ثار البركان وألقى بالحممِ في وجه العالم، هذا البركان هو الموقع الإلكتروني «ويكليكس» الذي خرج من حدوده الإلكترونية ليعلن عن نفسه – بعد كشفه عن المستور- بأنه العدو الأول للسياسة الدولية. ويكيليكس هو موقع إلكتروني عالمي – غير ربحي – يديره مجموعة متطوعين من الإعلاميين والمحامين من مختلف أنحاء العالم، لهدف واحد كما جاء في موقعهم «توفير المعلومات والأخبار، وأن تكون معرفة الحقيقة حقا مشتركا للجميع». الوثائق التي يهتم الموقع بكشفها تتعلق بالحروب والعنف والقتل والفساد والقرصنة الإلكترونية والتجسس والمنظمات الدينية وانتهاك حريات الشعوب. الإصدار الأخير للوثائق كان الأكثر إزعاجا، ربع مليون وثيقة أحدثت ربكة دولية كبيرة تساقطت معها مبادئ الكثيرين ممن كنا نعتقد بأنهم نموذج للحرية، ومدرسة لحقوق الإنسان. الولاياتالمتحدة ومعها دول أوروبية كثيرة طالبت منذ اللحظات الأولى بسحب الوثائق السرية، والتفاوض مع القائمين على الموقع بشأنها، في وقت تسابقت صحف عالمية أخرى في حصرية النشر ونقل الخبر، ليكون مادة دسمة للعالم أجمع. ردة فعل العالم الغربي – الحر- تجعلنا نتساءل هل تتعارض الحرية مع الحقيقة؟ وبالرغم أيضا من أهمية معرفة هذه الوثائق السرية، إلا أن هناك عاملا مؤثرا قد يسحب البساط من أهميتها ألا وهو عامل الزمن. حيث أتت هذه الوثائق بأسرارها الغنية متأخرة، فما الجدوى من معرفة ما حدث داخل الأروقة ما دام الحدث وقع وانتهى! إلا إذا كانت هناك رغبة جادة من المحكمة الدولية باتخاذ موقف مسؤول ومحاسبة المتهمين. وبذلك كون ويكيليكس قد نجح في تحقيق أهم هدف يتجاوز كشف الوثائق ألا وهو تحقيق العدالة. هناك قول لفولتير يقول فيه بأن السياسة يجب أن تُبنى على وقائع. تُرى هل ستُبنى السياسة الجديدة على وثائق؟ ماذا بعد ويكيليكس؟ ماذا ننتظر بعدُ؟