تُعاني أو تدّعي _اختر ما شئت من زخرف الكلمات_ الأنثى الأديبة من التهميش غالبا، وهذا الموضوع هو الشغل الشاغل ليس للمرأة فحسب بل حتى للرجل الذي يتسلى أو الذي يود أن يُكفّر عن ما مضى من تاريخ التهميش الممارس ضد أدب الأنثى ليبدو أكثر وعيًا أو أكثر لطفًا، خصوصا أن الواقع المعاش أثبت أن خسارة الرجل فادحة إذا همّش دور الأنثى الأديبة ولم يتفاعل معها ومع طريقة صبّ شعورها في قوالب الأدب ..فهو يفوّت ويفسد على نفسه المتعة والإلهام الذي يشي بنبوءات جديدة له، هذا الإقصاء لا يستغرب من رجلٍ يرى أن المرأة إنسانٌ من الدرجة الثانية فمن الطبيعي أن يراها من الدرجة الثانية أو الثالثة في سلّم الإبداع .الغريب هو أن الأنثى الأديبة التي تدّعي أنها جديرة بالحديث عن خلجات مشاعر الإنسان تكوّن مع الأنثى الأديبة علاقة معاقة بعراقيل لا تتربع إلّا في ميادين من المفترض أنها بعيدة كل البعد عن الأدب، وهذا التقصير المتعمّد _غالباً_ لا ينعكس عليها فحسب بل على دور المرأة وفاعليته في الأدب والمجتمع بصفة عامة. كان الأجدى بالأنثى الأديبة قبل أن تسأل أين الأنثى الأديبة من اهتمام وسائل الإعلام أن تسأل نفسها: أين الأنثى الأديبة من اهتماماتي، وأين أنا من الاعتراف بتجربتها وأهمّيتها؟... فمتى اعترفت الأنثى الأديبة بتجربة الأنثى الأديبة أقامت جدار الثقة الذي يكاد أن ينقض عند الأنثى غير الأديبة ،واحترمها الرجل ..وإلّا كيف تطالبه وتطالب المجتمع باحترام تجربتها والاعتراف بها في الوقت الذي تُنكر هي تجارب الأخريات الجديرة بالاحترام؟!. هذا التقصير من الأديبة في حق الأديبة ليس بحاجة إلى حزمة ضوء تخترق بها لجّة أعماق أديبة حتى ترى مدى ازدراءها لأديبة أخرى ،يكفي أن تُسلّط اهتمامك على متابعة طريقة تعاطيها مع بزوغ أديبة جديدة أو أخرى حصلت على شهادة إبداعية ،وما يدار من معارك الألقاب خير دليل على هذا فما أن تضع الحرب أوزارها حتى تُدق طبولها من جديد ،و المقيم في المواقع الاجتماعية يُدرك هذا الصراع ويعرف أن الأنثى الأديبة _غالبًا_ تعترف بتجارب الرجل أكثر من اعترافها بتجارب الأخريات.. طبعا عدا صديقاتها ومن يكثرن مجاملتها !. أنا شخصيا لا أقتنع ولا أكتفي بتبرير موقفها هذا بما يعرف بالغيرة التي تدفعها إلى تجاهل أديبة تفوقها أو تقل عنها في عمق الفكر ودرجة الريادة، أستطيع أن أبرر موقفها بنقطين ..الأولى : وعيها بدورها الريادي في الأدب غير مكتمل النمو فهي ترى أن دورها ينتهي بمجرد أن تُلقي بالنص على قارعة القارئ لتقول له: أنا موجودة . النقطة الثانية :أكبر دليل على أن الأنثى تؤمن في لجّة أعماقها بقوامة الرجل عليها "الأدب" فهي لا تعترف إلّا بتجربته ولا تُقيم إلّا تحت ظلالها.. "للأسف" . أخيرًا بقي أن أقول: على مشجب " إلّا من رحم ربّي" أعلّق هذا المقال _الذي أخاطب فيه الإنسان بغض الطرف جنسه ذكرًا كان أو أنثى _وكلي أمل أن أجد يوما ما نماذجًا تسعى إلى النهوض بالأدب النسائي بشكلٍ عام.