عشرة أيام قضاها 80 فردا من الموقوفين على خلفية أحداث الخبر، بينهم 66 في سجن شرطة الخبر و14 مراهقا (أعمارهم أقل من 18 عاما) في دار الملاحظة؛ وذلك من أجل استكمال التحقيقات والتوصل إلى المتورطين الفعليين في أحداث التجمهر والتخريب والتكسير التي نشبت على الواجهة البحرية لكورنيش الخبر الأربعاء قبل الماضي تزامنا مع اليوم الوطني. وتفاوتت أسباب إيقاف المحتجزين بين “القيام بأعمال تخريب وتكسير وسرقات” إلى جانب تهمة “التجمهر” التي أدين فيها نحو 50 من الموقوفين. وفي سجن شرطة الخبر، تحدثت “شمس” مع عدد من أمهات وأقارب بعض الموقوفين، أثناء حضورهم لزيارة أبنائهم أو للاطلاع على آخر ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية بحقهم. وكما هو متوقع فإن معظم الأهالي يرون أن أبناءهم “لا يمكن” أن يخرّبوا أو يسرقوا أو يُحدثوا الفوضى. وقال كثيرون منهم: “إن الموقوفين من أقاربهم لم يكونوا ضمن المشاغبين والمخربين، وإنما تصادف وجودهم في الموقع ساعة البدء بالتوقيفات”. وعلى أي حال فإن معظم المواطنين على ثقة بقدرة الأجهزة الأمنية على تحديد القائمين فعليا بأحداث الشغب من عداهم. ويتوقعون أن تثبت التحقيقات المتتابعة صحة وجهة نظرهم عن أبنائهم. ويستضيف هذا التحقيق أمهات وأقارب ثلاثة من الموقوفين، كما ينقل رؤية مختصرة لشرطة المنطقة، إلى جانب وجهة النظر القضائية في هذه الأحداث ومرتكبيها. في بداية الحديث مع “أم راكان”، الذي أوقف ابنها (راكان 20 سنة) ليلة الأحداث، أكدت بشكل قاطع أن ابنها “لم يكن مع المخربين ولا علاقة له بما حدث”، على حد زعمها وبسؤالها عما إذا كانت مرافقة لابنها تلك الليلة، أجابت بالنفي، غير أنها عادت للتأكيد بأن ابنها الموقوف كان مع أصدقائه في “الجهة المقابلة” من الموقع الذي حدثت فيه أعمال الشغب. وأضافت: “قال لي راكان إن الشرطة أقامت حواجز تفتيش وطلبوا منهم تسليم بطاقاتهم الشخصية ومراجعة قسم الشرطة؛ لاستلامها وعندما ذهبوا بأنفسهم إلى قسم الشرطة تم إيقافهم”. وبرهنت على ذلك بتأكيدها أن ابنها هاتفها عندما سُحبت بطاقته، وقال لها إنه سيراجع قسم الشرطة؛ لاسترداد بطاقة هويته، وإنه سيلتقي بنا (أي أسرته) في أحد المجمعات التجارية، حيث كنا نتنزه ذلك اليوم”. وتضيف: “انتظرناه طويلا غير أنه لم يأتِ، فاتصلت بخاله الذي ذهب إلى قسم الشرطة؛ للاستفسار، فقالوا له إن الشاب موقوف عندهم، وإن قضيته لدى الإمارة، ويجب انتظار البت بها”. وتواصل: “ذهبنا إلى الإمارة، لكن اكتشفنا أن القضايا التي رفعت إليها هي المتعلقة بالأحداث وصغار السن وليس البالغين، وأخبِرنا بأن متابعة قضايا البالغين تتم عبر الشرطة”. وقالت أم راكان: إنها كانت “تتمنى لو أن الشرطة أخبرتهم منذ اليوم الأول بأن التوقيف سيطول”، ذلك أنها بحسب قولها كانت تراجع مركز الشرطة يوميا منذ الأحداث “وفي كل