"سالم الدوسري" هلاليًا حتى عام 2027    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    قيمة الأصول المدارة في السوق المالية السعودية تجاوزت حاجز التريليون ريال    رؤية 2030 ودعم الرياضة في المملكة العربية السعودية    حرس الحدود ينقذ 10 مصريين بعد جنوح واسطتهم البحرية    ضبط 17 مواطناً ومقيماً نقلوا مخالفين لأنظمة الحج    ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»    حينما تنطق العراقة    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    10 آلاف متطوع من منسوبي التقني    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    تواصل سعودي نمساوي    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    "آفاق" يدمج 88 طفلًا في التعليم العام ويحتفل بمرور خمس سنوات على تأسيسه    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    الذهب يرتفع بفعل الإقبال على أصول الملاذ الآمن    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    أمير تبوك يستقبل إدارة نادي نيوم بمناسبة تتويجه بدوري "يلو" وصعوده إلى دوري روشن    وزارة الرياضة تطرح مشروع "استثمار المنشآت الرياضية" عبر بوابة "فرص"    عقارات الدولة توضح ما يُتداول حول توزيع أراضٍ سكنية في الرياض    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    لعبة " المسار المفقود " بدعم من "الصندوق الثقافي" و"إثراء"    جمعية البر بالمنطقة الشرقية تشارك في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي (إينا)    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم    مبادرة طريق مكة تحظى بشرف خدمة أكثر من مليون مستفيدٍ من ضيوف الرحمن منذ إطلاقها    كندا تعلق بعض الرسوم الجمركية المضادة على الولايات المتحدة    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    تحالف استراتيجي بين "نايف الراجحي الاستثمارية" و"تي جي سي سي" لتنفيذ مشاريع رائدة في المملكة العربية السعودية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريج مدرسة القصر.. الحكمة منذ عهد الصبا
سيرة نايف1
نشر في عكاظ يوم 18 - 06 - 2012

سيرة ومسيرة حياة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، سيرة ثرية ومسيرة مكللة بالفخر، تتميز بمحطات ناصعة البياض وبهاء المواقف وشموخ الحكمة وصناعة التاريخ للوطن المضيء.
أنتم أحرار في تحديد مستقبلكم، لكني أذكركم بأن الصلحاء والأقوياء من الناس هم الذين يعرفون كيف يخططون لمستقبلهم، وليكن لديكم معلوما أن الأهداف لن تتحقق ما لم تدعموها بالعلم والمعرفة والخبرة والخلق القويم، وفوق كل هذا بالإيمان بالله وكتبه ورسله.
الملك عبدالعزيز
النشأة:
لم يمر عام واحد على توحيد المملكة العربية السعودية حتى جاءت ولادة الابن الثالث والعشرين للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
ففي تلك الأجواء المليئة بالانتصارات والمشحونة بالوحدة والمدفوعة بعقيدة دينية صادقة والمكتنزة بالعزم على تطوير البلاد ونبذ الخلافات وتوحيد الصفوف جاءت ولادة نايف في مدينة الطائف عام 1353ه الموافق 1934م. كريم من كريمين، فوالده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ووالدته الأميرة حصة بنت أحمد بن محمد السديري الزوجة السادسة من بين زوجات الملك المؤسس، المولودة عام 1318ه 1900م، وهي ابنة خال الملك، أنجبت له فهد وسلطان وعبدالرحمن وتركي (الثاني) وسلمان وأحمد وفلوة (توفيت صغيرة) وشعيع (توفيت صغيرة) وموضي (توفيت شابة) ولولوة والجوهرة ولطيفة (توفيت مؤخرا). لقد حظيت الأميرة حصة والدة الأمير بمكانة كبيرة ومنزلة عالية عند الملك عبدالعزيز نتيجة لأخلاقها الرفيعة وأدبها الجم، إذ يروى أن الملك عبدالعزيز كان يقول إنه لم يسمع منها يوما ما كلمة تسيء إلى أحد، ونتيجة لهذه المكانة فقد كانت من أحب زوجاته إلى نفسه. وقد عمرت رحمها الله بعد الملك عبدالعزيز وتوفيت في أواخر 1389ه 1969م.
وكانت الأميرة حصة امرأة بالغة الحنان والحب، فقد وهبت نفسها بإخلاص لتنشئة أبنائها. كانت الأميرة حصة من فضليات النساء، ومن أعقلهن وأقربهن إلى قلب الملك عبدالعزيز، وقد دأب على الإشارة إلى احترامه لها والإشادة بعظمتها وحصافة رأيها ودينها في أكثر من مناسبة.
