أمير حائل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    استعراض تقرير الميزة التنافسية أمام أمير الشمالية    توصيات شورية لإنشاء المرادم الهندسية لحماية البيئة    خسائر بقيمة 1.6 مليار يورو في إسبانيا بسبب انقطاع الكهرباء    165 عقدا صناعيا واستثماريا بصناعيتي الأحساء    250% تفاوتا في أسعار الإيجارات بجازان    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    أول تعليق من رونالدو بعد ضياع الحلم الآسيوي    برشلونة وإنتر ميلان يتعادلان 3/3 في مباراة مثيرة    سعود بن بندر يطلع على المبادرات الإصلاحية والتأهيلية لنزلاء السجون    أضواء بنت فهد: «جمعية خيرات» رائدة في العمل الخيري    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    فيصل بن مشعل: اللغة العربية مصدر للفخر والاعتزاز    المتحدث الأمني للداخلية: الإعلام الرقمي يعزز الوعي المجتمعي    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل مبادرة "إمش 30"    الأمير سعود بن نهار يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    محافظ سراة عبيدة يرعى حفل تكريم الطلاب والطالبات المتفوقين    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    خسارة يانصر    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أوكرانيا وأمريكا تقتربان من اتفاقية إستراتيجية للمعادن    حينما يكون حاضرنا هو المستقبل في ضوء إنجازات رؤية 2030    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    الرئيس اللبناني يؤكد سيطرة الجيش على معظم جنوب لبنان و«تنظيفه»    المملكة: نرحب بتوقيع إعلان المبادئ بين حكومتي الكونغو ورواندا    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    أمانة الشرقية تطلق أنشطة وبرامج لدعم مبادرة "السعودية الخضراء"    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد بجامعة الإمام عبد الرحمن    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    حوار في ممرات الجامعة    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد بن حامد الغامدي .. يسيطر على حواره مع \"شبرقة\" ويفكك دفاعاتها ويراوغ ويهاجم ويسدد بأريحية عالية
نشر في شبرقة يوم 10 - 09 - 2009


شبرقة – عوض الدريبي :
في زاوية " لقاءات رمضانية " تقدم لكم صحيفة "شبرقة" الإلكترونية خلال هذا الشهر الكريم لقاءات خفيفة نجريها مع ثلة من مثقفي ومثقفات منطقة الباحة الذين لهم حضورهم الأدبي والفكري ، ولهم تأثيرهم الثقافي والتوعوي في مسيرة بناء جوهر إنسان هذه الأرض ...
ولقاء اليوم مع الكاتب الصحفي بصحيفة "اليوم" الغراء ، وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن حامد الغامدي
وضيفنا هو :
* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل .
* ماجستير .. جامعة جنوب الينوي .. أمريكا.
* دكتوراه .. جامعة استراث كلايد .. اسكتلندا.
وتقلد في جامعة الملك فيصل .. عدد من المناصب هي :
• عميدا لشؤون الطلاب .
• عضوا في مجلس الجامعة .
• رئيسا لمجلس إدارة صندوق الطلاب .
• مديرا لمحطة التدريب والأبحاث الزراعية والبيطرية .
• رئيسا لقسم الاقتصاد والإرشاد الزراعي .
• عضوا في مجلس كلية العلوم الزراعية والأغذية .
• مديرا لمركز خدمة المجتمع .
• رئيسا للوحدة الإرشادية بالكلية .
• عضو مجلس قسم الأعمال الزراعية وعلوم المستهلك . ومازال.
وضيفنا :
* عاش جزء من مرحلة الطفولة في قريته (الطلقية) .. وأيضا في قرية (بالعذمة) قرية أخواله .. قريتان من قرى قبيلة الرهوة ..
* عاش مراحل من عمره في مدن منها: بقيق .. الدمام .. الرياض .. الهفوف .. تامبا، أمريكا .. كاربونديل ،أمريكا .. جلاسجو ، اسكتلندا .
وعناوين ضيفنا هي :
* ص. ب. 6102 الدمام 31422 المملكة العربية السعودية.
* بريد إلكتروني: [email protected]
أما الآن فإلى حوارنا مع ضيفنا الكريم الدكتور محمد بن حامد الغامدي الذي أخذنا بإيجاباته إلى شواطئ فكرية لم تكن لتخطر لنا على بال .. في سياق أسئلتنا التي أنسابت بعفوية عن رمضان .. ففاجئنا الدكتور محمد بإجابات فلسفية .. حملتها إلينا روحه الشفافة .. وأريحيته العالية .. وحميمية أخوته .. فتجاوز بإجاباته الرائعة حدود المألوف .. وقضى على الرتيب .. وأوجد التميز الذي يبدو أنه لا يرضى بسواه .. فكان هذا اللقاء الذي أرجو أن تتحقق لكم منه الفائدة والمتعة في آن :
بدأت صيام رمضان مع أول فوجٍ صامه في التاريخ
■■ متى بدأت صيام شهر رمضان؟
** يا أخ عوض هذا السؤال مثير للدهشة.. ومثير للاهتمام.. سؤال يحملني إلى الماضي الذي قرأت عنه وعشته تاريخا.. هذا الماضي البعيد القريب.. وللإجابة، بدأت صيام شهر رمضان مع أول فوج صامه في التاريخ الإسلامي.. بدأت صيام الشهر عندما صامه الرسول صلى الله عليه وسلم.. ومازلت مستمرا وسيظل أبنائي أيضا يصومون رمضان مع بقاءهم مسلمين يحملون جينات عربية مسلمة تغذي فيهم الروح التي تحترم الصيام وتمارسه كفريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة..
هكذا أتخيل إجابتي عندما استحضر التاريخ.. وعندما أتذكر مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام.. هؤلاء هم الأساس، ونحن أحفاد نمارس ما اختاروه لنا كمنهج حياة..
نصوم شهر رمضان مع بداية الإعلان عنه رسميا من ولي أمر المسلمين.. نصوم في وقت محدد وشهر محدد.. بدايته محددة ونهايته محددة في حينه.. ويظل للقمر دور يشارك في القرار.. ويظل للإنسان عين تراقب، تتطلع إلى السماء.. ممارسات ذات معنى ومغزى وحكمة.. هكذا بدأت صيام شهر رمضان حتى قبل أن أرى النور.
خروج عن النص بما يوحيهِ السؤال
■■ كيف كانت أول تجربة؟ وكيف كانت نتائجها؟
** لا ادري كيف كانت أول تجربة في العالم.. لكن اعرف أن أول تجربة للطيران كانت من نصيب العرب.. عباس بن فرناس قام بالتجربة الأولى وخر صريعا.. خاف العرب بعدها وحمل راية التجربة أناس ليسوا عربا.. ناس يتميزون بالجسارة، وتواقون لاكتشاف المجهول، إلى أن وصلوا القمر.. وهم في طريقهم إلى ما هو ابعد.. هذه هي أول تجربة كانت في مجال الطيران وهذه كانت نتائجها..
وكل مجال له أول تجربة وأيضا لها نتائج.. ونحتاج إلى كتابة تاريخ العلوم وتدريسه، لان هذا يعطي حافزا للأبناء للإقدام نحو اكتشاف المجهول.. بهدف التطوير وبهدم الحياة الكريمة وتحسين مستوى معيشة البشر..
اتجاه إجباري إلى داخل النص
■■ على رسلك يا دكتور محمد فإنما أنت وأنا في سياقٍ متصل عن الحديث عن "شهر رمضان" .. ولكن لا عليك .. علي أن أتحمل نتيجة "إبهامي" وأبصم به على نجاحك في تجاوز أفكاري .. وسأحاول إعادتك على الرحب والسعه إلى سياق الحديث بصياغة جديدة للسؤال ..
■■ كيف كانت أول تجربة لك في صيام رمضان ؟ وكيف كانت نتائجها ؟
** الصيام لم ولن يكون تجربة.. الصوم فرض على كل مسلم.. ولكن محاولتي للتعلق بقطار صوم رمضان أشبه بالتجربة.. هناك من ينجح وهناك من يفشل في أداء المهمة التي أجادها الكبار.. كانت تطلعاتي اللحاق بركب الكبار.. وهذه (مرجلة) كان يشجع عليها الكبار..
مثل كل الصبية المحاولات كانت جادة.. إلا أن هناك من يعيش حولنا تأخذهم بنا الشفقة.. يحاولون التشجيع دون إكراه.. وفي نجاحك فرحة للجميع.. عندها يبدأ شموخنا نحو الفحولة بتحقيق النصر على الجوع.. وهذه أول محاولات النجاح.. أنها بداية عهد جديد..
المحاولات سمة إنسانية لكنها عندما تتعلق بالدين تكون وساما رفيعا للجميع.. وهنا كان أول الدروس التي بعثرت أوراق الفشل في حياتنا.. البعض في زماننا هذا لا يقتنص هذا النجاح لأبنائه.. وكان آبائنا يفعلون..
سرد الذكريات يحتاج إلى روايات وملامح ذكرياتي متضاربة ولكنها مفيدة
■■ ما هي ذكرياتك مع شهر رمضان، ومتى استطعت صيام شهر رمضان كاملا؟!
** ذكرياتي مع شهر رمضان شريط ليس له نهاية.. في جزء منه خير كثير، وفي أجزاء أخرى لا تجد أي صورة.. فراغ يمثل أشياء مكررة وعادية ليس لها قيمة.. هناك ذكريات صنعتها بنفسي، وهناك ذكريات صنعها آخرون.. وأصبحت جزء من ذكرياتنا في رمضان.. أهمها في الزمن الحديث حرب العاشر من رمضان.. ومع ذلك، لا استطيع تحديد نوع معين من الذكريات.. لكن استطيع تحديد ملامح لها.. في جزء منها ذكريات فاقة وحاجة وفقر وجهل ومرض.. وفي جزء منها عكس تلك الذكريات.. فكيف تطلب مني تحديد ذكرياتي مع شهر رمضان..
ذكريات تحتاج روايات ليس لها حدود.. وخاصة عندما انظر إلى نفسي كجزء من جسم الأمة العربية والإسلامية.. وعندما انظر إلى نفسي كجزء من جسم قرية رابضة على احد سفوح جبال السراة.. أجد أن هناك ذكريات متضاربة ولكنها مفيدة.. ويظل الدم الذي احمله ذكريات من العرب العاربة.. وكذلك ذكرياتي مع شهر رمضان.
لم أعرف لسؤالك "طينة";
■■ أين تحب صيام شهر رمضان؟
** سؤال لم اعرف له طينة.. لكن سأبدأ في الإجابة دون معرفة بالحدود.. قد أتوه، لكن هناك إجابات كلها مفيدة مع غموض السؤال، ومع احتمال تعدد الإجابات.. تقول: أين، وكأنك تبحث عن المكان.. هناك مركز مهم في داخل جسمي العربي الحنطي اللون.. مركز الحب الذي يتغير شكله بتغير الظروف.. وهو مركز مهشم نتيجة لوأد مشاعر الحب التي زرعها الآباء فينا صغارا.. ولدنا رجالا بدون عواطف..
أحب شهر رمضان في مركز الحب العربي الذي أحال الأشياء الجميلة في حياتنا إلى مودة ورحمة.. أحب صيام شهر رمضان على وجه الأرض.. أحب صيام شهر رمضان على بساط الصحة والعافية.. أحب صيام شهر رمضان في أماكن الفرح والسعادة والمجد والانجاز وأيضا في أماكن الحياة الكريمة..
تحديد طينة السؤال للحصول على إجابة
■■ مرة أخرى دكتور محمد أجدني مجبراً أمام إجاباتك الفلسفية التي تأبى أن تنصاع للسياق ، والظاهر من القول ، أجدني مضطراً لتغيير صيغة السؤال .. فبالله عليك لا ترهقني من أمري عسرا ..
■■ في أي مدينة أو محافظة أو منطقة أو في أي الديار أو البلاد تفضل أن تصوم شهر رمضان؟
** في هذا الزمان وهذا العمر أجد نفسي أمام خيار واحد.. ديار الأهل هي الأفضل.. ديار الأحبة هي الأفضل.. ديار أهل الذكر هي الأفضل.. ديار المنارات العالية التي تسمع منها ذكر الله هي الأفضل.. ديار الوجه العربي الذي يعرف رسالته هي الأفضل.. لا يهم في أي محافظة أو منطقة المهم في هذا الشهر أن تنظر لتجد الجميع من حولك يشبهونك في احترام رسالة الشهر الفضيل ويعطون فيه بغير حساب..
وحتى في هذه المرة .. لم تسلم الجرة
■■ هل سبق أن صمت شهر رمضان خارج السعودية؟ ما الذي افتقدته فيه؟ وأيهما أفضل؟
** سؤال مركب، يذكرني بالتركيبة العربية الخليط من كل شيء.. فهناك عروبة وهناك إسلام.. إلى أن وصلنا إلى عروبة وإسلام ودول وقبائل وعوائل.. وغدا سنعود للطين ليمارس طقوس إعادة التكوين..
■■ مداخلة : الحمد لله أني لم أقل خارج الحدود وإلا كانت الإجابة مختلفة تماماً..
