"كان يوما صعبا ، بكل ما تعنيه الكلمة ، الكل يجرى في اتجاه ينقذهم من جريان السيول ، الناس تركوا سياراتهم في الشوارع وراحوا يبحثون عن مكان يحميهم من شدة اندفاع المياه التي كانت تجرف كل شيء أمامها الناس والمركبات والمنشآت. بهذه الكلمات بدأت ذهبة سعيد الزهراني " 23 عاما" والمريضة بالفشل الكلوي حديثها ل" الوطن " وهى تروي تفاصيل أصعب يوم مرت به في حياتها ، يوم جريان السيول منذ 18 يوما في بعض أحياء جدة . قالت ذهبة إنها كانت برفقة شقيقتها " 11 عاما " يستقلان سيارة ليموزين في طريقهما إلى مستشفى الملك فهد لعمل جلسة غسيل كلوي،وإذا بالسيول تنهمر بشدة لتصيب الناس بالذعر والذهول . وأضافت إن حالة الهلع التي أصابت الجميع ، جعلت سائق الليموزين يتوقف عن السير، ثم ينزلها هي وشقيقتها من السيارة ، ليس ذلك فقط بل إنه ترك السيارة في الشارع آخذا في الجري باحثا عن مكان يحتمي فيه . و أشارت إلى أن الصدمة جعلتها تجرى هي وشقيقتها دون تحديد مكان معين ، وقالت "لم أفق من الصدمة إلا بعد يومين ووجدت نفسي مع شقيقتي بضيافة عائلة مصرية ، لقد أفقدتني الصدمة الكلام أو التركيز ولم أعلم من أنا وما اسمي على مدى يومين ، كانت العائلة المصرية المكونة من أب وأم وأربعة أطفال خلالهما تحاول الاستدلال على عنواننا من شقيقتي الصغيرة إلى أن توصلوا لرقم شقيقتي الكبيرة في الباحة " . والدة ذهبة "ثامرة أحمد الزهراني" أرملة مسنة تعول 9 من الأبناء الأيتام، تناولت الحديث وقالت إنها عايشت الأيام التي فقدت فيها ابنتيها كدهر ، وأنها خشيت مع انقطاع كل سبل الاتصال مع ابنتيها أن تكون قد فقدتهما إلى الأبد . وأضافت أنها من سكان شارع جاك، وأنها فوجئت مثل الآخرين بجريان السيول، وشعرت أن المياه تغمر بيتها ،وهرعت للهرب مع بناتها إلى سطح المنزل ، مشيرة إلى أنها رغم هول السيول إلا أنها لم تنس ابنتيها اللتين ذهبتا إلى المستشفى ، وقامت بالاتصال بهما أكثر من مرة لكن لم يتم الرد ، وشعرت أنهما في مأزق كبير . وأشارت إلى أنها أبلغت ابنتها المتزوجة بالباحة بفقدان شقيقتيها، وأنها حاولت طمأنتها ، ولكن هذا لم يتحقق إلا بعد يومين ، بعدما أخبرتها أن شقيقتيها في منزل عائلة مقيمة وأنهما بصحة جيدة . وقالت " أسرعت على الفور لاصطحابهما وعدت بهما إلى المنزل وأنا أحمد الله أنهما مازالتا بخير ".