كانت تعقد مع ابنائها اجتماعات خاصة تستعرض فيها حسن سير تقدمهم في دراستهم وشؤون حياتهم وتناقش معهم بصراحة ووضوح كل ما يهمهم. كانت شديدة الاهتمام بالغة الحرص على تمسكهم بالدين القويم، والولاء الشديد لأسرتهم ووالدهم، وقد كان الملك عبدالعزيز يقدرها حق قدرها حتى آخر رمق في حياته. كانت رحمها الله فخورة أيما افتخار بأبنائها جميعا، وكانت تعتز بتقدمهم ونجاحهم في حياتهم واهتمامهم بخدمة والدهم العظيم الملك عبدالعزيز.
التحق سمو الأمير نايف بمدرسة القصر، وهي عبارة عن غرفة واسعة الأرجاء تحتل حيزا في الطابق العلوي إلى جوار مكاتب الملك عبدالعزيز في بادئ الأمر ثم انتقلت إلى مقر المدرسة القديمة التي أسست في نهاية قصر الديرة من الغرب بجوار مخازن القصر، وتقع في الدور الأرضي، حيث أنشئت حين أنشئ قصر الديرة عام 1328ه الموافق 1910م، وقد درس فيها الجيل الأول من أبناء الملك عبدالعزيز وعدد من الأمراء والطلاب. كان يقوم بالتدريس في تلك المدرسة محمد بن عقيف، وعبدالرحمن بن عقيف، وناصر بن حمدان، وهم من حفظة القرآن الكريم ومن طلبة العلم الشريف. ثم أنشئت مدرسة الأمراء التي رعاها الملك عبدالعزيز واهتم بها امتدادا لاهتماماته بالعلم والتعليم حيث أحضر لها عددا من المدرسين المجيدين بإدارة أحمد العربي، وصالح خزامي، وأخيرا تسلم إدارتها عبدالله خياط، وأحمد علي الكاظمي، وحامد الحابس. أما المدرسة التي أشرنا إليها سلفا فهي مدرسة متوسطة من حيث الترتيب بين الأولى والأخيرة وكان يقوم بالتدريس فيها الأستاذ محمد الحساوي المتقن لفنون التدريس والخط وتعليم الفنون الشائعة آنذاك وهو من أهل الرياض، وكان يطلق عليه لقب«الحساوي» لكثرة زياراته وأسفاره للأحساء وبلدان الخليج، إلى جانب مدرسي المدرسة الأولى، ممن جئنا على ذكر بعض منهم.
وكان يقوم بتدريس المواد الرياضية والخط وبعض الفنون الشيخ محمد بن عبدالله العماني الملقب ب«السناري» وهو أستاذ كبير في شؤون التربية والتعليم، ويتقن العديد من الفنون المعرفية.
وكان الشيخ السناري أول من أدخل في تلك المدرسة طريقة تعليم الكسور في الرياضيات على الطريقة التجارية، وهي طريقة تختلف عن الطرق الحديثة في الكسور الاعتيادية والعشرية، حيث كانت تلك الطريقة تضع مصطلحا خاصا لأرقام النصف والربع والثلث والعشر.. الخ، وذلك قبل تطور علم الرياضيات في بلادنا، وكانت هذه الطريقة شائعة في الحجاز وفي بلدان الخليج بعامة، وقد هجرت تلك الطريقة في عهدنا الحاضر. ويظهر أن الشيخ السناري لم يستمر في تلك المدرسة حيث أعطاه الملك عبدالعزيز إذنا بفتح مدرسة خاصة في مدينة الرياض، فكان أن أسس مدرسة السناري المشهورة في «دخنة» مع الشيخ المرحوم ناصر بن عبدالله بن مفيريج وذلك في عام 1354ه الموافق 1935م.
