إن المضي نحو التعليم الشامل ليس ترفًا تربويًا، بل هو استحقاق إنساني وأخلاقي، وبدأت المؤسسات في إعادة النظر حيال مفهوم بقاء الفصول المستقلة كنمط دائم، وتحولها إلى خطوة انتقالية نحو الدمج الحقيقي. وفي ظل التطورات التربوية العالمية والمحلية، لم يعد مقبولاً – من وجهة نظري الشخصية- أن تكون الفصول المستقلة خياراً دائماً ومستمراً، بل ينبغي أن تُوظف كحل مرحلي مؤقت، يهدف إلى تهيئة الطالب للانتقال إلى بيئة تعليمية دامجة وشاملة. إن الأطفال ذوي الإعاقة بشكل عام يمتلكون قدرات متنوعة، ولا يمكن تطوير هذه القدرات في بيئة معزولة عن أقرانهم. فالفصل المستقل، رغم ما يوفره من هدوء ودعم فردي، قد يحد من فرص الطالب في تنمية مهاراته الاجتماعية والتواصلية، والسلوكية. كما أن رؤية المملكة 2030 تسعى إلى دمج وتمكين ذوي الإعاقة في جميع مناحي الحياة، من خلال توفير بيئة تعليمية دامجة تضمن المساواة في الفرص وحقهم في الاندماج الكامل. وقد أكدت دراسات عدة أهمية الدمج التربوي وفعاليته، منها دراسة (Smith, 2018) التي تشير إلى أن الطلاب ذوي الإعاقة الذين يتم دمجهم في الفصول العامة يظهرون تطوراً أكبر في مهارات التواصل والسلوك مقارنةً بمن يُدرّسون في فصول منفصلة. كما أشارت دراسة Gut,2021) & Alquraini,) إلى أن السياسات التعليمية الشاملة تحقق نتائج إيجابية لذوي الاعاقة عندما تكون مدعومة بتكييفات فردية مناسبة داخل الصف العام. تدعو التوجهات التربوية الحديثة إلى الدمج الشامل بدلاً من الفصل؛ لذا فإن نمط الفصول المستقلة ينبغي أن يكون "حلاً مؤقتاً كمحطة تدريبية وتأهيلية مؤقتة؛ ليس بغرض عزلهم أو استبعادهم؛ بل بغرض منحهم فرصة أكبر للتقدم الأكاديمي في المناهج التعليمية، والتحسن في السلوكيات الصعبة، أو (غير المقبولة) التي تعرقل من نجاحهم الأكاديمي، والعمل على ضبطهم وزيادة تقبلهم الاجتماعي. نحن نؤمن بتعدد الخيارات التعليمية في أنماط الدمج وتنوع الفصول؛ إلا أن هناك عدد من المبررات الذي يجعل نمط الفصول المستقلة حلاً مؤقتاً، ومنها الحق في التعليم الشامل، وحقهم في التعلم ضمن بيئات تعليمية عامة مع أقرانهم، الحد من مخاطر العزلة الاجتماعية التي قد تعززها الفصول المستقلة وتحد من فرص التفاعل الاجتماعي وتطوير المهارات الحياتية اللازمة للاندماج في المجتمع، إن مفهوم الدعم لا يعني الفصل، حيث يمكن توفير التكييفات والدعم السلوكي والأكاديمي داخل الفصول العامة دون الحاجة لإبقاء الطالب في فصل خاص، وقد حظر نظام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة "التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة" ومنحهم كافة الفرص المتساوية في اختيار البيئة والمكان التعليمي المناسب. مما يعني أن يكون الهدف الأسمى هو أن يكون دور الفصول المستقلة مرحلة انتقالية مؤقتة تهدف إلى تأهيل الطالب وتنمية مهاراته ليتمكن من الانتقال لاحقاً إلى بيئة تعليمية دامجة بالكامل. ويُفترض أن تكون هذه الفصول المستقلة مقتصرةً على بعض الحالات التي يُعد دمجها أمر بالغ الصعوبة أو شبه مستحيل. وفي المقابل فإن دمج ذوي الإعاقة في الفصول العامة لا يعني عدم تكييف البيئة لهم وفق احتياجاتهم ومتطلباتهم، بل يستوجب منا تقديم كافة أنواع الدعم الأساسي والإضافي الذي يحتاجونه أكاديمياً، وسلوكياً، وتواصلياً، واجتماعياً.. ليتمكنوا من الاندماج في الفصل العام بثقة واستقلالية تامة. د. أروى علي عبد الله أخضر متخصصة في تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة