كم عدد الشباب الذين رأيت في رأسهم شعرا أبيض؟ شخصيا رأيت الكثير من الشباب في سن 20 و30 و40 لديهم بعض الشعر الأبيض الذي يرمز للشيب، وعندما أسألهم عن السبب، يرددون دائما إجابة واحدة «من التفكير!» التفكير في المستقبل وفي تأمين الحياة الكريمة وفي الزواج وفي بناء المنزل «هذا وحده يشيب الرضيع»، كلها متطلبات والتزامات يصعب تجاوزها أو تأجيلها، والتفكير فيها باستمرار يسبب الكثير من الأمراض كالقلق والاكتئاب وربما التفكير في الانتحار. لا أبالغ، هنالك الكثير من المشاكل في المجتمع هي نتاج لعدم وجود التخطيط أو نتاج للتخطيط السيئ، لذلك هذا المقال موجه للشاب «الموظف» حديثا الذي يسعى لبناء حياة خالية من الديون وكل ما تجره الديون من مشاكل ومنغصات للحياة. حتى تقضي على تلك المشاكل وتحولها لمشاريع رائعة وناجحة اكتبها ثم ضعها أولويات ثم خطط لها بشكل جيد، هنا سأتحدث عن الالتزامات التي يجب أن تحققها في بداية 20 من عمرك وقبل بلوغك سن الأربعين. أعني تلك الالتزامات المادية التي لا تقوم الحياة إلا بها كالزواج، المنزل، السيارة، مشروع تجاري.. ربما هذه الأربع تحير الكثير من الشباب المقبل على الحياة، وأحيانا تجره إلى «ديون» يستمر في سدادها أعواما طويلة، وهي شبه ثابتة لدى الجميع، لذلك عليك القضاء على المشاكل التي تنغص عليك استمتاعك بالحياة ومنها. المشكلة الأولى: عدم تحديد الأولويات ما الأهم: شراء المنزل أم السيارة؟ ما الخيار الأفضل الزواج أم افتتاح مشروع لزيادة الدخل الشهري؟ يحار الكثيرون، وربما يختار أحدهم خيارا غير صائب كشراء سيارة بنظام الأقساط لفترة خمسة أعوام ليقضي تلك الأعوام وهو يسدد ويخصم من مرتبه، ويضيع ما تبقى من الراتب في أمور أخرى كتسديد فواتير الهاتف، أو المصاريف الشخصية وغيرها، وربما يقع في الفخ مرة أخرى بحيث إذا تبقى على سداد القرض فترة عام، استجاب لمغريات البنوك وأسلوبها التسويقي وأضاف قرضا آخر «قرض مضاف»، وهو بذلك يستمر في سلسلة الاقتراض أعواما طويلة بفائدة مرتفعة وتبقى قراراته المالية في يد غيره، دون أن يحقق شيئا من أهدافه. بالطبع لكل شخص ظروفه الخاصة وهي ما تحدد قراراته القرار الصائب برأيي هو تقسيم الأولويات بناء على «أهداف يراد تحقيقها» وتقسيمها كما سأوضح في المشكلة الثانية. المشكلة الثانية: عدم كتابة وتحديد الأهداف الكل يريد أن يتزوج ويشتري أرضا ويبني منزلا ويشتري سيارة ويفتتح مشروعا تجاريا، لكن هل تعلم متى ستتزوج؟ وكيف ستشتري السيارة؟ وكيف؟ وبكم ستبني المنزل؟ دقة الإجابات هنا تعتمد على دقة التخطيط. أما إذا لم تكن تملك إجابة واضحة فأنت مخطط سيئ، تستطيع أن تريح رأسك إذا جعلت لك أهدافا «قصيرة، ومتوسطة، وطويلة المدى» كالتالي: الأهداف قصيرة المدى: هي تلك الأهداف التي تريد تحقيقها خلال عام أو عامين فقط، بحيث تخصص لها خطة زمنية تنتهي خلال هذه الفترة، كشراء سيارة عن طريق ادخار مبلغ معين من الراتب لفترة 24 شهرا. الأهداف متوسطة المدى: هي تلك الأهداف التي تريد تحقيقها خلال عشرة أعوام، كشراء منزل أو الزواج، البدء في مشروع يستمر في النمو خلال عشرة أعوام يكون مصدر دخل ثابت يغنيك عن الوظيفة. الأهداف طويلة المدى: هي تلك الأهداف التي تزيد على عشرة أعوام كخطة لوضعك بعد التقاعد، أو خطة لمستقبل أبنائك، أو ممارسة عمل تجاري. المشكلة الثالثة: الإدارة الخاطئة للمال هذه سأكتب عنها دائما، أعني الإدارة الخاطئة للمال، الكثير يشتكي من غلاء الأسعار، قلة الرواتب، قلة البركة في الراتب، كل هذا شيء صحيح بنسب معينة لكنه لا يعني أن يكون إنفاقك للمال بشكل عشوائي ويكون صرفك دون حساب، فمن يصرفون دون حساب دائما لديهم أزمة تبدأ في نصف الشهر بعد أن يطير الراتب ولا يبقى أي شيء، ويكون الحل الوحيد هو «التلف» أعني السلف. تستطيع أن تحقق أهدافك المالية خلال 30 عاما قادمة إذا راقبت مصاريفك خلال 30 يوما، ومنها تعرف ما هو ضروري وما هو غير ضروري، فالصرف لا بد أن يكون مبنيا على بنود، بند لمصاريف المنزل، وبند للفواتير.. وهكذا، حتى تستطيع أن تحدد مبلغا معينا لكل بند وبهذا يكون لديك إدارة واعية للمال وتعرف كيف توفر وتصرف وتعطي لكل بند أحقيته من المال. المشكلة الرابعة: التوقف عن إكمال الخطط لسبب ما أو ظرف ما قد تفشل إحدى الخطط أو يعترضها ظرف آخر لإكمالها، وهذا يجعل البعض يضرب بالخطة عرض الحائط ولا يخطو أي خطوة أخرى نحو التخطيط، وهذا عمل وتفكير عشوائي مبني على ضعف الإرادة والعزيمة لذلك من يريد النجاح لكل خططه وأفكاره عليه أن يتحمل كل العقبات والظروف التي في طريقه حتى يصل لمبتغاه. أما لماذا أكتب عن هذه الأربعة الالتزامات؛ فلأني أعرف بعض الزملاء ما زال يسدد في ديون زواجه أي بعد خمسة أعوام من الزواج، ولدي زملاء وأقرباء يقترضون ثم يقترضون ثم يقترضون لكي يظهروا أمام الناس بسيارة فارهة! ولدي أخ «15 عاما» يريد أن يفتتح مشروعا خاصا ولم يقرر حتى الآن. السكن يشكل أزمة في السعودية، الأراضي، تكاليف البناء، الإيجارات كلها في ارتفاع.. وهنالك الكثير من المواطنين ما زالوا يحلمون بسكن. انظر حولك وتعلم من أخطاء غيرك، وخطط لمستقبلك جيدا حتى تعيش حياة هادئة وسعيدة . مدونة سفر بن عياد http://akhuraif.com/blog