يقول السير أليكس فيرجسون:" لا يمكنك أن تصدق كل ما تقرأه في الصحافة، ففي بعض الأحيان، هم أنفسهم لا يصدقون ما يكتبونه" وفي كل صيف بينما يذوب الآيس كريم من حرّ الشمس، يذوب العقل من سخونة الإشاعات، لتتحول"التسريبات" حتى وإن كانت كاذبة- إلى عملة رائجة، و"المصدر الخاص" إلى أنبياء العصر الرقمي. الجميع يهمس، يصيح، يغرّد،"خاص"… املأ الفراغ بما شئت بعد ذلك؛ فالحقيقة لم تعد بحاجة إلى دليل، بل إلى جرأة في الكذب؛ ففي عرف هذا الإعلام الرخيص، الأمانة ليست مبدأ، بل ضعف في"الشخصية التسويقية"؛ فالخوف من نشر الأكاذيب ليس أزمة ضمير، بل عائق في طريق التفاعل واللايكات، فكما قال أحدهم ساخرًا:" في هذا الزمن، الحقيقة لا تهم، إن لم تُسبق بعبارة (حصري وخاص)". لا يهم إن كان الخبر مؤكدًا أو ملفقًا، مفبركًا أو مستخرجًا من كيس بائع فشار، أو فصفص في المدرج المهم أنه "يثير"، "ينشر"، "يتصدر". والحمد لله، لدينا جيش من المؤثرين، الذين يحولون كل تأجيل اجتماعًا، أو نظرة مدرب، أو همسة مسؤول، إلى قضية رأي عام؛ بفضل صديق مجهول يُعرف ب"المصدر المطلّع"، الذي غالبًا ما يكون بين قوسين في تغريدة، ويشرب كوب الشاي بجوار زر الإرسال، لكن المصيبة الحقيقية ليست في الكذبة، بل في الفخر بها؛ فالإعلامي أو المؤثر لا يكتفي بنشر التسريب، بل يتفاخر بأنه" وصله الآن من داخل اللجنة"، أو من "غرفة القرار". هنيئًا لنا إذن بهذا النمط الجديد من البطولة الإعلامية، حيث يصبح تسريب المعلومات، التي يفترض أن تكون محمية ومحترمة، عملًا بطوليًا! ولأن العبث لا يكتمل إلا بلمسة فلسفية، يمكننا أن نقول:" في الرياضة كما في الحروب، أول ضحية هي الحقيقة، لكن في الصيف، تُذبح الحقيقة على يد (المصادر الخاصة) وتُنشر في ستوري مؤثر رياضي برتبة شاعر!" فهل معيار النجاح الإعلامي هو عدد "الإشعارات" أو "التفاعلات" التي سبّبتها إشاعة؟ وهل صار انعدام المصداقية سمة احترافية؟! نحتاج لمحاسبة ليس فقط من يكذب، بل من يفتخر بالكذبة، ومن يجعل من علاقاته الشخصية جسرًا لاختراق القيم المهنية. نحتاج إلى لجان لا تراقب التسريبات فقط، بل تراقب من تسربوا هم أنفسهم من ثقافة المهنية إلى ثقافة "السبق الصحفي الزائف"، فالإعلام الذي يبني مجده على "مصدر خاص"، غالبًا ما ينهار على "فضيحة عامة". بُعد آخر.. "المصادر الخاصة لا تكذب.. فقط تؤلف.