الحياة مليئة بالمشاكل والمنغصات التي تجعلنا نحزن ونتكدر، نهيم في بحور متلاطمة الأمواج نتخذ فيها الهموم قوارب والأحزان مجاديف والهجر قبطانا، ورغم تلك الأمواج والرياح العاتية نرمي بصنانيرنا بحثا عن سمكة السعادة المزعومة التي طالما انتظرناها كثيرا. إن للسعادة مسببات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ولكني سأحاول أن أذكر منها أمرين لهما أهمية كبيرة في حياتنا اليومية أولا: إرضاء الخالق سبحانه وتعالى، ثانيا: مشاركة الآخرين فلا يمكن لفرد أن يعيش منعزلا عن المجتمع ويكون سعيدا. لا بد من مشاركة الناس في السراء والضراء والتواصل معهم؛ لأنهم جزء من سعادتنا. مساكين نحن البشر، تذوقنا في هذه الدنيا من أشكال الحزن والألم والنكد والفراق ما يجعلنا نكره هذه المصطلحات. إن السعادة مطلب للجميع والكل يبحث عنها في الدنيا وفي الآخرة، وقد قالوا عنها الكثير والكثير. فقد قال الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه (هكذا علمتني الحياة): (في حوار مع السعادة) قيل للسعادة: أين تسكنين؟ قالت: في قلوب الراضين. قيل: فبم تتغذين؟ قالت: من قوة إيمانهم. قيل: فبم تدومين؟ قالت: بحسن تدبيرهم. قيل: فبم تستجلبين؟ قالت: أن تعلم النفس أنه لن يصيبها إلا ما كتب الله لها. قيل: فبم ترحلين؟ قالت: بالطمع بعد القناعة؛ وبالحرص بعد السماحة؛ وبالهم بعد السرور؛ وبالشك بعد اليقين. السعادة ليست بالمال ولا بالجاه، ومن كان يظن أن السعادة تأتي بالمال والجاه فقط فهو على خطأ. حيث إننا نرى شبابا وفتيات أثرياء، ولكنهم ليسوا سعداء، وفي المقابل نجد مثلهم فقراء لا يجدون إلا قوت يومهم وتراهم سعداء، إذاً المشكلة ليست في المال والجاه فقط، بل في تصرفاتنا وعدم فهمنا للطرف الآخر وإعطائه فرصة التعبير عن رأيه، وكذلك التخطيط السليم في التعامل مع مناهج الحياة المختلفة.