من المنافع/- أولا - التوفيق لإكمال المسلم دعائم دينه ؛ فإن الحج ركن من أركان هذا الدين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان )). ثانيا : تعود الانقياد والاستلام لأوامر الله عز وجل وإن لم يظهر لعقلك وجه الحكمة فيها ؛ فأنت أخي الحاج في هذا المكان المخصوص من بين بقاع الأرض كلها ،ولأداء هذه العبادة في هذا الوقت المحدد لها ، وتطوف بهذا البيت ، وتقبل هذا الحجر ، وترمي الجمرات .. كل ذلك انقيادا لأمر الله عز وجل بذلك ؛فيهون عليك تنفيذ كل الأحكام الشرعية وإن لم يظهر لعقلك وجه الحكمة منها، وتنقاد لكل ما من شأنه أن يعلي هذا الدين وإن لم يظهر لك أنت ما ظهر لغيرك في ذلك. ثالثا : التذكير ببعض الأمور المرحلية التي سيمر بها المرء لا محالة ، كالموت والبعث والجزاء فيعد لها العدة اللازمة من زاد ومركب ينجيه من مهالك الطريق ويجنبه عثراته ، وفي الحج صور مصغرة لبعض تلك الأمور المرحلية؛ فأنت بخروجك – أخي الحاج – من بلدك لابسا ثوب الإحرام ، وقد سكب الأهل العبرات عند توديعك تتذكر خروجك من بينهم من دار الدنيا إلى الدار الآخرة خروجا لا لقاء بعده في هذه الحياة فيهون عليك هذا الخروج الذي ترجو بعده اللقاء والوصال وتعد العدة لذلك السفر كما تعدها لهذا السفر ، وأنت بعد في مهلة من أمرك ؛ وبوقوفك بصعيد عرفة في هذا الجم الغفير تتذكر موقفك في الحشر حين يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ،وتدنو الشمس ويلجم الناس العرق ويشتد الكرب والخطب فتعد العدة لذلك الموقف أنت ما زلت في مهلة من أمرك. ؛ وبانصرافك من عرفة عشية دنو الرب ومغفرته لعباده في هذا اليوم العظيم تتذكر الوقوف بين يدي الله عز وجل وانصرافك من ذلك الموقف إما إلى جنة وإما إلى نار فتنشط لإعداد العدة وأنت بعد في مهلة لإدراك الخلل قبل أن تتمنى الرجوع فلا تمكن من ذلك ، قال تعالى : ] حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) وقال : (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ) رابعا - غفران الذنوب لمن حج هذا البيت مخلصا لله في حجة متبعا أوامر الله ومجتنبا نواهيه؛ قال تعالى : ] فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى قال إمام المفسرين أبو جعفر الطبري رحمه الله – بعد أن ذكر خلاف المفسرين في معنى هذه الآية - :"وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال تأويل ذلك : فمن تعجل من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه يحط الله ذنوبه إن كان قد اتقى في حجه فاجتنب فيه ما أمر الله باجتنابه وفعل فيه ما أمر الله بفعله وأطاعه بأدائه ما كلفه من حدوده ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن فلم ينفر النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول فلا إثم عليه لتكفير الله ما سلف من آثامه وإجرامه إن كان قد اتقى الله في حجه بأدائه حدوده " ثم ساق الطبري – رحمه الله جملة من الأحاديث الدالة على تكفير الحج للذنوب. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )) وفي رواية مسلم لهذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه )) والإتيان أعم من الحج إذ تدخل فيه العمرة . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( رجع كيوم ولدته أمه )) يعني غفران ذنبه وأنه خرج من حجه مغفور الذنب كالمولود الذي لم يجر عليه قلم التكاليف ، وقد جاء التصريح بغفران ذنب الحاج في رواية الترمذي لهذا الحديث بلفظ : (( من حج فلم يرفث ولم يفسق غفر له ما تقدم من ذنبه )) خامسا : الفوز بالوقوف في صعيد عرفة في ذلك اليوم العظيم والمكان المشهود عشية يدنو الرب جل وعلا فيباهي بأهل ذلك الموقف ملائكته ، ويغفر الذنوب ، ويصفح عن الزلات ويحقق الآمال والمطالب ، ويعتق الرقاب من النار ؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء )) وأخرج مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة ، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام ، إلا ما أري يوم بدر قيل ما رأى يوم بدر يا رسول الله ؟ قال : أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة)) وقال أبو عمر بن عبد البر : "هذا حديث حسن في فضل شهود ذلك الموقف المبارك ، وفيه دليل على الترغيب في الحج ، ومعنى هذا الحديث محفوظ من وجوه كثيرة ، وفيه دليل على أن كل من شهد تلك المشاهد يغفر الله له إن شاء " وللحديث بقية إن شاء الله كتبه / حمود سعيد الحارثي واتس اب 0504743110