مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (17) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    نسخة رابعة من جائزة الحكومة الرقمية    رئيس الوزراء العراقي يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    وكيل وزارة التعليم: مشاريع طلابنا في آيسف أبهرت العالم    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل النادي الأهلي السعودي بمناسبة فوزه بدوري النخبة الآسيوي    موعد نهاية عقد كريستيانو رونالدو مع النصر    الانضباط تصدم الوحدة مجددا    بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    وزير الخارجية ونظيره التركي يترأسان الاجتماع الثاني للمجلس التنسيقي    الشارقة الإماراتي يتوج بطلًا لدوري أبطال آسيا 2 للمرة الأولى    جناح جمعية تعظيم في معرض "نسك هدايا الحاج" يشهد إقبالاً كبيرا من الزوار    إنشاء أول مصنع للصفيح المقصدر في السعودية    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    مهرجان "القراءة الحرة" ينطلق بمكتبة المؤسس    أمير القصيم يشيد بجهود الأمانة ويثني على تميزها في التقرير السنوي لعام 2024    الراجحي يُطلق رخصة العمل التطوعي ويدشّن مرصد خدمة ضيوف الرحمن    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد استكمال استعدادات الرئاسة العامة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تنفذ عددًا من البرامج التدريبية لتطوير مهارات منسوبيها من مقدمي الخدمات لضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    "هيئة الأدب" تختتم مشاركتها في معرض "الدوحة الدولي للكتاب"    استراتيجية استثمارية طموحة لأمانة حائل في منتدى الاستثمار 2025    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    برنامج التحول الوطني يُطلق تقرير إنجازاته حتى نهاية عام 2024    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    حصر الحراسات الأمنية في 8 أنشطة على وقت العمل    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    ترمب.. الأمريكي المختلف!    يبدأ زيارة رسمية إلى مصر.. رئيس مجلس الشورى: علاقات الرياض- القاهرة العريقة تنطلق من رؤية مشتركة    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    بدأ المرحلة الثانية من تقييم الأداء لشاغلي الوظائف التعليمية    تفقد مقر أعمال اللجنة المعنية.. مدير عام الجوازات: معالجة طلبات إصدار تصاريح الدخول لمكة بسرعة ودقة    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    قوة المملكة وعودة سورية    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    فخر يُجسّد مكانة المملكة    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام يغدر بأطفال المدارس ويمتهن المجازر

لم تكن القلمون لتحظى بذلك الاهتمام في الإعلام الدولي قبل الثورة السورية وتحديدا قبل أشهر فقط، فأكثرية الناس عربا وعجماً لا يعلمون «بالقلمون» في سورية، ولا يعرفون الطريق إليها، إلا أنها وبين ليلة وضحاها باتت تجتذب الأضواء الإعلامية، وتستلفت الأنظار من كل حدب وصوب وباتت قراها على كل شفة ولسان، هنا معارك طاحنة، وهناك غارات جوية مركزة، وهنالك حركة نزوح لا يمكن وصفها.
منطقة القلمون هو الاسم الذي يطلق على المنطقة الممتدة من جبال لبنان الشرقية وسلسلة الجبال الغربية السورية غرباً إلى بادية الشام شرقاً، ومن سهول حمص شمالاً إلى دمشق جنوباً، إنها منطقة شاسعة الاستراتيجية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ولعل في ذلك تكمن سر المعركة الضخمة التي يخوضها الجيش السوري الحر والثوار ضد جيش النظام السوري وحلفائه وعلى رأسهم حزب الله اللبناني.
«عكاظ» قصدت القلمون بقراه ومدنه فجالت على خطوط التماس وعاينت الأضرار والتقت الشهود المغيبين على معارك القلمون وقصصها، من قارة إلى يبرود مرورا بالنبك فكانت تلك الحكايات.
في طريق العودة من يبرود لا بد أن نعاود اجتياز كل القرى التي عبرناها عند قدومنا، فأعدنا المرور بالجراجير ،سحل، الفليطة، وخط النبك، إلا أن العودة لم تكن عبر الطرق السابقة لضرورات أمنية، فالطائرات الحربية تمثل خطرا داهما، وقد أبلغنا مسؤول إحدى المجموعات التابعة للجيش الحر ويدعى «أبوعثمان»، محذراً من أن الأمكنة التي سنتوقف فيها يجب أن يكون زمنها سريعاً، إذ أن هناك الكثير من المخبرين الذين يعملون لصالح النظام وبمجرد رؤيتهم لأية مجموعة عسكرية أو فريق إعلامي يرسلون إشارات للقاعدة الجوية حتى تقوم الطائرات الحربية بقصف الهدف.
خرجنا من يبرود وعبرنا خط التماس مع النبك بسرعة قياسية، فرصاص القناصة لا يتوقف عن استهداف هذا الطريق، كذلك المدافع المباشرة قادرة على إصابة أي هدف ثابت، وبعد هذا العبور المخيف الذي صوره لنا المرافقون، وصلنا الى قرية «سحل» حيث عزمنا على القيام بجولة فيها بدأت من ساحة الشهداء وهو اسم أطلقه الأهالي على الساحة حديثا.
في هذا المكان تقدم منا شخص يرتدي لباس عسكرية طالبا من السائق أن نرشده إلى طريق إحدى القرى الحدودية، فطلب منه السائق مرافقتنا، لكنه رفض مبرراً ذلك بأن لديه سيارات سيسير بها خلفنا إن عدنا إليه بعد نصف ساعة لتسوية أمر ما، فارتاب مرافقنا أبو عثمان منه وقال لنا وللمجموعة لمرافقة: «إنه مخبر وعلينا مغادرة المكان بشكل سريع حتى لا نصبح هدفا لطائرة او قناص».
