تمثل مآذن المسجد النبوي الشريف عبق تاريخ وشاهدا على عظمة هذا المكان الطاهر، تتجلى وتبعث صوات الأذان وتصدع في كل جنبات المدينةالمنورة، تأسر وتسر الناظرين عند دخول الأجوء الجوية حيث يلفت نظر الزوار جمال ومنظر هذه المآذن التي تنقل الصوت الحي لنداء الحق. ويرجع تاريخ المآذن في المسجد النبوي الشريف إلى مابين عامي 88 و91ه حين أوعز الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك إلى واليه على المدينة عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- بإعادة بناء المسجد الشريف. وفي التوسعة السعودية الأولى التي أجراها الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1370-1375ه أبقى على مئذنتي الجهة الجنوبية، وأزيلت الثلاث الأخر، وشيد عوضا عنها مئذنتان جديدتان في ركني الجهة الشمالية، يبلغ ارتفاع الواحدة منهما سبعين مترا، وتتكون كل مئذنة من أربعة طوابق. وفي التوسعة السعودية الكبرى توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله، التي استمرت من 1406 إلى 1414ه أضيفت ست مآذن أخرى، ارتفاع الواحدة 104م، وصممت بحيث تتناسق مع مآذن التوسعة السعودية الأولى، تصطف أربع منها في الجهة الشمالية، والخامسة عند الزاوية الجنوبية الشرقية من مبنى التوسعة، والسادسة في الزاوية الجنوبية الغربية منها أيضا، وتتكون كل مئذنة من خمسة طوابق. كما اشتملت التوسعة السعودية الرابعة على ست مآذن جديدة، ارتفاع كل منها حوالى 104م، أي بزيادة 32م، عن ارتفاع المآذن في التوسعة السعودية الأولى. وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر مآذن. ولقد تم تصميم هذه المآذن، بحيث تتناسق مع مآذن التوسعة السعودية الأولى وفق أحدث النظم الهندسية. ووزعت هذه المآذن على كامل التوسعة، بحيث توجد مئذنة في كل ركن من أركان التوسعة الجديدة، أربع مآذن في الواجهة الشمالية: واحدة في الركن الشمالي الشرقي، وأخرى في الركن الشمالي الغربي، واثنتان في منتصف الجانب الشمالي، فوق البوابة الوسطى (باب الملك فهد) ومئذنة في الركن الجنوبي الشرقي، وأخرى في الركن الجنوبي الغربي، وتتكون كل مئذنة من خمسة طوابق. وبالتأمل في مآذن المسجد النبوي الشريف، نجد أن لمسة جمالية أخرى أضيفت إليها، وذلك باستخدام الإنارة الصناعية، التي أضفت تأثيرا، ما بعده تأثير، على البناء الشامخ، حيث إن الضوء المشع إلى أعلى يحيط بالمنارة، وكأنه يصعد بها إلى أعلى الفضاء، وذلك بتركيب جهاز يعمل بأشعة الليزر، وضع على منسوب 86م تقريبا، لإعطاء حزمة ضوئية تحدد اتجاه القبلة على مساحة 50 كيلا تقريبا. وتتعالى مآذن المسجد النبوي الشريف؛ ليتجلى هذا البناء والشموخ مع روحانية النداء، وليكون الدعاء في الصبح والمساء متواصلا ما بين الأرض والسماء.