يوم يعطونا موعدا لإطلاق سراحهم، لكن مرت الآن عشرة أيام من دون ظهور نتيجة”. وأضافت أم راكان: إنها امرأة عقلانية وتعرف أن المخطئ يجب أن يُعاقب ويُجازى، وأن القائمين بأعمال الشغب يجب أن تنالهم العقوبة التأديبية المناسبة، لكنها تطالب بتحديدٍ بيّن وواضح وفوري للمخربين؛ حتى يُطلق سراح بقية المشتبه بهم. أم محمد: سوء فهم أوقف ابننا من جهتها قالت أم الموقوف (محمد 21 سنة)، وهو طالب في جامعة الملك فيصل بالأحساء: إن التواصل مع ابنها الموقوف “صعب للغاية”، وأضافت: “أولادنا لا يمتّون لأعمال التخريب بصلة”. وأوضحت باكية، أن محمد ابنها الوحيد، وأنه كان يأخذهم منذ بدأت عطلات اليوم الوطني؛ للتجول ومشاهدة الاحتفالات، لكنه في ذلك اليوم خرج مع أصدقائه “وهم أصدقاء نعرفهم جيدا ونثق في تربيتهم وأخلاقهم”. وتواصل: “عند الساعة الثانية صباحا من تلك الليلة اتصلت به ولم يرد عليّ واتصلت بأصدقائه ولم يرد أحد منهم أيضا، ثم اتصلتُ بوالدة أحد أصدقائه التي أخبرتني بما حدث، فخرجت في ذلك الفجر نحو قسم الشرطة مع والده، وعندما سألنا عنه قالوا إنه (مخرب) وقد صُدمنا جدا من وصفه بذلك؛ لأننا نعلم أن هناك سوء فهم للموضوع”. ولم تبدِ أم محمد رضاها التام عن تعامل مسؤولي قسم الشرطة مع أهالي الموقوفين وقالت إنهم ظلوا يرددون عليهم: “كيف تزورون أبناءكم وهو موقوفون بأحداث شغب؟”، وأضافت: “لو كانوا كذلك لوقفنا نحن مع أجهزة الأمن؛ لتأديبهم، بل ولقمنا بتسليمهم بأنفسنا لو علمنا أنهم متورطون ولم يقبض عليهم، لكننا على شبه ثقة بأنهم بريئون مما حصل، خاصة أن الكثيرين قالوا إن معظم المخربين الفعليين هم من خارج المنطقة وغادروا في تلك الليلة، بينما وقع أبناؤنا ضحية لوجودهم في المواقع المخصصة للاحتفالات والتجمعات”. وفي أثناء الحديث مع أم محمد، وصل ثلاثة من رفاق ابنها الذين يعملون معه في شركة أرامكو، وهم محمد البيشي وسلمان الشيخ وشايع الظفيري، وقالوا إنهم قدموا من الأحساء لزيارة زميلهم، لكن الزيارة كانت ممنوعة، وظلوا يتحدثون مع أم صديقهم ويواسونها، في حين انتقلت “شمس” إلى السيد أبوعبدالمحسن (70 سنة) وهو جد الموقوف محمد، وقال: “بعد احتجاز محمد فجر الخميس أبلغونا بأنه سيخرج السبت، وتأجل ذلك إلى الأحد ومنه إلى الاثنين حتى وصلنا إلى يومنا هذا”. أم عبدالله: لا أستطيع زيارته إلى ذلك قالت أم موقوف آخر اسمه عبدالله: “إنها لم تشاهد ابنها منذ إيقافه على عكس والده وأخواله الذين يزورونه”، وأوضحت أنهم لا يزالون حتى الآن يجهلون موعد الإفراج عنه. وأضافت: “بلغني عن طريق والدة أحد الموقوفين التي كانت موجودة في مركز شرطة الخبر لزيارة ابنها أن ابنها أخبرها بأن عبدالله مصاب بارتفاع الحرارة، وحضرت لرؤيته، لكن الزيارة كانت ممنوعة ولم أنم طوال الليل وفي اليوم التالي بعد علاجه سمحوا له بالاتصال عليّ؛ لطمأنتي”.