لا يختلف أحد على أن القضاء في المملكة جيد إلى حد كبير، لكن ما يعيبه البطء الشديد في المحاكمات، فالقضايا تأخذ فترات طويلة تصل إلى سنوات، فيما الحكم الصادر أقل بكثير مما استغرقته القضية، هذه المشكلة يترتب عليها إيقاف متهمين لفترات تتجاوز جرمهم. وزارة العدل تشتكي من قلة القضاة وكثرة الدعاوى، وهذه المسألة فيها حق، فالكثير من القضايا من الممكن ألا تحال إلى القضاء وذلك من خلال الحد من التجريم، وهو عدم إدراج بعض القضايا لأن تكون جرائم، وإنما تكون مخالفات إدارية، وبالتالي لا يتعامل معها وفق نظام الإجراءات الجزائية ووفق العقوبة المنصوص عليها، مثل المخالفات المرورية، ومخالفات البناء، والمخالفات الإدارية والجمركية، على أن يتبعه الحد من العقوبة، وتقليص الإجراءات الجنائية. وهناك دور غائب ترتب على صلاحيات أعطاها النظام للقاضي في الإفراج عن المتهم مباشرة، ولو كانت القضية ما زالت قيد النظر، وذلك من خلال الاعتماد على عدد من المواد في نظام الإجراءات الجزائية، التي شددت على ضرورة تحديد مدة الإيقاف، فنصت المادة 36 على أنه لا يجوز توقيف أي إنسان أو سجنه إلا في السجون أو دور التوقيف المخصصة لذلك نظاما، ولا يجوز لإدارة أي سجن أو دار توقيف أي إنسان إلا بموجب أمر مسبب ومحدد المدة موقع عليه من السلطة المختصة، ويجب ألا يبقيه بعد المدة المحددة في هذا الأمر. في النهاية ليس مطلوبا التأثير على عمل القضاء بقدر الاهتمام بألا يحتجز متهم أكثر من المدة المترتبة على جرمه، لأن في ذلك ظلما له، كما أن الوعي بذلك يجب أن يكون نابعا في البداية من القضاء الذي مهمته الحكم بالعدل بين الناس، إلى جانب ذلك يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تشارك في الضغط على البيروقراطية الحكومية للوصول إلى حلول تسرع من وتيرة عمل القضاء، بحيث لا تأخذ القضايا المنظورة سنوات في أروقة المحاكم، إلى جانب تخفيف الضغط على القضاة عبر تقليص عدد القضايا الموكلة إليهم.