جامعة جازان تطلق برنامجًا تدريبيًا في الذكاء الاصطناعي    بدء استقبال الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها السابعة عشرة    المدينة الطبية بجامعة الملك سعود تجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة قاع الثور    احتلال مدينة غزة جزء من خطة استراتيجية تنتهي بالتهجير    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 1000 منشط دعوي خلال شهر محرم    تراجع أسعار الذهب    إنهاء معاناة مقيمة عشرينية باستئصال ورم وعائي نادر من فكها في الخرج    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس 48 مشروعًا بيئيًا ومائيًا وزراعيًا بأكثر من 4.4 مليارات ريال    الهولندي "ManuBachoore" يحرز بطولة "EA Sport FC 25"    أوروبا تعلن استعدادها لمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا    أميركا ومحاربة الفقر    غزة تودّع عشرات الشهداء جلهم من المجوّعين    شدد الإجراءات الأمنية وسط توترات سياسية.. الجيش اللبناني يغلق مداخل الضاحية    مقتل واعتقال قيادات إرهابية بارزة في الصومال    مجهول يسرق طائرة مرتين ويصلحها ويعيدها    نسمة القمم    الرئيس الذهبي    السوبر.. وهج جماهيري وخفوت قانوني    النصر يسعى لضم لاعب إنتر ميلان    القادسية يعترض على مشاركة الأهلي في السوبر    ثنائي ريال مدريد على رادار دوري روشن    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي 7.9 %    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    «منارة العلا» ترصد عجائب الفضاء    «الهلال الأحمر بجازان» يحقق المركز الأول في تجربة المستفيد    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    تشغيل مركز الأطراف الصناعية في سيؤون.. مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية في درعا والبقاع    حساب المواطن: 3 مليارات ريال لدفعة شهر أغسطس    استقبل المشاركين من «إخاء» في اللقاء الكشفي العالمي.. الراجحي: القيادة تدعم أبناء الوطن وتعزز تمكينهم بمختلف المجالات    والدة مشارك بالمسابقة: أن يُتلى القرآن بصوت ابني في المسجد الحرام.. أعظم من الفوز    البدير يشارك في حفل مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم    260 طالبًا بجازان يواصلون المشاركة في «الإثراء الصيفي»    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    إطلاق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجاناً    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    حسام بن سعود يطلع على برامج جامعة الباحة    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    الإفراط في استخدام الشاشات .. تهديد لقلوب الأطفال والمراهقين    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    185% نموا بجمعيات الملاك    ترامب يعلن خطة لخفض الجريمة في العاصمة الأمريكية    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    مصحف "مجمع الملك فهد" يقود شابًا من "توغو" لحفظ القرآن    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    رونالدو يتألق.. النصر ينهي ودياته بالخسارة أمام ألميريا    الأخضر الناشئ لكرة اليد بين أفضل 16 منتخبًا في العالم.. و"العبيدي" يتصدر هدافي العالم    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    جامعة الملك فيصل تفتح باب التسجيل في البرامج التعليمية إلكترونيا    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    الشمراني عريساً    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحتاج لإعادة تعريف الظاهرة الثورية؟
نشر في البلاد يوم 18 - 10 - 2011

اختلف المفكرون والمراقبون حول تعريف ما حدث ويحدث في أنحاء الوطن العربي، فالبعض يرى أن المواجهات بين الجماهير ورموز الدولة الأمنية- التي انتهى بعضها برحيل النظام، ولا يزال بعضها مستمرا- لا تخرج عن كونها حركات احتجاجية واسعة النطاق، ولا ترقى لأن تكون ثورة.
ويشير البعض الآخر إلى التجربتين التونسية والمصرية على أنهما ثورتان ناجحتان، وأن البقية ستأتي في كثير من الدول العربية التي لا تزال شعوبها تعاني قدرة النظم السياسية على مقاومة الضغط الشعبي المطالب بالتغيير. وهناك معسكر ثالث يرى فيما حدث في مصر وتونس خاصة محاولات ثورية قابلة للنجاح، وإن كان يتحفظ كثيرا على بطء التغير والتحول في السياسات والمؤسسات، ناهيك عن التغير في القيم الحاكمة للمجتمع.
ما يجمع بين هذه المعسكرات الثلاثة هو تعريف للثورات استقر عبر سنوات طويلة من الأدبيات الغربية التي ترى أن الثورات تتعلق بالتغيير الراديكالي لكل من القيم والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التغير في النخبة السياسية والاقتصادية. بعبارة أخرى، لا يمكن الحديث عن ثورة دون حدوث حالة من التغيير الكامل في المشهد السياسي والاقتصادي الحاكم بما يشكل حالة من الانقطاع عن الماضي.
