لترطيب المنطقة فقط. عنق الرحم الذي توسع خلال الولادة ليصل قطره إلى عشرة سنتيمترات يعاود الانقباض؛ حتى يكاد يغلق بنهاية فترة النفاس، وبالكاد قد يكون قطره مساويًا لقمة إصبع الأم. ( يتبع)