الصومال لا يكاد يخرج من ساحة العنف حتى يعود إليها في شكل أشد ضراوة وشراسة لكن الأحداث الأخيرة تبعث على المزيد من الخوف والمزيد من الأسى على أوضاع الصوماليين. المؤلم في الذي يجري اليوم، هو أن الحرب بين فريقين كانا بالأمس فريقاً واحداً يسعى إلى استنقاذ البلاد من قبضة العنف والنفوذ الأجنبي القريب والبعيد، حتى إذا ما تمكن بعض أفراد الفريق من تحقيق الغاية انشق الآخرون وطالبوا بالتطهير تحت لواء الإسلام. قبل أكثر من عام أوشكت المحاكم الإسلامية على دخول مقديشو بعد أن بسطت نفوذها على العديد من المناطق ذات الوزن الاستراتيجي ولكن الرئيس الأمريكي آنذاك وعصابته من المحافظين الجدد لم يرق لهم وصول المحاكم إلى الحكم فمكنوا أثيوبيا العدو اللدود للصومال من اجتياح الحدود بدباباتها ومدافعها لكسر شوكة المحاكم الإسلامية. كان الانتقاد الذي صبته صحيفة نيويورك تايمز في أكثر من مقال وغيرها في الخريف الماضي لاذعا وموجعا وكان في جوهره: ماذا تريد هذه الإدارة بعنادها وغبائها بحرمان الصومال من فرصة استقرار أتيحت له، وملاحقة أمراء حرب وإخضاع زعماء قبائل لحكم الدين، وما الحكمة من إهانة الصومال بأثيوبيا وهي العدو الذي يحتل إقليما من أقاليم الصومال؟ اليوم تستنجد الحكومة الصومالية من بطش جنود القاعدة ولم يستجب لها غير أثيوبيا، فيما يهدد المحاربون بتفجيرات في نيروبي لو تدخلت كينيا، ومن غير المعروف من يسعى لإغاثة الصوماليين من بطش التفجيريين من أبنائه والجنود الطامعين من جيش أعدائه. إن سيطرت القاعدة على الصومال سوف تتجاوزه إلى غيره من الدول المجاورة لتمارس ما تجيده من تفجير وقتل وإرهاب.