الذكاء الاصطناعي AI لم يعد فكرة خيالية أو صيحة عابرة بل يمثل تحولًا عميقًا في مسيرة الإنسان نحو توسيع حدود المعرفة والإبداع فكما غيّر الإنترنت شكل العالم خلال العقود الماضية يسير الذكاء الاصطناعي بخطى أسرع وأوسع تأثيرًا ليعيد تعريف مفاهيم العمل والتعلم والإنتاج . عبر التاريخ بالغ البشر في التنبؤ بقدرات التقنية الجديدة اعتقدوا أن الراديو والتلفزيون سيحدثان ثورة في التعليم لكنهما تحولا إلى أدوات ترفيهية بينما قلّل آخرون من شأن الإنترنت حتى ظنوه لا يتجاوز تأثير الفاكس ليتحول لاحقًا إلى أعظم ثورة معرفية في التاريخ الحديث الدرس هنا أن التقنية ليست التي تفشل بل نحن حين نسقط عليها توقعات غير واقعية أو نوجّهها لأغراض سطحية . منذ أن صاغ العالم جون مكارثي مصطلح Artificial Intelligence في خمسينات القرن الماضي كانت الفكرة بسيطة جعل الآلة تفكر مثل الإنسان ومع مرور الزمن تطورت أنواعه لتشمل ثلاث مراحل رئيسية تمثل درجات الوعي الاصطناعي : 1. الذكاء الاصطناعي المحدود ANI هو الموجود اليوم في معظم تطبيقاتنا اليومية يؤدي مهام محددة بكفاءة عالية مثل الترجمة أو تحليل البيانات أو تشخيص الأمراض لكنه لا يملك القدرة على التفكير خارج نطاق المهمة المبرمجة له إنه ذكي في شيء واحد فقط 2. الذكاء الاصطناعي العام AGI هو الحلم الذي يسعى العلماء لتحقيقه حيث تستطيع الآلة التفكير والتعلم والإبداع في مجالات متعددة مثل الإنسان هذا المستوى لم يتحقق بعد لكنه يقترب مع التطورات في النماذج اللغوية والتعلم العميق 3. الذكاء الاصطناعي الخارق ASI هو المستقبل البعيد الذي قد تتفوق فيه الآلة على الإنسان في جميع القدرات الذهنية والإبداعية وقد يقود إلى ما يسمى التفرد التكنولوجي حيث يصبح للآلة وعي مستقل وتطور ذاتي . ومع أن هذه المراحل تبدو مخيفة للبعض إلا أن جوهر الذكاء الاصطناعي ليس في منافسة الإنسان بل في تمكينه فالذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف بل يخلقها من جديد ولا يهدد العقول بل يوسع آفاقها الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا للبشرية بل مرآة لتفكيرها من يفهمه ويستخدمه بذكاء سيقود المستقبل ومن يخشاه دون فهم سيتجاوزه الزمن نحن أمام فرصة لا تقدر بثمن لتشكيل الغد بعقولنا لا بخوفنا . المستشار فرحان حسن X: https://twitter.com/farhan_939 e-mail: [email protected]