حرب ضروس تدار دون أسلحة، الغموض قوتها، والفوضى والتقمص والتشويه أهم أهدافها، قد لا تتوقف الحرب في ظل المساحة الواسعة التي تملأ الشبكات العنكبوتية التي وفرت فرصة كبيرة لتمهيد بنية تحتية لأرض المعركة التي يقودها شخصيات افتراضية انتشرت في فضاء الإنترنت بين المنتديات والمواقع الإلكترونية، حيث يتخفون تحت أقنعة متنوعة ويتلونون بألوان متعددة. ففي زمن انتشار الإنترنت خرجت العديد من الشخصيات الافتراضية بأسماء عديدة للإساءة للإسلام ورجاله، وقبل أعوام كان من أبرز هذه الشخصيات الافتراضية المجهولة شخصية الداعية «أم أنس» حيث ملأت مواقع الإنترنت بفتاوى غريبة وساخرة من الإسلام. ويذكر عبدالرحمن الزامل أنه تطوع في إحدى المرات في متابعة ما يصدر من موقع الداعية «أم أنس» الذي يبث فتاواه الغريبة بين مواقع الإنترنت، وتناقلها الكتاب في أعمدتهم: «دخلت على موقع أم أنس الشهير وصدمت مما وجدت من شذوذ في الفتاوى، إلا أن الشك بدأ يراودني عن حقيقة الشخصية وقمت من خلال خبرتي في تصميم المواقع الإلكترونية، واكتشفت أن الموقع ليس رسميا وإنما هو مجرد صفحة مدونة تمنح من الشركة مجانا وصممت على هيئة موقع رسمي». في حين يؤكد الداعية ناصر الجديد أن العديد من الشخصيات الافتراضية في عالم الإنترنت التي تتقمص شخصيات العلماء أو طلبة العلم وتنشر فتاوى التكفير والفسوق والسخرية، هي أشد الأخطار التي نواجهها، حيث إن ذلك العمل يأخذ منحى أعمق في محاولة تعزيز مفهوم أن الدين لا يصلح مع الحياة المعاصرة، ويبني الطريق الممهد للعديد من الكتاب الذين يحاولون أن يصطادوا في المياه العكرة ويفرحون بذلك ويسطرون صدى ذلك على أعمدتهم، وقد لا يبذلون وقتا في التأكد من مصدر الفتوى التي من المؤكد أنها من مصدر مجهول وشخص افتراضي يحارب المسلمين باسم الدين، وتجده في كتابته أشد الناس غيرة، ويشتم هذا، ويفسق ذاك، ويكفر ذلك، وفي النهاية يكون شخصا في الأصل لا ينتمي إلى الإسلام إنما هو شخص افتراضي من التيارات الليبرالية أو علماني يتسلى بزرع العداوة والبغضاء بين المسلمين. ومن ناحية حرية التعبير يشير علي الشمري، صاحب موقع يرتاده العديد من المختلفين في وجهات النظر ويشهد حراكا ثقافيا: «إن من سياسية العديد من المواقع ألا تحاول البحث عن الشخصية الافتراضية، فجميع المشاركين في الأصل غير معروفين، ويكتبون بأسماء وألقاب وهمية، ومن الصعب البحث عن تاريخ كل شخص وحقيقته، وفي الوقت نفسه يترك المجال للجميع بالنقل وكتابة ما يريدون تحت خطوط حمراء دون السخرية بذات الإله والأنبياء، وهناك من المواقع ما تفتح باب الحرية على مصراعيها دون قيود». ومن جانب آخر، يؤكد مصدر في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن «نظام الحجب في الهيئة يعتمد على عدة لجان مكونة من عدة جهات حكومية»، وعن موقع الداعية أم أنس: «الهيئة تلقت عدة شكاوى من قبل المواطنين، وعلى الفور تم حجب الموقع بعد أن تأكدت من أنه يحمل إساءة إلى الشريعة الإسلامية تحت غطاء يعتريه كثير من الغموض، حيث إن الهيئة تتجاوب مع الشكاوى التي ترد من قبل المستخدمين وتبدأ عملية البحث واتخاذ القرار فورا».