ومنذ ذلك الحين تغير وضع مدرسة الأمراء بالرياض حيث أمر الملك عبدالعزيز عام 1354 ه الموافق 1935م بتنظيم مدرسة الأمراء في الرياض، وعهد بالقيام بأمرها إلى الأستاذين أحمد العربي، وحامد الحابس، وفي عام 1356ه الموافق 1937م أسندت إدارة تلك المدرسة إلى الشيخ المرحوم عبدالله خياط فاختار معه عددا من الأساتذة منهم الأستاذ أحمد علي الكاظمي، والأستاذ صالح خزامي، وقد استقبلهم الملك عبدالعزيز بنفسه عند افتتاح المدرسة بنظامها الجديد، وتحدث معهم بصراحة عما يريده لتعليم أبنائه، مؤكدا على أنه يريد قبل كل شيء الاهتمام بالقرآن الكريم والكتابة وبعد ذلك بقية الدروس، ثم أوضح لهم جلالته ما يود أن يكون عليه سيرهم مع الأمراء وأن يبدأوا معهم باللين والحسنى، وألا يتشددوا ويشددوا عليهم في أول الأمر فينفروا من التعليم.
وكان موقع المدرسة الجديد في الدور الثاني من قصر الديرة قريبا من الشعبة السياسية وهي عبارة عن عدد من الغرف ومنافعها.
وكان الملك عبدالعزيز يزور أبناءه في تلك المدرسة. و يقول لهم: أنتم أحرار في تحديد مستقبلكم، لكني أذكركم بأن الصالحين والأقوياء من الناس هم الذين يعرفون كيف يخططون لمستقبلهم، وليكن معلوما لديكم أن الأهداف لن تتحقق ما لم تدعموها بالعلم والمعرفة والخبرة والخلق القويم، وفوق كل هذا بالإيمان بالله وكتبه ورسله.
هكذا كان جلالة الملك، وهكذا كانت الأميرة حصة رحمهما الله، أما الطائف فهي مدينة مرتفعة تابعة لمنطقة مكة وتقع على قمة جبل غزوان، وهي مصيف يتميز بطبيعة خلابة وجو بارد معتدل وموقعها استراتيجي بين مناطق مكة ونجد من جهة والمنطقة الجنوبية من جهة أخرى. وتعتبر العاصمة الصيفية للمملكة العربية السعودية. يبلغ عدد سكانها 885 ألف نسمة حسب إحصاء عام 2004 منهم 82% سعوديون.
لم يكن فتح الطائف ودخول جيش الملك عبدالعزيز إليها سهلا ولم يكن ضربا من ضروب الخيال في فترة ماجت بالمواجهات الصعبة حتى استقرت الأمور في يد المؤسس الموحد الملك عبدالعزيز لتبدأ نهضة جديدة للبلاد في هذه المرحلة.
كانت الطائف مدينة صغيرة يعتبرها أهالي مكة مصيفا فيقصدونها في فصل الصيف ثم أصبحت عاصمة صيفية للحكومة وشهدت تطورا مطردا شأنها شأن بقية المدن والقرى السعودية وفقا لخطط استراتيجية وضع بذراتها الأولى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه.
كانت الطائف في طور التشييد الحديث لم تتجاوز أحياؤها الرئيسة أربعة أحياء متقاربة تحيط بمسجد العباس ومن أهم معالمها قصر شبرا الذي تم اتخاذه مقرا للديوان الملكي كما كانت حاضرة لعدد كبير من القرى تحيطها من جوانبها الأربعة لتصبح تلك القرى جزء من أحياء داخلية بفعل التطور الذي شهدته في غضون سنوات قصيرة شأنها شأن بقية مدن وقرى المملكة.
الأمير الشاب
العرب قادرون على إعادة المكانة والسيادة لكل دولة عربية عن طريق الاعتماد على الله ثم التسلح بعزيمة الرجال والقوة التي تعتمد على العقل.
نايف
لم يتجاوز نايف من العمر 18 عاما حتى عين نائبا لأمير الرياض آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حيث صدر قرار تعيينه بالأمر الملكي رقم 1264 في تاريخ 17/6/1371 هجرية.
أما قرار تعيينه أميرا للرياض وملحقاتها فقد صدر وفقا لمرسوم ملكي في تاريخ 3/4/1372ه حيث باشر مهامه العملية بالاهتمام بشق الطرق والشوارع مثل شارع الثميري والسويلم والشميسي إضافة لوضع استراتيجية لتوزيع الأراضي على المواطنين إيمانا منه بأهمية تنمية العاصمة وتعميرها.
