ذرفت دموع المصلين أمس وهم ينصتون لآيات الذكر الحكيم التي اختارها أمام المسجد الحرام الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم للتلاوة في ركعات صلاة مغرب البارحة، والتي كانت منهجا دستوريا لمن عمل وتفانى في عمله في الدنيا؛ بأن يكون في الآخرة ممن لا خوف عليه ولا هم يحزنون. الصوت الشجي لأمام المسجد الحرام، والمشهد المهيب لوداع الأمير نايف، والآيات العظام التي تعالى صداها في جنبات المسجد الحرام، كانت ثالوث الموقف المهيب في وداع فقيد الوطن، فبعد فاتحة الكتاب في الركعة الأولى تلا الشيخ سعود الشريم القراءات المجودة والمحكمة للآية رقم 30 من سورة فصلت (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهِم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)، وهي الآية العظيمة التي كان يؤمن بها الأمير نايف بن عبد العزيز منهجا ودستورا، والتي رفعت الأكف أمس من آلاف المصلين بأن تكون الجنة مثواه نظير ما قدمه من خدمة جليلة للإسلام والمسلمين. وعرج الشيخ الشريم في تلاوته على الآية الكريمة«نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهِي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم»، وهي الآية العظيمة التي يتحقق من خلالها الوعد الرباني بحماية ورعاية أوليائه الصالحين المصلحين. وفي ركعة الصلاة الثانية شرع أمام المسجد الحرام بعد أم الكتاب في تلاوة أربع آيات أخرى من السورة ذاتها حملت الآيتين الأولتين المنهج الإسلامي المعتدل والقيم في التعامل والتعاطي من كافة شؤون وشجون الحياة «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». ولعل المتأمل، لمسيرة ونهج ولي العهد ووزير الداخلية الراحل يدرك أن الآيتين الكريمتين كانت خارطة طريق في حياته وتعاملاته ومن خلالها كانت مشاريعه الإصلاحية في التعامل مع الفئة الضالة، حيث انطلقت برامج المنصاحة الشهيرة. ووقعت الآيات المتبقية من تلك السورة القرآنية العظيمة في نفوس المحبين والمصابين بهذا الجلل الكبير بفقيد الأمير نايف؛ لتكون بمثابة بلسم وشفاء لتتطابق شفاه المصلين ملبية بالدعاء والرحمة والتأمين «وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وإما ينزغنك من الشيطانِ نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم».