من هنا انطلقت جدة في فتنتها وردائها الشعبي اللذيذ، الأبواب والنوافذ تشتبك في التعاضد والتكافل والتآخي، يقتسمون التمرة مع ابن جارهم السابع ويصنعون الموائد للحارات المجاورة، تملأهم الرحمة ويفيض منهم الإحسان، اليوم حين تزور تلك الأبواب والرواشين المهترئة تبحث في الزوايا والأزقة عن ذكرى تلتقطها بكاميرا حديثة علها تعيد أمواج الماضي إلى باخرة المستقبل، تستقبلك الأبنية المهجورة إلا من قليل من بشر لم تعجبهم جدةالجديدة بعد، في انتظار أن تصل قريبا إلى العالم الأول لتصبح القديمة حينها بيضة القبان لعروس البحر الأحمر، وترتدي حلة الفخر والكبرياء وتسترجع بعضا من شموخ سرقه الزمن من عينيها الكسيرتين ذات قدر.