انتقد الشيخ محمد المنجد ظاهرة إقدام الفتيات على دفع أموال للحصول على زيجات تتناسب مع شروطهن، معتبراً أن ذلك "مخالف" للأصل والفطرة السليمة، وإن كان مباحاً من الناحية الشرعية لدواعي تحصين المرأة نفسها بالحلال. وقال الشيخ المنجد ل"سبق": "الأصل في الزواج أن الرجل هو الذي يطلب المرأة ويبذل لها المال، إما على سبيل المهر أو الهدية إظهاراً للرغبة فيها، واستمالةً لقلبها، وتطييباً لنفسها. وهذا ما يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية.. فالمرأة مطلوبة وليست طالبة، وهو المناسب لحياء المرأة وفطرتها، فمن حقها أن تكون في موطن الرعاية والعناية.. كرامتها مصونة، بعيدة عن كل ما يهدرها أو يبتذلها". وأضاف: "أما أن تعرض المرأة نفسها على الناس، خاصتهم وعامتهم عبر وسائل الإعلام، باذلةً نفسها ومالها ليرضى بها أو تُغري بمالها لتختار من يعجبها: فلا شك أن مثل هذا مما تنفر منه النفوس، وتأباه الفطرة، ويأباه كل مسلم غيور، وتأباه المسلمة لنفسها". وتابع :"إذا كانت المرأة هي التي ستعطي وتبذل المال، فماذا بقي على الرجل! كيف ستكون له القوامة على المرأة وهي التي دفعت وبذلت؟! والله سبحانه وتعالى جعل إنفاق المال من الزوج من أسباب القوامة: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ). وأوضح أن هذه الطريقة لا تجلب للمرأة الزوج المناسب في كثير من الأحيان، بل ستكون فرصة لأصحاب النفوس الضعيفة لاستغلالها واتخاذها مطية سهلة للثراء، فما يدريها لعله يأتيها من يخادعها ويظهر على غير حقيقته، طامعاً فيها وفيما بذلته من مال. وقال الشيخ المنجد لا بد هنا من التنبيه إلى أمور: - عرض المرأة نفسها على الرجل لا حرج فيه شرعاً، إذا كان الرجل صالحاً يقدِّر المرأة ويعرف لها حقها. فقد عرض الرجل الصالح شعيب ابنته على موسى عليه السلام، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحَسن عرض الولي موليته على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح. - إذا وجدت المرأة شاباً صالحاً وغير قادر على تكاليف الزواج، فدفعت له شيئاً من المال على سبيل المساعدة والمعاونة فهذا مما لا حرج فيه، بل هو أمر تُشكر عليه، ويدل على دينٍ متين، وعقل راجح، ومروءة بالغة. خاصة إذا تأخر سنها أو حصلت لها بعض الأمور التي تعرقل زواجها وخافت على نفسها من الحرام، وعلمت بشاب صالح لا يمنعه من الإقدام على خطبتها إلا قلة المال.. فبذلت له من مالها ما يجمع بينهما في الحلال, شريطة ألا يصل الأمر لدرجة "الابتذال" بإعلانه في وسائل الإعلام ليتجمهر الخطاب على بابها، ثم تنتقي منهم من يروق لها!. ولا غضاضة على ولي المرأة إن كان غنياً أن يبذل بعض المال للرجل الصالح للزواج من ابنته. - ليس للمرأة أن تغري رجلاً متزوجاً بالمال ليطلق زوجته ويتزوج بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طلاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) . - دفع الرجل مهراً للمرأة واجب شرعي لا يسقط عنه في حال من الأحوال، كما قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا). والأمر المذكور في السؤال لا يعدو بحمد الله أن يكون حالات نادرة وقعت هنا وهناك، لعل وراءها بعض الظروف الخاصة التي دفعت لها، ولا يشكل ظاهرة اجتماعية يخشى منها. وليست المشكلة في عرض المرأة المال على الرجل للزواج، بل في إهدار كرامتها في سبيل ذلك، فتعلن عن نفسها ومالها في الصحف كأنها سلعة رخيصة، أو إعلاناً دعائياً.. وفي هذا تمزيق لحجاب الحياء الذي هو زينتها وجمالها.