العيد عادة موسم لمناسبات الزواج ومبروك لكل عروسين. والحقيقة أن الحياة الزوجية في زمننا هذا تتطلب البناء النفسي والتأهيل على المسؤولية وجمال الطبع والجوهر مع جمال المظهر، وأن يعطي كل طرف الفرصة لنفسه وللآخر للتعارف أكثر في تفاصيل الشخصية من خلال العشرة. وليت كل طرف يدرك أن التوافق ممكن وميسر بتحكيم العقل وتنقية النفس والصبر والاجتهاد في إسعاد شريك حياته، ليقوى الرباط ويعمر البيت بالمودة والرحمة وبما رزق الله من ذرية هي زينة الحياة الدنيا والتعاون لتنشئتها الصالحة. وما أصدق قول الحق تبارك وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). الزواج يستحق عزيمة وثقافة خاصة للحوار، فالحذر الحذر من الخلاف حتى على صغائر الأمور بضيق الأفق والأنانية وسوء الظن وعدم التقدير المتبادل. فإذا دخلت الصغائر من الشباك وتراكمت تخرج المودة والرحمة من الباب، خاصة أن الحياة اليوم أضعفت بيئة التأهيل لمسؤوليات الزواج عكس ماكان في الماضي من بساطة الحياة وطبيعة المجتمع، عندما كانت القيم الحياتية العامة تحكم تصرفات الجميع وفي مقدماتها قوة وشائج الزواج التي تراجعت اليوم لصالح (الأنا) وتشابك الأدوار بين الزوجين، إما بسبب التداخل وعدم التفاهم أو إهمال الآخر رغم التعليم والانفتاح الثقافي في طبيعة الحياة، مما يتطلب إرادة أقوى ووعيا وتدبرا لقيمة المحافظة على الطرف الآخر بتقوى الله فيه وإبداء الرحمة والمحبة والتماس العذر له والنظر بحب إلى المستقبل معا. إن العلاقات الزوجية والأسرية تحتاج دائما إلى رعاية، وغذاؤها وسقياها ودواؤها يكون في المصارحة الرقيقة بروح المحبة والتسامح وتجنب قاموس الاتهامات والتوبيخ، وهذه مسؤولية عظيمة لا يقدر عليها إلا أولو العزم ممن يقدرون معنى وقيمة الرباط المقدس وتبعاته بما أوصى به ديننا الحنيف. ليتنا نعلم الأجيال ثقافة جودة الحياة بالحوار وسمو الأخلاق والاحترام المتبادل لتسير سفينة الأسرة بأمان، وتكبر في استقرار وراحة بال بالنظر دائما للنصف المليء من الكوب في شخصية شريك حياته، علما بأن لا حياة أسرية بدون اختلافات ولاخلافات، والمثل يقول (مافي حلاوة بدون نار ).. فهي ملح الزواج لكن يجب أن يذوب بالعتاب السريع والاعتذار والحوار الراقي الذي يقوي الحب ويجدد العسل. مع دعواتي للجميع بحياة سعيدة.