أكدت البحوث العلمية والواقع المعاصر أن للإعلام والاتصال دوره الحيوي في تدعيم القضايا الوطنية مثل الوحدة الوطنية وصناعة الاستقرار من خلال مجموعة من المعايير، ولكي نفهم معنى صناعة الاستقرار الوطني يجب علينا أولا معرفة العناصر والعوامل التي تساعد على الاستقرار. فعناصر الاستقرار الوطني تبدأ بوجود نظام سياسي مقبول من الأكثرية يتسم بالمصداقية والعدالة والشفافية والرحمة والنظام في إدارته للمجتمع والدولة، ويعطي حرية منضبطة لجميع المواطنين، ويقدم فرصا متساوية لجميع مواطنية ومناطقه. ولمناقشة وفهم الاستقرار الوطني بشكل أعمق نعرج على معنى عدم الاستقرار الذي يعني سياسيا (خلافات، مظاهرات، انقلابات، حروبا أهلية)، اجتماعيا (تنافرا بين الناس، مناطقية، عنصرية، شعوبية)، دينيا وفكريا (حزبية، مذهبية، تكفيرا، تفسيقا، تشددا، تطرفا)، وأمنيا (انتشار الجرائم، والمخدرات، والإرهاب)، وإعلاميا (تضليلا، دعاية، شائعات،). لهذا يمكننا القول إن مفهوم الاستقرار الوطني هو مرادف أو مكمل لمفهوم الأمن الوطني بمعناه الشامل. ولو نظرنا في واقع العالم المعاصر خاصة محيطنا العربي والإسلامي لوجدنا أن أهم عناصر عدم الاستقرار في الدول التي اجتاحتها الاضطرابات مؤخرا فيما اصطلح على تسميته «الربيع العربي» كان فقدان الإنسان كرامته مع عدم وجود فرص حقيقية لحياة أفضل لأكثرية شعوب هذه الدول وكان العامل المساعد التي فجر هذه الثورات بشكل لم يتوقعة أحد، هو الإعلام والاتصال بوسائله الحديثة ومحتواه المقنع، منذ ظهور شبكة الإنترنت والبث الفضائي المباشر شيئا فشيئا حتى وصلنا إلى الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي التي قلبت موازين القوى رأسا على عقب وأعطت المواطن العادي الفرصة والقوة ليكون قائما بالاتصال وقادرا على التواصل مع الآخرين في أي وقت وأي مكان بتكلفة قليلة وبسرعة عالية لتبادل الآراء والاتجاهات،. ويمكننا القول إن الفيس بوك كان بطل ثورات الربيع العربي في مرحلته الأولى، وربما يكون التويتر بطل الربيع العربي في مرحلته الثانية، واليوتيوب بطل الربيع الآسيوي مستقبلا. وكنتيجة مباشرة وطبيعية لانتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعية ظهر مصطلح جديد باسم «إعلام المواطن»، والذي يعني وجود إعلام منافس وبقوة (من المواطن إلى المواطن مباشرة) لهذا يمكننا القول إن إعلام المواطن قد يسرع أي محاولة لتهديد الاستقرار أو نشر الفوضى والغوغائية في بلد ما، ولأن أي جهود تبذل لدعم صناعة الاستقرار أو محاولات لزعزعة الاستقرار في أي بلد تبدأ بفكرة يتم نشرها لإقناع أكبر عدد من الناس بها ثم تتحول الفكرة الذي موقف ثم رأي عام ثم إلى سلوك، وبسبب قوة وتأثير شبكات التواصل الاجتماعي أو إعلام المواطن أمكن تقليص زمن تحول الأفكار إلى سلوك بشكل كبير وهذا ما هو مشاهد وملموس حولنا. * أستاذ الإعلام والعلاقات العامة جامعة الإمام محمد بن سعود