■■ عودة للإجابة :
نعم صمت رمضان خارج السعودية؟ وفي دول غير إسلامية.. لكنها تتحلى ببعض الأخلاق الإسلامية الحميدة..
لا اذكر أنني فقدت شيئا في هذا الشهر عندما كنت خارج السعودية.. حتى عقلي كان موجود يدرك أبعاد الأشياء.. ومازلت أتذكر تلك الشهور التي صمتها خارج السعودية.. بدون فقد أي شيء..
لا ادري ماذا تقصد بالسؤال عندما تقول أيهما الأفضل؟.. وإذا كان السؤال يعود إلى الصوم.. فان الصوم هو الصوم هنا أو في الخارج.. ولكل بهجته وذكرياته وظروفه..
أخيراً يتخلى ضيفنا عن هجومه الضارب ويستشف رغبتنا ويجبر خاطرنا
■■ فما رأيك يا أبا عمر إن كان السؤال متعلقٌ باقتران الصوم في رمضان بالمكان؟
** لماذا يا أخ عوض تحاول إجباري على السير بعكس الاتجاه؟!.. هل القرية التي تسعى لانتزاع الاعتراف بفضلها موجودة حاليا؟!..
نعم ولدت في قريتي (الطلقية) وهي إحدى القرى الكبيرة التي تشكل إحدى قرى قبيلة الرهوة..
إذا كنت يا عوض تبحث في ذاكرتي عن طفل قروي فإنك ستجدني أيضا رجلا قرويا، ولكن بدون قرية..
نعم يا عوض إذا كان هذا يرضيك، فقد ارتبطت ذكرياتي الرمضانية بقريتي "الطلقية " وفيها تم زرع بذور طموحي وأملي نحو تحقيق النجاح..
نجاح اعتمد على الجهد وعلى الالتزام الذي تعودنا عليه في حياة القرية.. بدون هذا الالتزام في القرية، يصبح الإنسان بدون هدف، وأيضا يصبح فردا تائها ليس له وظيفة.. هكذا هم سكان أهل القرى..
الالتزام بالمواعيد عمل عظيم في القرية، أشبه بالصوم في مواعيده.. حرث الأرض في موعد.. والزراعة في موعد.. والحصاد في موعد.. والصلاة في موعد.. هذا هو النظام الذي افتقده هذا الجيل، وكنا نعيشه بحذافيره، وأيضا بصدق وإتقان..
مازلت أعيش هذا الموعد.. وقد غرسته في أبنائي.. كجزء من معرفة قيمة الوقت.. رمضان كله خير لمن أراد أن يتزود.
ولكن القرية التي تبحث عنها يا عوض أصبحت جزء من الماضي الذي اندثر.. غادرها أبي حافي القدم.. وهو يردد :
عز القبيلي بلاده=ولو تجرع وباها
يشد منها بلا ريش=وإذا اكتسى ريش جاها
هكذا كان جيل أبي يمنّي نفسه.. رجعوا إليها ولكن بحياة أخرى.. حياة عصرية.. ولهول صدمة حياة القرية خرت صريعة.. وكذلك كل موروث احتوته وحملته عبر السنين..
يا عوض أنت تثير أوجاع نحن في غنى عنها.. القرية لم تعد تلك القرية.. أصبحت ركام خاوي من الحياة.. تهدمت البيوت وأصبحت تراثا وأصحابها أحياء.. وهل حصل في التاريخ البشري مثل هذا؟!..
أصبحت القرية بيوتا مختلفة مثل أصحابها.. أصبحوا لطخة حديثة لا تناسب البيئة ولا تنتمي للقرية وبيئتها..
تغيرت القرية، أصبحت وجود عشوائي يمثل نفسية أهلها الذين وجدوا أنفسهم في وضع لا يمثل الريف أو القرية وأيضا لا ينتمي للمدينة.. كنتيجة استوت كل الأماكن..
لا يهم في أي مكان تصوم.. كل الأرض أرضك.. وكل الشعب اهلك.. وكل البلد قريتك التي تحب.. وهذا انجاز عظيم.. يعطينا حق القوة في الاستمرار بجانب أطلال قرية.. كأن وظيفتها كان حمل الأمانة وتسليمها لهذا الوضع الأفضل.. ولكن هل تم توظيفه لصالح استمرار الحياة الكريمة؟!..
كفاية، سأتوقف عند هذا الحد.. حتى روح القرية هاجرت تبحث عن مكان تصوم فيه رمضان..
