برغم أننا لم نتذكر لغتنا العربية ولم نحتفل بيومها إلا في السنوات الأخيرة القريبة، إلا أنه يبدو أن الاحتفاء باللغة قد امتد أمده أكثر من الأعوام السابقة، وهكذا نحن في كثير من الأشياء، تبدأ من العدم، ثم تتزايد وتتنامي إلى أن تصل طرفا حادا من المبالغة والمزايدة، ثم تبدأ الدعوات إلى الترشيد والتوسط وعدم المبالغة في الاحتفاء! * في احتفال اليونسكو ومندوبية المملكة العربية السعودية لديها باليوم العالمي للغة العربية، طرح بعضهم الاستعانة بهيفاء وهبي لنشر اللغة العربية والترويج لها، كما نشر في عدد صحيفة الجزيرة ذي الرقم (15057) في ديسمبر الماضي، واعترض آخرون بأن الأمر لا يحتاج للاستعانة بفنانين أو فنانات لهذه المهمة، وبخاصة أن بعضهم يعزز الابتذال اللغوي والفكري في أغاني مثل «بحبك يا حمار»! * تركز احتفال اليونسكو على محاور متعددة، كان من أبرزها العلاقة العكسية أو الطردية بين اللغة العربية الفصحى والإعلام، وكذا الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، وأثر كل تلك القنوات في نشر الفصحى وتعزيزها لدى الأجيال الجديدة، أو العكس من ذلك تماما. شارك في جلسات فعالية اليونسكو تلك عدد من الإعلاميين والمهتمين بشؤون الإعلام والإعلام الجديد، ولفت نظري في الخبر المنشور ورود أسماء إعلامية لا تمت للغة العربية الفصحى بصلة من قريب ولا من بعيد، بل إن بعضهم لا يستخدم اللغة الفصحى في خطابه الإعلامي الحي إلا نادرا، ومن بين أبرزهم إعلامي رياضي شهير في قناة أشهر، يتابعه الملايين حول العالم العربي، وبخاصة أن برنامجه أصبح منذ فترة نافذة تستخدمها القناة لتوزيع ملايينها التي تجني أضعافها من «اليانصيب المقنع».. وما يثير الاستغراب بل والاستنكار أن هذا المذيع الذي دعي للحديث عن اللغة العربية في يومها العالمي يكاد لا يتحدث بالعربية الفصحى إلا لماما، وحين يتحدث بها فإنه يقدمها على سبيل التهكم والتفاصح المصحوب بابتسامة سخرية وكأنه يعرض بالفصحى ومتحدثيها الفصحاء! قلت لكم: اليوم العالمي للغة العربية... حديث ذو شجون... وأشجان! [email protected]