ارتبط التعريف الكلاسيكي للثورات كذلك بالحديث عن تنظيم سياسي أو عسكري يقود عملية التغيير المجتمعية، والمواجهة مع النظام السياسي القديم، ويوفر قاعدة لتجنيد النخبة السياسية الجديدة.وفي هذا الإطار، تظهر أهمية عمليات التطهير وإجراءات محاسبة الفاسدين والمفسدين في النظام السابق، والتي اتخذت أشكالا عنيفة في معظم الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية. كما أن الخلاصة لدى بعض هذه الأدبيات ترى عدم جدوى الثورات بناء على حساب للمكاسب والمخاسر، فما يرتبط بالثورة من خسائر اقتصادية وحالات من الفوضى الأمنية يجعل من غير المفيد دعم منظور الثورات مقابل ما يبدو من عقلانية مشاريع التحول الديمقراطي التدريجية.
في ضوء كل ذلك، يمكن فهم مكمن اعتراض البعض على وصف ما حدث في مصر وتونس بأنه ثورة كاملة، فلا يزال شكل النظام السياسي مستقرا (الجمهورية) دون أن يبدو أن هناك أية نية لتغييره، ولا يزال كثير من رجال النظام القديم وبعض رموزه يلعبون دورا في المشهد السياسي الجديد. كما أنه لا يبدو في الأفق نية لإعادة رسم الخريطة الاجتماعية، عبر إعادة توزيع للثروات من خلال إجراءات تأميمية، أو مصادرة لأملاك أو ثروات بعض من رجال الأعمال. وتتسم عمليات التعقب القانوني والمحاسبة بدرجات عالية من البطء، بما يوحي بعدم ثوريتها. وأخيرا، فقد غاب عنصر التنظيم السياسي الذي يقود حركة الجماهير، أثناء اللحظة الثورية، ويطرح نفسه لقيادة النظام الجديد. لقد تولي مهمة الدعوة الأساسية لتظاهرات 25 يناير صفحة "كلنا خالد سعيد"، التي لم يكن يعرف منشئها ومديرها، كما أن الائتلافات العديدة التي تكونت عبر أيام الاعتصام وما بعده لا يبدو أنها تهتم بالسلطة والحكم في الوقت الحاضر.
وبملاحظة ما يحدث حولنا في الوطن العربي، خاصة في اليمن وليبيا وسوريا، يبدو أن الوضع هناك يشبه حربا أهلية صريحة بين قوى عديدة في المجتمع، استطاعت استقطاب بعض من فرق الجيش أو القبائل الموجودة في الدولة لصالح مواجهتها ضد النظام السياسي الذي يستخدم أقصي درجات العنف والقمع. يبعد كل ذلك الموقف عن وصف الثورة، ويقر به من مفاهيم العنف المجتمعي والعنف الحكومي، بما يهدد بسقوط الدولة ككل أو تفككها، وليس فقط بتغيير النظام السياسي.الواقع أن التاريخ المعاصر لحركات التغيير الاجتماعي والسياسي، بداية من الثورة البرتغالية في أوكرانيا، ومرورا بلحظات التغيير السياسي في أمريكا اللاتينية، وانتهاء بما يحدث في الوطن العربي، يتطلب منا العديد من المراجعات لتعريف الأسباب والنتائج والآليات والقوي أو بعبارة أخري للظاهرة الثورية ككل.فإذا بدأنا بالأسباب، فقد ارتبطت الثورات تاريخيا بمجموعة من الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وغلب علي بعضها المطالب السياسية المرتبطة بالتطور الديمقراطي للنظام (كالثورة الإنجليزية)، وغلب علي تجارب أخري الأسباب الاقتصادية (كالثورة الفرنسية، والثورة البلشفية)، وارتبط بعضها بجهود التحرر من الاستعمار والنفوذ الأجنبي،وبمقاومة المشروع التغريبي .
أما في القرن الحادي والعشرين، فبالرغم من الفقر، وانخفاض الدخل، وسوء الأداء الاقتصادي، وما يرتبط به من فساد في الإدارة، وسوء توزيع العوائد في الدول التي شهدت حالة ثورية، فتبدو الأسباب السياسية هي الأكثر قدرة علي الدفع في اتجاه الثورة، مع بقاء العوامل الاقتصادية بمثابة العامل المحفز للملايين علي الانضمام للفعل الثوري، بما يؤدي في النهاية إلي سقوط النظام السياسي.
هل نحن بحاجة لإعادة تعريف الثورة؟ نعم، فنحن نحتاج لتعريف يرى في الثورة عملية تحول مجتمعي وسياسي واقتصادي، ويرى في نخبتها الجديدة غير المركزية وغير الأيديولوجية وغير المؤسسة فرصا أكبر في مشاركة الجماهير في اختيار نظامها الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.