نظام المخبرين
صعدنا بالسيارات وبدأت رحلة التمويه والهروب وما هي إلا دقائق حتى سمعنا صوت دوي صاروخ بعيد نسبياً عن طريقنا، فنطق جهاز الاتصال «اللاسلكي» بين يدي أبو عثمان ليخاطبه أحد أتباعه لم نعرف اسمه سوى أنه قال: «مصعب 2 يحادث مصعب1.. هل أنتم بخير، وأبلغه أن قرية سحل قصفت الآن».
يتنفس أبو عثمان الصعداء ويخاطبنا «هذا ما يقدر عليه النظام فقط، إنه نظام قائم على المخبرين، وهذا الأمر يعود لعهد حافظ الأسد». مضيفا أنه «لولا الطائرات الحربية والمخبرين لما تمكنوا من الاقتراب من قرى القلمون، فهم عبر الغارات الجوية هجروا أهل تلك القرى وقتلوا العديد من سكانها الهاربين في الطرقات».
من سحل وصلنا إلى الجراجير، وهناك كانت لنا محطة قصتها مكتوبة بالدم والدموع.. إنهاحكاية مزدوجة لمدرسة فتحت أبوابها لاحتضان طلابها، وحكاية أهل أرسلوا أبناءهم الى تلك المدرسة، فلم يعودوا إلى منازلهم كما هي العادة ظهراً، بل عادوا في ذالك اليوم محمولين على الاكتفاف وبسيارات السكان شهداء وضحايا مجزرة ارتكبها النظام، حيث قصف قصفا عشوائيا وربما قصفا مقصوداً مبنى المدرسة.
محزرة المدرسة
يروي لنا أبو عثمان ما يعرفه عن المجزرة فيقول: هذه المدرسة كانت تضم ما يزيد على مئتي طالب، والقرية في تلك الأيام لم يكن فيها (جيش حر) ولم تكن هناك مواقع ومراكز لهم، إذ أن النظام دخلها وخرج منها دون أية مقاومة أو معركة تذكر، والناس عادت لحياتها اليومية لا هم لهم سوى لقمة العيش وضمان أمن أبنائهم. ويضيف أبو عثمان وقد وصلنا إلى إحدى غرف الدراسة: قبل نهاية العام الدراسي الماضي بعدة أيام ودون سابق انذار، انهمرت القذائف فجأة على الطلاب، 7 قذائف استهدفت مقاعدهم وكانت كفيلة بإحداث مجزرة، وكانت حصيلتها ما يزيد على 15 شخصا بين طالب ومدرّسة وعامل.. بعدها تعطلت الدراسة وبدأت هجرة السكان من القرية باتجاه قرى لبنان.
التجول في غرف الدراسة يشعرك بأن الموت موجود في كل زاوية، مقاعد الدراسة لم تعد منتظمة كما جرت العادة، فالقذيفة التي اخترقت السقف بعثرت كل شيء، فيما صور الأطفال ورسوماتهم لم تعد تزين الجدران، فقد تمزقت كما تمزقت أجساد أصحابها. إن أطبقت الصمت والسمع، تسمع ضجيج الطلاب وكأنهم لم يغادروا مقاعدهم، ولكن ما إن تعود إلى الواقع حتى تدرك أن المدرسة لم تعد مدرسة، وأن الطلاب قد غادروا هذا المكان.
في قرية الجراجير ونحن نتجول في شوارعها ندرك أن لقذائف النظام رسالة، فهذه القذائف استهدفت المدرسة والمسجد والمصنع ومحلا تجارياً وسيارات السكان، فيما مؤسسات الدولة لم يمسها ضرر وكأن هذه القذائف تقول لأهل الجراجير.. ارحلوا من هنا، فهذه الأرض ليست أرضكم.
ونحن نهمّ بمغادرة قرية الجراجير قال لنا أبو عثمان: إنهم يحلمون بالسيطرة على هذه القرى، هذه القرى هزمت عبر التاريخ العديد من الجيوش.. فكيف بمليشيا من هنا وعصابة من هناك يقودها مجرم، سنهزمهم كما هزمنا جيوشا من قبله.
أطفال يثأرون
ياسر ابن الثماني سنوات من بلدة الجراجير لم يعد لديه أب أو أم أو أشقاء، قتلوا جميعهم في غارة لطائرات النظام الحربية على البلدة، لم يذهب مع النازحين من أهل القرية إلى عرسال، فليس هناك من يهتم به، بقي مع الثوار، هم من قاموا بدفن عائلته بعد موتهم، أصبح ابننا وشقيقا لكل عنصر من الجيش الحر أو لكل ثائر يأكل معهم، ويشرب معهم، ويذهب معهم، أينما تنقلوا. .... ياسر خجول أمام الغرباء وبخاصة أمام الكاميرا.. فقط يجيب عن سؤال واحد، ما اسمك فيقول: ياسر.. وعندما يسأله أحد الثوار ممازحاً: من تريد أن تقتل.. يقول بثقة: بشار.
ياسر مثله مثل كثير من الأطفال السوريين، تركوا ألعابهم وتخلوا عن طفولتهم وربما عن عائلاتهم التي تعيلهم... قصة ياسر قد تجدها في كل القرى والمدن السورية التي مرت فيها آلة الحرب القذرة والكثير الكثير من الحاقدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.