أهالي المهد يخشون «تلوث الذهب» ودراسة كندية توصي بجدار صناعي

المحكمة تؤجل القضية 3 مرات في انتظار رد الأرصاد

تسللت الهواجس بصورة محمومة إلى صدور أهالي مهد الذهب عقب أن كشفت دراسة علمية صادرة عن جامعة الملك سعود في الرياض المخاطر الناتجة من منجم الذهب وتلويثه البيئة المحيطة به وأثر ذلك على السكان، فيما كشفت دراسة كندية إمكانية إبعاد شبح التلوث بإنشاء جدار صناعي لحماية السكان.
وكان أهالي المهد تقدموا بشكوى إلى وزارة البترول والثرورة المعدنية، كما رفعوا شكوى مماثلة إلى المحكمة الإدارية في جدة، وبعد مداولات طويلة من احتمال رفض الدعوى طلب ناظر القضية من مصلحة الإرصاد وحماية البيئة أن توضح مرئياتها في التلوث الناتج عن المنجم، غير أن الرئاسة لم ترد بشيء بحسب ما أورده مصدر ل«عكاظ» واضطر القاضي إلى تأجيل الجلسة الأولى إلى أن يتم الرد ثم اضطر إلى التأجيل ثانية بانتظار رد الرئاسة وفي الجلسة الثالثة اتخذ القاضي قرارا بتأجيلها إلى السابع عشر من شهر شوال المقبل، وطلب من محامي الأهالي اقتراح ثلاث جهات يمكن أن يطلب رأيها في التلوث بالإضافة إلى الدراسات والتقارير المثبتة ذلك.
وفي نفس السياق سبق ل«عكاظ» أن حصلت على وثائق تتعلق بمعاناة سكان مدينة المهد من هذا المنجم وأضرار التلوث الناتجة عنه، قبل أن يوجه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة، خطابا يقضي فيه بسرعة وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية حيال تطبيق شركة معادن للتدابير البيئية في محافظة مهد الذهب.
فشل كلوي
وكان الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود الباحث في تلوث التربة بالعناصر الثقيلة الدكتور عبدالله الفراج أشار في دراسة سابقة له مع زميله رئيس قسم علوم التربة البروفسور محمد إبراهيم الوابل إلى أن مدينة مهد الذهب ملوثة تلوثا تاما بالعناصر الثقيلة، ومنها عنصر الكادميوم الذي يمثل خطورة على الكلى ويعتبر أحد أسباب الفشل الكلوي.
وبين الفراج في مقطع له مرئي على اليوتيوب إحصاءات الفشل الكلوي في المملكة ومقارنتها بحالات الفشل في مهد الذهب، إذ يظهر أن نسبة الفشل الكلوي في مدينة مهد الذهب هي 1038 لكل مليون بينما النسبة في المملكة 475 لكل مليون.
وقال الدكتور عبدالله الفراج «إننا لو خرجنا إلى محافظة مهد الذهب بشكل عام واستبعدنا مدينة مهد الذهب سنجد أن نسبة الفشل الكلوي تنزل إلى 454 لكل مليون والفارق بين المحافظة والمدينة هو منجم مهد الذهب بحكم أن المأكولات والعادات الغذائية واحدة والسكان ينتمون إلى القبائل نفسها».
وأضاف: «تمثل المنطقة الغربية أعلى نسبة فشل كلوي في المملكة حيث تبلغ 555 لكل مليون، وهذا يوضح أن الفشل الكلوي كبير جدا في مدينة مهد الذهب». وأضاف الفراج أن الأرقام مقلقة بالنسبة للمختصين في هذا المجال.
تلوث التربة
ويتضح عند النظر في الإحصاءات السابقة أن نسبة الفشل الكلوي زادت في مدينة مهد الذهب بما يقارب 118 في المائة مقارنة بالمتوسط العام في المملكة، بينما فاقت المتوسط في المحافظة بنسبة 129 في المائة، وبلغت زيادتها مقارنة بأعلى نسبة في مناطق المملكة «المنطقة الغربية»بنسبة 87 في المائة.
ويبين الدكتور عبدالله الفراج ل«عكاظ» أن تلك النسب تعتبر قرينة تتفق مع الدراسات السابقة التي أثبتت تلوث تربة مهد الذهب بعنصر الكادميوم بسبب عمليات التعدين في المنجم ووصول مستويات تركيز الكادميوم إلى تراكيز مرتفعة جدا مقارنة بالحدود الطبيعية للتربة.
وقال أحد مواطني المهد أنه تقدم بشكوى إلى مكافحة الفساد ضد الشركة المشغلة للمنجم فجاءه الرد أنه لا يمكن قبول الشكوى لأنها منظورة في المحاكم. وتشير المعلومات إلى أن صاحب السموالملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة سبق وأن أصدر قرارا بإزالة المرادم الحالية للمنجم في مهد الذهب وإنشاء مردم جديد بعيد عن السكان، وما زال الأهالي في انتظار أن تتولى الشركة تنفيذ هذا المشروع.
تقرير جامعة كندية
وكانت شركة (معادن) المشغلة للمنجم تعاقدت مع جامعة ميموريال الكندية لإعداد دراسة ميدانية للتتأكد من صحة نسب التلوث التي أوردتها جامعة الملك سعود ممثلة في كلية علوم الأغذية والزراعة، وجاء تقرير جامعة مموريال الكندية موافقا مع ما توصلت إليه دراسة جامعة الملك سعود من حيت النتائج وسبب التلوث وخطورته على صحة السكان، بل أوصت الدراسة الكندية بضرورة عزل المنجم عن المدينة ببناء جدار أو جبل صناعي.
جامعة طيبة
من جهة أخرى أوضح مصدر ل«عكاظ» بجامعة طيبة في المدينة المنورة أن الجامعة تنوي إجراء دراسة علمية عن أضرار منجم مهد الذهب وتلوثه على السكان، مؤكدا أن محاور الدراسة كتبت وستعرض على مدير الجامعة قريبا، وبعدها ستعرض على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
وأشار المصدر إلى أنه طلب في الورقة البحثية الاستعانة بخبراء أجانب لكون البحث الذي ستدعمه جامعة طيبة سيكون شاملا لفحوصات الدم والبول والغائط وفحوصات للتربة وللمزروعات وتحليل للجو، وأيضا فحوصات لبعض السكان الذين كانوا في مدينة مهد الذهب وخرجوا.
يذكر أن عددا من الطلاب في محافظة مهد الذهب أجروا دراسة مبسطة عن تلوث تربة مهد الذهب بالعناصر الثقيلة، وحققوا ببحثهم المركز الرابع على مستوى العالم في مسابقة «انتلالتي جرت 2010م» في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى تحقيقه المركز الأول من المعهد الجيولوجي الأمريكي وحصد جائزتين علميتين على مستوى المملكة العربية السعودية.
«عكاظ» بدورها حاولت التواصل مع شركة معادن لأكثر من مرة لكنها لم تتلق أي تجاوب بهذا الشأن.