المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    وزير النقل يستقبل أولى قوافل الحجاج بمطار المدينة    القيادة تهنئ رئيس روسيا الاتحادية بذكرى يوم النصر لبلاده    توقع بهطول أمطار رعدية    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من جمهورية بنجلاديش متجهة إلى المملكة    إطلاق مبادرة SPT الاستثنائية لتكريم رواد صناعة الأفلام تحت خط الإنتاج    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    طرح تذاكر مباراة النصر والهلال في "الديريي"    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    إخلاء مبنى في مطار ميونخ بألمانيا بسبب حادث أمني    هبوط المخزونات الأمريكية يصعد بالنفط    زيت الزيتون يقي أمراض الشيخوخة    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    نقل أصول «المياه المعالجة» إلى «الري»    السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    «سلمان للإغاثة» يختتم البرنامج التطوعي ال25 في «الزعتري»    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    المملكة ونمذجة العدل    القيادة تعزي رئيس البرازيل    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    سمير عثمان لا عليك منهم    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    أعطيك السي في ؟!    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    المدح المذموم    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برامج الترشيد تخلصنا من هدر الاستهلاك دون المساس بميزانية الأفراد
نشر في عكاظ يوم 15 - 09 - 2014

أكد المستشار الاقتصادي والنفطي الدكتور محمد سالم سرور الصبان أن معدلات استهلاك المملكة للطاقة تعد من أعلى المعدلات العالمية. موضحاً ل «عكاظ» إن الفرد الصيني يستهلك 8 براميل في العام والأمريكي 15 برميلا، بينما يستهلك الفرد في المملكة 40 برميلا، عازيا الإسراف في استهلاك الطاقة في المملكة إلى أن أسعار الوقود في المملكة وخاصة المقدم للصناعة والكهرباء تعد الأدنى عالميا بعد فنزويلا.
الصبان دعا للمزيد من تنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي وعدم الاعتماد المطلق على العوائد النفطية.
وإلى تفاصيل الحوار:
• تناولت صحفنا مؤخرا على غرار ما نشرته بعض الصحف العالمية خبرا يفيد بأن المملكة أبلغت منظمة أوبك أنها خفضت إنتاجها من الخام في أغسطس بمقدار 400 ألف برميل يوميا وذلك بالتزامن مع تراجع الأسعار صوب أو دون مستوى 100 دولار للبرميل وهو المستوى الذي تفضله المملكة، كما أشارت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقريرها الشهري إلى أن المملكة أبلغتها بإنتاج 9.597 ملايين برميل يوميا في أغسطس انخفاضا من 10.005 ملايين برميل يوميا في يوليو الماضي كيف تقرؤون لنا هذا؟
تشهد سوق النفط العالمية مؤخرا تطورات عديدة. فنتيجة لزيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي وزيادة إنتاج النفط من خارج الأوبك، إضافة إلى تراخي الطلب العالمي على النفط وبالذات من مستهلكين كبار مثل الولايات المتحدة والصين، فإن هنالك فائضا في المعروض النفطي في الأسواق، أدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 97 دولارا للبرميل.
لذا فإن ما قامت به المملكة هو محاولة لامتصاص جزء من الفائض في الأسواق، ولا أعتقد أن «400» ألف برميل يوميا كمية تخفيض تكفي لإزالة الفائض وعودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة (أعلى من مائة دولار ).
بل قد تضطر المملكة وبقية دول الأوبك إلى مزيد من التخفيض في إنتاجها لو استمر انحدار أسعار النفط إلى أقل مما هي عليه الآن. الأسعار مرشحة للارتفاع من جديد في ظل الشكوك حول ما سيحدث في المنطقة بانطلاق هجوم دول التحالف على «داعش» . وبالتالي فإن أي تأثر في إنتاج نفط العراق سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار من جديد حتى لو بقي هنالك فائض في المعروض العالمي من النفط، نظرا لطغيان التخوفات بمزيد من الانقطاع لإمدادات العراق بالنفط.
الغاز الصخري ومستقبل الطاقة
• يكثر الحديث عن إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل القريب والتأثير السلبي على تصدير المملكة للبترول هل من قراءة لمستقبل الطاقة؟
النفط الصخري وغيره من التغيرات الهيكلية التي بدأت تشهدها سوق النفط العالمية في جانبي العرض والطلب، هو بداية لتحولات جوهرية تنعكس بآثارها السلبية من خلال زيادة المعروض من النفط العالمي سواء التقليدي أو غير التقليدي، وأيضا تنعكس بآثارها على الطلب العالمي على النفط، بانخفاض تدريجي في معدلات نمو الطلب عليه.
كل هذه التحولات والتي يطلق عليها مسمى «طفرة الطاقة» ستؤدي إلى انخفاض تدريجي في أسعار النفط وأيضا في نصيب دول الاوبك في الأسواق إذا استمرت في الدفاع عن الأسعار. وهي فترة صعبة على المنظمة تذكرنا بما حدث في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ولولا الأحداث الجيوسياسية التي تعيشها مختلف مناطق إنتاج النفط في العالم، لكان دوران عجلة الدورة الاقتصادية الجديدة للنفط أسرع.
رغم أن بعض الإعلاميين والكتاب يحاولون أن يقللوا من أهمية كل هذه التطورات ويعطي الإحساس أن العصر الذهبي للنفط الذي نعيشه سيستمر إلى الأبد؛ وذلك ما يدفع إلى مزيد من التراخي نحن لسنا بحاجة إليه.
البعض أيضا يهون من طفرة إنتاج النفط والغاز الصخريين، من منطلق ارتفاع تكاليف إنتاجه واقتصاره على الولايات المتحدة، متناسيا أن التكلفة قد انخفضت أو آخذة في مزيد من الانخفاض، وأن الإنتاج الصخري سينتشر خلال السنوات القادمة عالميا.
بل ذهب بعض وزراء الأوبك إلى الترحيب بالصخري، وإن كانوا الآن أكثر تحفظا بعد ما لاحظوا بدايات تأثير إنتاجه المتزايد على الأسواق وانخفاض أسعار النفط إلى أقل من مئة دولار للبرميل.
احتياطياتنا كافية
• كيف تقرؤون لنا مستقبل المملكة في ظل توقعات الدراسات لأن النفط سينضب خلال فترات قادمة مع العلم أن اقتصادنا يعتمد على النفط بشكل رئيسي؟ ولماذا هناك تباين كبير بين أسعار النفط من فترة إلى أخرى؟ وهل هناك إلزام جبري بتحديد الكميات التي تنتجها الدول المنتجة للنفط؟
لا خوف على المملكة من النضوب الطبيعي للنفط. فهنالك احتياطيات كبيرة تمتلكها بلادنا تكفيها لأكثر من 70 عاما بمستوى إنتاجنا الحالي والتقنية المتاحة حاليا، لكن الخوف هو من النضوب الاقتصادي الذي ربما يأتي أسرع من النضوب الطبيعي، «فالعصر الحجري انتهى دون أن ينتهي الحجر، وسينتهي عصر النفط دون أن ينتهي النفط».
هذه المقولة لا بد أن تبقى في أذهاننا على الدوام، ولا نشغل أنفسنا بمسألة النضوب الطبيعي، فهي نظرية سادت منذ الستينات، وثبت عدم صحتها بالاكتشافات والإضافات الكبيرة التي تحققت للاحتياطي العالمي من النفط. وملخص مفهوم النضوب الاقتصادي، أن يكون هنالك تدهور تدريجي لأسعار النفط وإنتاج الدول الأعضاء في أوبك، وذلك نتيجة للزيادات التدريجية الكبيرة في المعروض العالمي من النفط، في الوقت الذي يصل فيه الطلب العالمي على النفط إلى ذروته ومن ثم يبدأ في الانخفاض التدريجي.
لا بد للمملكة أن تستعد لهذه الظروف المحتمل حدوثها تدريجيا في ظل دورة اقتصادية جديدة، إذ لا يمكن أن يستمر اعتمادنا بشكل شبه مطلق على العائدات النفطية في إدارة عجلة اقتصادنا، ولابد من التحرك السريع لتنويع مصادر دخلنا وتنويع تطوير قطاعاتنا الاقتصادية المختلفة.
الخطوة الجادة التي تبنتها الحكومة مؤخرا بالتأسيس لاقتصاد معرفي يكون أساسه الإنسان السعودي وتحسين تعليمه وتدريبه، حتى يكون قادرا على الإبداع والابتكار وهو أساس التنافس بين الأمم في الوقت الحالي هي خطوة عملية مهمة.
أما لماذا يكون هنالك تباين كبير في أسعار النفط بين الحين والآخر، فيرجع ذلك إلى العديد من العوامل الأساسية Market Fundamentals.
وأيضا للعوامل الجيوسياسية التي تتعرض لها بعض الدول المنتجة مثل ما يحدث في ليبيا، والعراق، وجنوب السودان، ونيجيريا وغيرها، وما يتبعها من عوامل المضاربة التي تؤثر في الأسعار الفورية والمستقبلية للنفط.
ولولا أن المملكة تحتفظ على الدوام بطاقة إنتاجية فائضة تتراوح بين 1,5 2,00 مليون برميل يوميا، لكانت تقلبات الأسواق أكثر حجما وأكثر حدة مما شاهدناه خلال العقود الماضية، وهي تحسب عالميا للمملكة بأنها «مصدر موثوق وآمن للنفط ويمكن الاعتماد عليه».
أما بالنسبة لسقف إنتاج الاوبك، فهو ملزم أدبيا فقط، ولذا نجد أن بعض الأعضاء في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي قد تجاوزوا حصصهم الإنتاجية وإعطاء حسومات سعرية.
تسعى المملكة إلى توسيع دائرة علاقاتها مع دول العالم في شتى المجالات لاسيما الشأن الاقتصادي بما في ذلك النفطي، وهو الذي يعتبر المفتاح لتعزيز العلاقات مع الدول الأخرى،
ولاسيما الدول الاسكندنافية ومن ضمنها النرويج، التي تعتبر من أقوى اقتصاديات العالم، ومن الدول المنتجة والمصدرة للبترول بالرغم من عدم عضوية أي منها في منظمة أوبك،
• ماهي خطط المملكة في التعاون مع هذه الدول اقتصاديا، وهل لدى المملكة النية في فتح قنوات جدية ومدروسة لذلك، بخلاف ما هو قائم الآن من تعاون يعتبر أقل من الطبيعي من خلال زيارات خجولة بين الجانبين لم تصل إلى مستوى علاقات المملكة بعدد من الدول الأوروبية الأخرى؟
النرويج دولة منتجة للنفط والغاز، وكان هنالك تنسيق مشترك للمملكة معها ومع المكسيك في التسعينات حينما تطلب الأمر تعاون المنتجين من خارج الاوبك مع المنظمة لتحديد الإنتاج، وبالرغم من أن النرويج عضو في وكالة الطاقة الدولية إلا أنها استجابت لطلب المملكة على وجه الخصوص في هذا المجال. وقد كانت بيننا زيارات عديدة على المستوى الوزاري والخبراء،
هنالك تعاون على مستوى متعدد الأطراف مع النرويج، فأول أمين عام لمنتدى الطاقة الدولي الذي تستضيف أمانته العامة الرياض، هو نرويجي، والنرويج عضو مؤسس في هذا المنتدى.
أيضا فهنالك منتدى محدود يضم المملكات الأربع: السعودية، بريطانيا، النرويج، وهولندا، أسس منذ أربع سنوات للتعاون فيما بين الدول الأعضاء في تطوير استخدام تقنية استخلاص الكربون من الوقود الأحفوري. وتعقد ندوات وأبحاث مشتركة بين الدول الأربع الأعضاء.
وحتى في مجال مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ هنالك الكثير من التعاون بيننا وبين النرويج.
بالنسبة لبقية الدول الإسكندنافية، فاتفق معك بأن هنالك تعاونا محدودا في مختلف المجالات.
وتركيز المملكة حاليا بالنسبة لتجارة النفط هو الاتجاه شرقا، حيث الدول النامية الصاعدة مثل الصين والهند واندونيسيا وتايلند وفيتنام وغيرها والتي تمثل معظم الزيادة في الطلب العالمي على النفط، حيث توطدت العلاقات مع معظم هذه الدول في مجال زيادة صادراتنا النفطية وإقامة صناعات هيدروكربونية متكاملة مشتركة مع الدول المضيفة من مصافٍ نفطية ومحطات توزيع لمنتجاتها، ومصانع بتروكيماوية مشتركة.
هذا التنويع في التجارة والعلاقات الاقتصادية الدولية ضروري ومهم في ظل التقلبات القائمة حاليا، واتجاه بعض الدول الغربية إلى تحقيق استقلاليتها في مجال الطاقة مثل ما تقوم به الولايات المتحدة.
استهلاكنا مخيف
• يدور الحديث منذ فترة عن الهدر الكبير في استهلاك المملكة للطاقة، وما يتبع ذلك من استنزاف لمواردنا الهيدروكربونية، وضرورات ترشيد الاستهلاك وبناء قاعدة من مختلف مصادر الطاقة. هل بإمكان المملكة أن تنجح في تحقيق هذا الهدف؟
يعتبر استهلاك المملكة من الطاقة (نفط وغاز )، من أعلى المعدلات العالمية بالنسبة للفرد. فبينما يستهلك الفرد الصيني حوالى ثمانية براميل من النفط في العام والولايات المتحدة ومعظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في حدود خمسة عشر برميلا، نجد أنها تصل لدينا إلى أكثر من أربعين برميلا في العام. وهذا الاستنزاف له العديد من الأسباب منها:
أن أسعار الوقود سواء المقدم للصناعة وتوليد الكهرباء أو ذلك المستخدم في قطاع النقل تعتبر ثاني أرخص الأسعار في العالم بعد فنزويلا، وبالتالي ففاتورة الوقود تمثل جزءا ضئيلا من ميزانية معظم الأفراد، ويقل الحافز لدى الفرد في اقتناء وسائل النقل الأكثر كفاءة في استخدام الوقود، ونجد أن أسواقنا المحلية مليئة بوسائط النقل والأجهزة المنزلية منعدمة الكفاءة، التي لا يمكن أن تجدها في دولها المصنعة لها، حتى أصبح السوق السعودي مردما لها.
محدودية أو لنقل انعدام وسائل النقل العام داخل المدن، وحتى في كثير من الحالات بين المدن، الأمر الذي يدفع كل أسرة أن تقتني أكثر من سيارة تبعا لعدد أفرادها سهلت للأسر أن تلبي كل احتياجاتها بعدد كبير الرحلات عبر أماكن التسوق ولا تفكر في اختصارها لسهولة ورخص الوقود.
انعدام برامج ومقاييس ومواصفات ملزمة لترشيد الاستهلاك، وإن بدأ مؤخرا تنفيذ بعض هذه البرامج عن طريق مركز كفاءة الطاقة، الذي يقوم بجهد مشكور في هذا المجال. ما نطلبه من المركز تسريع وتيرة أعماله، وعدم الانصياع لطلبات الاستثناءات سواء في المواصفات أو في المدة اللازمة للتخلص من السيارات والأجهزة المنزلية وغيرها ذات الكفاءة المنخفضة.
ونستطيع من خلال برامج الترشيد تخفيض الكثير من أوجه الهدر في استهلاك الطاقة دون المساس بميزانية الأفراد من خلال الوفر المتحقق نتيجة لذلك.
الدعم الحكومي
ويبقى موضوع الدعم الحكومي المقدم للوقود محل حيرة كبيرة. فالحكومة لا تود أن تؤثر في الدخل الحقيقي لشعبها بزيادة أسعار الوقود، لكن الأسعار المنخفضة الحالية يستفيد منها الجميع بما فيهم الوافد والغني، وقد تكون استفادة ذوي الدخل المحدود هي الأقل لمحدودية قدرتهم على امتلاك مختلف وسائل النقل أو الأجهزة المنزلية.
إلا أن مسألة إعادة النظر في دعم أسعار الوقود سواء لقطاع الكهرباء أو النقل، أمر مهم بالرغم من حساسيتها، وذلك للأسباب التالية:
1 أن حجم هذا الدعم السنوي يزيد على 160 بليون ريال، وهو مبلغ مرتفع بكل المقاييس.
2 أن سعر مكونات البرميل الذي يتم بيعه محليا يتراوح بين 5 15 دولارا، بينما تستطيع الحكومة أن تبيعه عالميا بما لا يقل عن مائة دولار للبرميل.
3 إن كل برميل يتم استهلاكه محليا يكون على حساب ما يمكننا تصديره إلى العالم، وإذا عرفنا أننا نستهلك محليا حوالى أربعة ملايين برميل يوميا من النفط المكافئ، وأن معدل نمو هذا الاستهلاك هو في حدود 8% سنويا، لاستنتجنا أن صادراتنا النفطية ستأخذ في الانخفاض التدريجي، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض تدريجي كبير في عائداتنا النفطية ويؤثر على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إلا أن أي تعديلات في الدعم الحكومي لابد أن تراعي التالي:
1 أن تكون تدريجية ومعروفة مسبقا.
2 أن تتبنى الحكومة خطة لتقديم تعويضات غير نقدية للفئات ذات الدخل المحدود، مثل ما صرح محافظ هيئة الكهرباء الأسبوع الماضي، بأن هنالك اتجاها لتعويض الفارق السعري لفئة دخل خمسة آلاف ريال أو أقل، وهي إحدى الصيغ الممكن اتباعها وليست بالضرورة الوحيدة.
3 أن نضمن توفر الحد الأدنى من وسائل النقل العام حتى نوفر البديل للتقليل من العبء المحتمل على كاهل بعض الفئات.
الطاقة الشمسية
• اهتمت المملكة في وقت مبكر بالطاقة الشمسية وبنت في السبعينات أو الثمانينات مدينة للخلايا الشمسية في العيينة بالرياض تابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ولكن انخفض هذا الاهتمام بعد ذلك ، هل من عودة جادة لاستثمار هذه الطاقة مجددا ؟
اهتمام المملكة بالطاقة الشمسية في السبعينات لم يتعد مرحلته البحثية وقتها، في ظل المحاولات لتخفيض تكلفة إنتاجها.
إلا أن الوضع الحالي مختلف تماما، فنحن بحاجة ماسة للإسراع في استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وإنارة الشوارع والمباني وغيرها. فما نستخدمه حاليا لتوفير كل هذا هو النفط وإلى حد أقل الغاز الطبيعي.
وإذا عرفنا أنه بسبب الدعم فإن مكونات برميل النفط تباع محليا في حدود 5 15 دولار للبرميل، في الوقت الذي يمكننا بيع نفس البرميل بحوالى مائة دولار لعرفنا ضخامة الخسائر التي تلحق بالاقتصاد نتيجة هذا الدعم الكبير لأسعار الوقود الذي توفره الحكومة لمختلف القطاعات.
مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة هي الجهة المناط بها دفع الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، وهي بالرغم من أنها أنشئت منذ أكثر من خمس سنوات إلا أنها لم تصدر بعد اللوائح والقواعد التي تحكم العلاقة بين الحكومة والمستثمرين في هذا المجال من القطاع الخاص. ولا نحتمل أي تأخير إضافي حيث إن المستثمرين جاهزون للبدء.
الثروة المعدنية
• كيف تنظرون لمستقبل الثروة المعدنية في هذه البلاد وألا تعتقدون أنها تمشي مشي السلحفاة بالرغم من الإمكانيات المادية والخبرة العملية الطويلة التي تتمتع بها المملكة؟
تمتلك المملكة احتياطيات كبيرة من مختلف المعادن، وبدأت جهود استكشافها واستغلالها تؤتي ثمارها، ولا شك أن وجود شركة متخصصة مثل معادن دفع بالاستثمار في هذا المجال خطوات كبيرة. ونجد أن استغلال خامات الفوسفات والحديد والبوكسايت قد مكن المملكة من بناء صناعات تحويلية تعتمد على هذه الخامات في مدن مثل الجبيل ورأس الخير ومستقبلا في مدينة وعد الشمال، كما تستغل سابك خامات الحديد لإنشاء صناعات تحويلية، وهنالك خامات الذهب والإسمنت يتم استغلالها بشكل جيد وخاصة الذهب الذي استفدنا من ارتفاع أسعاره عالميا بتصدير كميات كبيرة منه، كما نمتلك موردا هاما وهو اليورانيوم الذي لم يستغل بعد، ولكن ربما بتطوير الطاقة النووية لدينا يمكن أن يتم استغلاله، وزيادة قيمته المضافة.
بشكل عام مجال التعدين يسير بخطوات واثقة، وإن كانت بطيئة نوعا ما، إلا أننا بدأنا في هذا الطريق الطويل، وفتحنا المجال للقطاع الخاص لأن يشارك في مختلف الاستثمارات المعدنية الأولية واللاحقة.
ربط الريال بالدولار .. المزايا والمساوىء
• قرأت قبل فترة أن السعر الحقيقي للريال السعودي بالنسبة للدولار الأمريكي أقل من المعلن إلا أن ربط وتثبيت الريال مع الدولار أوجد هذا الخلل بل الضرر على القيمة الحقيقية للريال ماهي رؤيتكم في هذا الشأن؟
لا علاقة بين القيمة الحقيقية للريال مقابل الدولار بارتباطه به. فتستطيع مؤسسة النقد تغيير السعر الرسمي للريال وقت ما تشاء.
لكن مسألة تغيير سعر صرف الريال مقابل الدولار بين وقت وآخر فيه الكثير من المخاطر. فاقتصادنا غير متنوع ولايزال يعتمد على سلعة رئيسية هي النفط، والتي تتحدد أسعارها خارجيا ويتقلب دخلنا الأساسي تبعا لتقلبات سوق النفط العالمية.
وبالتالي فتغيير سعر الصرف بالزيادة سيتبعه تغيير لاحق بالتخفيض في حال تدهورت أسعار النفط، وزيادته إذا عادت أسعار النفط للارتفاع، وهي تقلبات مضرة للاستثمار والمستثمرين.
أما إذا كان مغزى سؤالك يقود إلى الاقتراح بفك الارتباط مع الدولار وربط الريال بسلة عملات، فالنتائج أسوأ. فاقتصادنا لا يتحمل التعويم ويفتح المجال للمضاربات الضارة لعملة الريال.
الصناديق السيادية تحافظ على ثروتنا
• لكم موقف قوي ومعروف تجاه أهمية إنشاء صناديق سيادية للمملكة كيف تحلل هذا الموقف وما هي الأسباب في التخوف من ذلك؟
طالبت منذ عام 2004 من خلال العديد من المقالات وأوراق عمل ألقيتها في بعض المؤتمرات المحلية والدولية، بضرورة إنشاء المملكة لصندوق سيادي يقوم باستغلال الفوائد النقدية التي بدأت المملكة في تحقيقها وبالذات في السنوات الخمس الأخيرة.
تمتلك المملكة الآن فوائض نقدية تزيد على ثلاثة تريليونات ريال، تقوم مؤسسة النقد بإيداع معظمها على هيئة سندات في الخزينة الأمريكية بفائدة لا تزيد على «1» في المئة؛ وذلك ما يعني تآكل قيمتها الحقيقية تدريجيا نظرا لأن معدل التضخم العالمي يزيد على 5% .
هنالك أكثر من 25 دولة لديها صناديق سيادية وتحقق عوائد كبيرة بكل المقاييس العالمية؛ نظرا لوجود فرص سهلة ورخيصة نسبيا بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، كما تعطي المشاركة في شراء حصص في بعض الشركات قدرة تصويتية للمملكة فيها تؤثر إيجابا على قرارات الاستثمار في هذه الشركات لصالح المساهمة في مشروعات محلية.
البعض يعارض من منطلق:
ان هذه الفوائض من الأولى استغلالها محليا، متناسيا أن هنالك مبالغ ضخمة يتم استثمارها محليا ليست جزءا من الثلاثة تريليونات التي نتحدث عنها. فصندوق الاستثمارات العامة لديه رأس مال لا يقل عن نصف تريليون ريال وكذلك الأمر بالنسبة لصناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية والصناديق المتخصصة الأخرى، عدا ما تخصصه الميزانية كل عام من بلايين للمشروعات الرأسمالية داخل المملكة.
ما نتحدث عنه هنا هو الفائض عن كل هذه الاستثمارات المحلية، ولايمنع البتة أن يقوم الصندوق السيادي إذا تم إنشاؤه بالاستثمار أيضا في السوق المحلية، باختصار فإن إنشاء صندوق سيادي مستقل عن وزارة المالية ومؤسسة النقد ومرتبط برئيس المجلس الاقتصادي الأعلى ويتمتع بشفافية وكفاءات إدارية متميزة هو ضرورة ملحة. فعصر الفوائض الذهبي الذي نعيشه حاليا لن يستمر إلى مالا نهاية، ولابد أن نترك للأجيال القادمة ما يمكنهم من تحقيق مستوى معيشة مرضٍ بإذن الله..
ولنا في سورة نبينا يوسف من العبر الكثير في هذا المجال، وهي أول درس في الادخار في السنوات السمان لاستغلالها في السنوات العجاف.. حمى الله بلدنا من كل مكروه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.