أقدار الله واقعة لا محالة ، الإيمان بها ركن و خلافه خروج من دائرة الإسلام إلى وحل الكفر. والخلط بين الابتلاء و العذاب أمر واقع في مجتمعنا ،حيث تختلف لغة الموقف باختلاف الإنسان و المكان. فعندما يبتلي الله مؤمنا بمرض تجد الأقربين إلى ثلاث أوجه . فالصديق الحميم يعزو ذلك إلى أن الله "إذا أحب مؤمن ابتلاه"، بينما القريب الضامر سوءا يفسر ذلك بقوله "ما نزل بلاء إلا بذنب " ثم يبدأ بسرد مواطن تقصير ذلك الرجل وكشف ما استتر منه ،بينما يذهب ثالث إلى قانون "كوارث الطبيعة " و تفنيد واكتشاف الأسباب التي أدت لنشوء هذا المرض متجاهلا قدرة الله وقدره. خذ هذا مثالا و قس عليه ما يحدث من كوارث و حوداث كلها من قدر الله و تدبيره وحكمته . "سقوط رافعة مكة" حرك مياه الجدل و النقاش شأنه كغيره من الحوادث التي يتسابق ذوو الاختصاص و الانتقاص في الحديث عنها و محاولة إمساك قصب السبق في طرحها. ما إن سقط ذراع الرافعة إلا وارتفعت الألسن من كل صوب و حدب ، فمنهم من أرجع ذلك إلى ضعف إمكانيات الجهة المسؤولة أو التقليل من شأن الشركة المنفذة متجاوزين في ذلك أن الأمر قدري محض. بينما الطرف الآخر وهو الأكثر عداوة ذهب إلى التشكيك في قدرات حكومة منحها الله شرف خدمة ضيوفه ، ولأنهم ينتظرون حادثة كهذه فقد أهرعوا عبر قنوات و إذاعات رسمية أو غير رسمية للنيل من مكانة هذه الدولة ومن ثم زعزعة الثقة بين شعوب الإسلام و الدولة الأم . والطرف الثالث الأشد حمقا ونفورا هم الذين تكلموا عن العذاب والريح الصرصر متناسين أن بلد الله الأمين لم ولن يكون بلدا للعذاب وإنما هو بقعة الأمن و الرحمة. المحزن في الأمر أن أنصاف المثقفين و من هو في حكمهم تناولوا الموضوع بعيون "السخط التي تبدي المساويا ". أعجبني الحديث عن عظم الزمان و المكان و عظم الخاتمة لاشك .و هو لسان حال المؤمن وأهل الإيمان .. لكن حقيقة ... كنا نفتقر بعد الحادثة و غيرها من الملمات إن جرت إلى خطاب موجه لا ليصف كيف سقطت الرافعة فحسب بل خطاب يرفع إسقاطات أولئك الكاذبين .. نحن بحاجة لخطاب مسؤول يتناول الموضوع من كافة جوانبه الإلهية و الكونية و التقنية و الإنسانية ، خطاب لايبقى شاردة ولا واردة من حيثيات الحدث إلا و يصفها و يظهرها ليكمم أفواه أولئك . الحوادث لن تنتهي لأننا نعيش زمانها و هي سنة الله في أرضه ،لكن ما يجب أن يزول تماما تطفل أشباه الإعلاميين و أتباعهم على شؤون هي أعلى من مستوى إدراكهم . حرية الرأي ليست في أن تصبح قناة لتمرير كرهك أو حقدك أو تبعيتك لأتباع الشيطان. نعم للإعلام الموجه ،نعم للخطاب المسؤول،، ولا لتمرير الأسهم المسمومة عبر قوس الإعلام المأجور..