ذكرياتي مرتبطة بمدينة "أبي" العملاقة
■■ مدينة ارتبطت بها ذكرياتك الرمضانية؟
** ولماذا تصر على المدينة.. لماذا لم تقل مكان.. لا يهم على أية حال.. لاشك أن مدينة أهلي وربعي هي القرية الصغيرة التي حملتني إلى الدنيا.. منها جمعت أكثر الذكريات، السوداء والبيضاء.. حملوني إلى المستقبل على معاناة ليس لها حدود.. وابكي كثيرا عندما اذكر حالهم ومعاناتهم.. مقارنة بما نعيشه اليوم.. ارتبطت ذكرياتي بحصيلة وافرة من المواقع داخل المدن.. الجامعة مكان آخر كان له ذكريات عززت من قدراتي لمواجهة الحياة.. لكن مدينة أبي هي الأهم حيث تربيت في ربوع شوارع القيم وعمائر الطموحات التي تشكلها.. أبي كان المدينة العملاقة الواسعة المليئة بالخير والتحفيز نحو المستقبل.. لم يكن هناك قوائم تعقيد للحياة.. كل قوانين مدينته تسهيل للحياة.. وهكذا أصبحت.
سؤال أصم وأبكم ولكن الضيف يتعامل معه على طريقة "المتنبي"
■■ هل تذكر العاب أو عادات معينة ارتبطت بشهر رمضان ونفتقدها الآن؟
** ليش يا عوض تطرح هذا السؤال الأصم والأبكم الذي يجرك إلى الماضي ويمنع عنك حق التمتع بالمستقبل؟!.. لم ولن ابكي على الماضي.. ولن افتقد أي شيء من الماضي.. نحن أولاد اليوم والمستقبل.. والحضارة أن تعيش اليوم أفضل من الأمس..
أي العاب اذكرها وقد كانت بدائية ليس لها أي قيمة للتحفيز أو تعديل العقول نحو الأفضل.. العاب كلها بلادة وليس لها شهرة.. لا أريد حتى أن اذكرها..
رمضان شهر عبادة وعمل وليس العاب.. حتى لنا وكنا صغارا نمارس رعي ألبهم أو أعمال أخرى.. أي لعب تتحدث عنه لكل أبناء بلاد غامد وزهران؟!.. ولدوا جنودا وعسكرا يواصلون حياة الفاقة من اجل استمرار الحياة..
لكنهم بالتأكيد كانوا يغسلون أنفسهم من خلال أهازيج العرضة.. بها يجددون الأمل في حياة الناشئة رغم الصعاب.. لم اعرف أي نوع من اللعب في رمضان..
العادات أيضا تتغير وتتطور ولا أريد لها أن ترجع وقد كانت جزء من ضياع الوقت العربي الثمين..
الخلاصة لم افتقد أي شيء.. لكن تطلعاتي إلى المستقبل أفضل بكثير من نظرتي للخلف.
لا أحب أكل مشاعر الآخرين
■■ هل هناك أكلات معينة تحرص عليها في شهر رمضان؟!
** بالتأكيد ليس منها أكل مشاعر الآخرين وسمعتهم.. لا يهم الأكل.. وليس لي طلبات محددة.. ما أجده أمامي قانع به ويكفي.. مع الحمد والشكر لله.
هزلت .. إن جعلنا من رمضان استثناءا .. واختزلنا فيه شهور العام
■■ هل هناك زيارات أو عادت تحرص عليها في رمضان؟
** رمضان ليس استثناء.. زياراتي مستمرة طوال العام وأيضا عاداتي.. فلماذا نجعل هذا الشهر منهجا استثنائيا.. هو شهر يعزز رؤيتنا في الحياة ويمجد عطاءنا في الحياة.. الحياة لا تتوقف على شهر دون آخر.. حتى رمضان بسبب نظرة هذا السؤال أصبح شهرا للضياع وليس للبناء.. هل اختزلنا شهور السنة في شهر واحد.. هزلت..
أجمل ما في رمضان فلسفته المنهجية للحياة
■■ ما هو الأجمل في شهر رمضان؟!
** الأجمل في شهر رمضان هو نهايته التي تشكل عيدا للمسلمين.. عيدا يعطيهم الأمل ويذكرهم بقوتهم وعظمتهم ومسؤوليتهم.. ويذكرهم أيضا برسالتهم وأهميتها.. الصوم معاناة.. وبعد الصوم يأتي العيد.. هكذا تكون الرسالة التي يجب تكون فلسفة حياة تنير الطريق.
وكل عام وانتم بخير.
شبرقة : وأنت بخير يا دكتور .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.