✒ زرت بالأمس الرجل الوقور العم محمود آشي والذي احتفى بي في منزله العامر بكل بشاشة وأريحية وكرم ذكرتني بوالدي رحمه الله تعالى في بساطته وحبه للآخرين. وكان حديثي معه عن ذكرياته في مكة حيث كان يسكن بجوار الحرم المكي الشريف في (الفلق) وكيف كان الناس في تلك الحقبة متحابين ومتآلفين على قلة ذات اليد وبساطة الحياة. وبدأ يصور لي الحياة المكية بحديثه العذب ويتحدث عن العادات والتقاليد الجميلة في المناسبات عند أهل مكة مثل (الرفد) والذي يعتبر الجسر التعاوني بين الجيران والأسر ويرتبط بالأفراح والمناسبات لدى العوائل الحجازية ويعد من أساليب التكافل الاجتماعي في تلك الحقبة ويتنوع الرفد بحسب أحوال الناس واستطاعتهم ؛ فمنهم من يقدم الذبائح ومنهم من يستأجر الأحواش أو يقدم الأسطح تبرعا منه لإقامة المناسبات فيها. ومنهم من يتعهد بإقامة وليمة العشاء ومنهم من يتعهد بالكوشة والكراسي كل بحسب إستطاعته في جو من التلاحم والتلائم والفرح والسرور. وهذا يبين مدى حرص المجتمع المكي على التكاتف الإجتماعي بين الأهل والأصدقاء والجيران. وأعتبر ذلك من أهم أسباب نجاح ذلكم الرعيل من أمثال العم محمود وأقرانه وغيرهم بتكاتفهم وحبهم الدؤوب للخير وأهله . فأوجدوا السعادة في حياتهم ونثروها لغيرهم من الأبناء والأحفاد والجيران. وقد سعدت البارحة في جلستي مع الوالد العم (محمود آشي) والذي يحب بمجرد رؤيته والجلوس معه وأنا أشهد الله تعالى على محبته فيه ، فإنه يأسرك بتواضعه وحديثه الممتع والشيق عن "الذكريات" من الماضي الجميل. ولسان الحال يقول عن رؤيته: تخالف الناس إلا في محبته كأنما بينهم في وده رَحمُ