يذكر الشيخ ثنيان الثنيان رجل الأعمال ورفيق درب الأمير أن نايف «أمير الرياض» امتلك بعد نظر أدرك معه أهمية التوسع مشيرا إلى أن أمير الرياض آنذاك وقف على مشروع مستشفى الشميسي إبان التأسيس وأمر بتوسعته لاستيعاب قاصديه لاحقا معارضا المؤكدين لكفاية مرحلة التأسيس كما ساهم في تنمية الرياض بسن القوانين الإدارية الرامية لتطويرها مهتما في البدء بالخطط والدراسات المستقبلية.
استقال الأمير نايف متفرغا للعلاج فصدر أمر ملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلفا له.
وكانت إمارة العاصمة قد تعاقب عليها أمراء عدة فقد تولى أمرها صاحب السمو الملكي الأمير ناصر بن عبدالعزيز كأول أمير من أسرة آل سعود في عام 1356ه وظل أميرا لمنطقة الرياض حتى عام 1365ه، حيث قدم استقالته بعد أن ترك بصماته ظاهرة على صفحات تاريخ الإمارة.
ثم خلفه في إدارة شؤونها عام 1365ه، 1947م سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز حيث عين الأمير نايف في ذلك الوقت وكيلا للإمارة بموجب الأمر الملكي رقم 1264 وتاريخ 17/6/1371ه ثم عين سموه بعد ذلك أميرا لمنطقة الرياض بموجب المرسوم الملكي المؤرخ 3/4/1372ه وحتى 25/8/1374ه.
في 8/10/1395ه، صدرت الإرادة الملكية بالمرسوم الملكي رقم أ/236 بتعيين الأمير نايف وزيرا للداخلية سبقها بالطبع عمله نائبا لوزير الداخلية عام 1390ه ثم نائبا للوزير بمرتبة وزير من خلال الأمر الملكي الكريم رقم أ/165 في 17/9/1394ه حيث كان فعالا في تنفيذ ما من شأنه النهوض بالمستوى الأمني في الوطن. استطاعت الوزارة بناء استراتيجية عمل واضحة المعالم وتعاملت وفق خطط دقيقة للارتقاء بمستوى وعي المجتمع بالتزامن مع رقي الخدمات إلى أن تشعبت قطاعات وزارة الداخلية لملاءمة العصر حتى بتنا نتعامل مع جهاز بالغ الشفافية فكان أول القطاعات التي سمت متحدثيها الإعلاميين وحثتهم على انتهاج المصداقية في كافة الفضاءات الإعلامية بما يتواكب مع الحاجة الحضارية والأمثلة كثيرة جدا. بدأ نايف مشمرا عن ساعديه لتقديم نتائج مذهلة حيث جاءت طلائع الأعمال مرتكزة على التخطيط المستقبلي لبناء منظومة عمل متكاملة ليست حكرا على خدمة مجال دون الآخر، فوزارة الداخلية تقوم بمجموعة من المهام التي يمكن اعتبارها جساما وذات شمولية، ذلك أنها مسؤولة عن الفرد منذ الولادة حتى الوفاة، ولولا أن القائمين على هذه المسؤولية يدركون هذه الأهمية ما استطاعت توفير الأمن والاستقرار للوطن والمواطن في غضون سنوات قصيرة، وتنفيذ أحكام الله في العابثين والمنحرفين والمفسدين في الأرض بعد إجازتها من السلطة القضائية، والفصل في قضايا الحقوق الخاصة والعامة بين المواطنين، والإشراف على التحقيق في القضايا العامة والخاصة عن طريق أجهزة التحقيق المختصة، ولولا عزيمة القائمين عليها ما استطاعت وزارة الداخلية توعية المواطنين أمنيا ومحاربة الجريمة على مختلف أنواعها وأشكالها، وتنمية الإدارة المحلية والعمل على تحقيق مكتسبات التنمية وتوفير الأمن بمفهومه الشامل.. لولا هذه العزيمة لما أمكن تنظيم أوضاع الأجانب عن طريق مكاتب الاستقدام والمديرية العامة للجوازات وتوفير الأمن الجنائي، والمحافظة على أمن حدود المملكة، ومكافحة الجريمة والإرهاب وتنظيم أمن الحج بكفاءة عالية لفتت الأعناق لقدرة المملكة في إدارة الحشود. لا شك أن مهمات كتلك مضنية ومجهدة وتحتاج لعمل دؤوب وقدرة مضاعفة بل ووقت يفوق بكثير سنوات قصيرة ليست مقياسا لنهضة الشعوب قفزت من خلالها المملكة لتصل إلى مصاف الدول المتقدمة وفي غضون سنوات معدودة وظروف مختلفة وعوائق متعددة.
