ميزانية الخير تضمنت ولله الحمد آلاف المشاريع التنموية في مختلف المجالات. وبالقطع كل وزارة ستقوم بتوقيع عقود ما يخصها من مشاريع، لكن هل استعدت لترجمتها إلى واقع في الوقت المحدد وبالمواصفات والرقابة عليها؟ أيضا القطاع الخاص الذي انتظر صدور الميزانية العامة، يقرأ جيدا بنودها ومعطياتها وأرقامها ليعرف خارطة المشاريع التي سيتنافس على مناقصاتها، ولكن هل استعد قطاع المقاولات والتشييد والمصانع والموردون؟ وهل لدى شركات الإنشاءات المحلية الإمكانات اللازمة قبل أن تتنافس على عروضها؟ وهل ستؤثر عليها القرارات الجديدة لوزارة العمل، لنكتشف في منتصف الطريق أو بعد فوات الأون، بازدياد نسبة تعثر المشاريع بدلا علاجها لإنجاز مشاريع بمئات المليارات؟ وما مدى الحاجة لدخول شركات وخبرات عالمية؟. لقد اعتدنا أن تصدر تقارير ديوان المراقبة العامة بمؤشرات سلبية سنوية عن مشاريع متعثرة وأخرى متأخرة، واعتمادات لمشاريع لم تنفذ وتعود مبالغها إلى وزارة المالية، وأسباب ذلك متداخلة بين أجهزة حكومية لم تتابع، وشركات أهلية لم تلتزم، وما تكشفه تقارير من إهمال وإهدار المال العام، ودخلت «هيئة مكافحة الفساد» على الخط بتقاريرها عن مظاهر الخلل وما ينتج عنه من ضياع أو تأخير مصالح عامة وإهدار للمال العام. لا بد أن ينضبط الأداء والتنفيذ بشفافية عالية من الوزارات، وأن يستعد القطاع الخاص لكل هذا الخير من المشاريع بمسؤولية وإمكانات ولا ينظر لها على أنها فقط مجرد (كعكة). لذا نتمنى أن يشهد قطاع المقاولات والإنشاءات مرحلة جديدة من الاستعداد والتجهيزات والإمكانات، ونتمنى تقديرا دقيقا من الوزارات لهذا القطاع ومدى الحاجة لخبرات وإمكانات الشركات العالمية. أختم بالأمل والضوابط والالتزام والشفافية التي أكدت عليها التوجيهات الكريمة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لأصحاب السمو والمعالي الوزراء بالعمل بجد وإخلاص؛ لتنفيذ بنود هذه الميزانية على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة: «أيها الوزراء والمسؤولون كل في قطاعه، أقول: لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أو تهاون أو إهمال، واعلموا بأنكم مسؤولون أمام الله جل جلاله ثم أمامنا عن أي تقصير يضر باستراتيجية الدولة التي أشرنا إليها، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق».. نسأل الله التوفيق.