في فيديو شديد الإنسانية، عميق التأثير، لا تزيد مدته عن 96 ثانية، لخص أب مصري المطالب التي دفعت آلاف الآباء إلى مرافقة الشباب في احتجاجاتهم يوم الثلاثاء 25 يناير، فالرجل الذي سقط على الأرض، راح يقبّل تراب مصر وهو يصرخ: "عندنا محامين ودكاترة في البيت، عاوزين نشغل عيالنا، يسقط الظلم، يسقط الفساد". والفيديو الذي وُضع على موقع "يو تيوب" أمس تحت عنوان "لقطة مؤثرة جداً لعجوز مصري مشارك في المظاهرات" يبدأ برجل في الستينات، يبدو أنه سقط من الإنهاك في مدخل ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة، فتجمع الناس حوله يطمئنون عليه، ليفاجأوا به يرفع يديه وهو يصيح ويكرر: "فداكي يا مصر، فداكي يا مصر"، ويضيف بعدها: "إحنا مش مخربين، إحنا عايزين نشغل عيالنا، عندنا محامين ودكاترة قاعدين، خريج (كلية) علوم، قاعد يلعب في سايبر"، ويضيف الرجل: "تحيا مصر، فداكي يا مصر". ثم يعود الرجل ليكشف تلقائياً أن الفساد والواسطة والمحسوبية، هي سبب مشكلة البطالة التي يعانيها أولاده، فيصيح: "يسقط الفساد، يسقط الظلم" ورغم ما يعانيه من ظلم وفساد، يؤكد الرجل أنه شديد الانتماء لوطنه، ففي لحظة هيّجت مشاعر من حوله يهبط بجبهته ويقبّل الأرض وهو يصيح ويكرر: "ترابك يا مصر، ترابك يا مصر"، ثم يمسح الأرض بكفيه ويعود ليمسح على جسده، مكرراً "تحيا مصر، تحيا مصر، ترابك يا مصر، ترابك يا مصر"، بينما صوت كأنه آت من أزمنة بعيدة يحاول أن ينهضه من مكانه: "قوم عشان...."، ويعود الرجل ليكرر صيحاته الحزينة، بينما الكاميرا تأخذنا إلى السائرين ناحية ميدان التحرير، وهم يحملون همومهم وهمومه. وتشير إحصاءات رسمية، أن عدد العاطلين يقترب من مليوني شخص، بيد أن جهات اقتصادية أخرى تقدر عدد العاطلين بنحو 4.5 ملايين عاطل وتقدرهم جهات أخري ب 6 ملايين، فيما صنفت مؤسسة الشفافية الدولية -التي تراقب مستويات الفساد- مصر في المركز 98 بين 178 في عام 2010 بعد ان كانت في المركز 111 في مؤشر الفساد لعام 2009 حيث تصنف الدولة الحاصلة على المركز الاول بانها الاقل فسادا. ورغم تحسن تصنيفها قالت المؤسسة في مايو ايار ان محاباة الاقارب والرشوة والمحسوبية أمور شائعة في مصر.