لم تكن النجاة حدثًا مجيدًا- كما ظن البعض. لم تكن انتصارًا مهيبًا يحتفى به، ولا صفحة جديدة تفتح على بياض، لقد كانت فعلًا اضطراريًا محكومًا بالوجع، مثقلًا بالخسارة، نعم، نجوت لكن الثمن لم يكن بسيطًا، نجوت بعد أن انكسرت بما يكفي؛ كي لا أثق بسهولة مرة أخرى، نجوت بعد أن اختبرت الخذلان في أقرب أشكاله، وبعد أن أدركت دون رغبة أن الاعتماد على أحد رفاهية أنا لا أملكها، لقد أدرت ظهري للألم ولم ألتفت ورائي، لكن ما لم يعرفه أحد أنني تركت خلفي جزءًا حقيقيًا مني، كل الذين صفقوا لنجاحي لم يكونوا هناك حين كنت أنزف في صمت. كل الذين قالوا لي"كنتِ قوية" لم يسمعوا الليالي التي بكيت فيها حتى غفوت، لقد نجوت وحدي، بصوتٍ مكبوت، وذاكرة مزدحمة بما لا يقال، والآن حين أبدو متماسكة، هادئة، رزينة، لا أحد يلاحظ أنني أصبحت أكثر جفافًا من الداخل، تلك النجاة التي يحتفلون بها جردتني من عفويتي، ومن لهفتي، ومن تلك النسخة الطيبة من نفسي، التي كانت تعتقد أن الحب ينقذ، أنا لا أشتكي، لكن- فقط-أعترف بأنني لم أعد كما كنت في السابق، لقد أصبحت أكثر عقلًا، وأقل اندفاعًا وأكثر حذرًا، وأقل ثقةٍ، لقد أصبحت أكثر قوة وأقل حياة، ما لا يدركه الآخرون أن النجاة ليست حدثًا عابرًا، بل حالة دائمة من التيقظ، أن تعيش بعد الانهيار يعني أن تتعامل مع الحياة بوعي مرهق، أن تحسب خطواتك بدقة، لأنك تعرف جيدًا كيف سيكون السقوط، لأنك تعرف أنك لن تنجو بالطريقة نفسها مرتين، نعم لقد عبرت النهر، لكن الماء قد جرف معه شيئًا مني لن يعود مره أخري، حتى حين أبتسم الآن لا أبتسم بذات القلب ونفس الإحساس. إن النجاة ليست دائمًا نهوضًا، بل أحيانًا تكون عملية بتر صامتة لروحك. تجربة تبقيك واقفًا بأطراف ناقصة، وقلب أصبح يحفظ المسافة قبل أن يحب، نجوت لكن الشخص الذي عبر النهر ليس الذي سقط فيه.