لم يكن نايف أول وزير للداخلية فقد سبقه لإدارة وزارة الداخلية كوكبة من أصحاب السمو الملكي وتلك مهمة صعبة خاصة إذا وضعنا في الاعتبار قول خير الدين الزركلي الذي نقله عن روم لندو من أن جزيرة العرب «كانت قبل عهد الملك عبدالعزيز ممزقة الشمل بسبب الثارات بين القبائل وكان السلب والنهب من المهن المعترف بها ولم تكن طرق القوافل أو قطعان الماشية من غنم وإبل في مأمن من التعدي».
ولذلك كان نشر الأمن في ربوع المملكة هدفا رئيسيا من أهداف المليك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله، وهو ما تحقق بفضل الله ثم برعاية وزارة الداخلية. وقد مر تاريخ وتشكيل الوزارة وقطاعاتها المختلفة بتطور إداري وتنظيم متواصل أهلها لتحمل مسؤولية ألأمن في وطن بحجم قارة.
لم تكن وزارة الداخلية في ذلك الوقت أكثر من منظومة أمنية ذات تخصصات محدودة تعنى بأمن البلاد ولم تكن الجرائم متشعبة ومتنوعة ومعقدة ومنظمة، وكان القيمون على الأمن يبذلون جهدا جهيدا في استتبابه بفضاءات الوطن معتمدين على إمكانات تلائم تلك المرحلة بدءا بالعسس وانتهاء بحرس الحدود مرورا بأمن الداخل وتسيير حياة الناس، فالحياة في جلها لم تكن معقدة والجرائم محدودة في الشكل والنوع معظمها يتركز بالمشاكل الخلافية والنزاعات القبلية على اعتبار أن المجتمع آنذاك مجتمع قبلي صرف. البداية كانت عام 1344ه عند تكوين النيابة العامة لتشرف على منطقة الحجاز إداريا، وعندما صدرت التعليمات الأساسية في 12/2/1345ه كانت الأمور الداخلية جزءا من النيابة العامة وكانت تضم الأمن العام والبرق والبريد والصحة العامة والبلديات والتجارة والزراعة والصناعه والمعادن وسائر المؤسسات الخصوصية، وهي بمجموع تشكيلاتها تدار من النيابة العامة.
في العام 1350ه، وبالتحديد في 19/8 صدر نظام الوكلاء ونص في مادته العشرين على أن «يحول اسم النيابة العامة الحالية إلى وزارة الداخلية ويصبح اسم الديوان ديوان النائب العام ورئاسة مجلس الوكلاء».
وطبقا لهذا القرار فقد اشتملت وزارة الداخلية على الصحة والمعارف والبرق والبريد والمحاكم الشرعية والشركة العامة والبلديات والأوقاف.. وكانت ضمن المسؤوليات التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله.
استمرت الحال هكذا حتى 9/3/1353ه حين دمجت اختصاصات الوزارة لرئاسة مجلس الوكلاء.. وفي عام 1370ه أعيد إنشاء وزارة الداخلية بمرسوم ملكي فأصبحت مسؤولة عن الإدارة المحلية الممثلة في إمارات المناطق والقطاعات الأمنية في منطقة الحجاز، وبعد أن انتقلت الوزارة من الحجاز إلى الرياض في عام 1375ه تولت الإشراف بالتدريج على مناطق المملكة حتى اكتمل إشرافها في عام 1380ه.
وقد تولى المسؤولية المناطة بوزارة الداخلية في بادئ الأمر صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، ثم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل في الفترة من 26/8/1370ه وحتى 20/9/1378ه. ثم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، في الفترة من 20/9/1378ه وحتى 8/1/1380ه. ثم صاحب السمو الأمير مساعد بن عبدالرحمن، رحمه الله، في الفترة من 8/1/1380ه وحتى 3/7/1380ه. ثم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، في الفترة من 3/7/1380ه وحتى 1/4/1381ه. ثم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز، رحمه الله، في الفترة من 1/4/1381ه وحتى 3/6/1382ه. ثم صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود (خادم الحرمين الشريفين)، رحمه الله، في الفترة من 3/6/1382ه وحتى 17/3/1395ه. ومنذ ذلك الحين وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود هو الذي يتولى مهام وزارة الداخلية بالأمر الملكي رقم 1/53.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.