لم تكن السنوات الطوال من حياة الراحل حسن كتبي مقتصرة على الجانب العملي في الوزارة أو الإعلام، أو على المجال الدعوي، إذ تجلت في شخصيته جوانب علمية وفكرية، ككشفه زيف الفكر الشيوعي، مؤصلا علومه وخبراته بين رفوف المكتبات، عبر مؤلفات عدة أبرزها: التربية على قواعد علم النفس، كتاب السياسة يحتوي على دراسة مقارنة بين مذهب ابن خلدون، كتاب نظرات ومواقف، ملامح من شخصية البلاد العربية المقدسة، كتاب سياستنا وأهدافنا، كتاب دورنا في زحمة الأحداث، كتاب النثر الفني، كتاب هذه حياتي، أشخاص في حياتي، كتاب صفحات مطوية من حياتي، في مواكب الحياة حاضرنا وماضينا، الإسلام وحقيقة الوجود الإنساني، وشموع على الأرض. ولو عدنا إلى بداية سني تعليمه فقد تفوق الراحل رحمه الله دراسيا، ما جعل الحاج محمد علي زينل يبتعثه إلى الهند نظير اجتهاده. ولم تكن حياته التي تعج بالعلوم والمؤلفات رهينة ذلك، بل انطلق في فضاء الجوائز، فمنحه الملك فيصل وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية عام 1390ه، كما منح وسام الاستحقاق للخدمة الدبلوماسية من سيؤول 1975م، منحته جامعة سيؤول الدكتوراه الفخرية في الآداب عام 1394ه، منح وسام «النجم الامع» من جمهورية الصين عام 1077م، شهادة دكتوراه في الفلسفة من أكاديمية الصين 1975م، حصل على وسام حكومي من ماليزيا. حارب الفكر الشيوعي وكيل وزارة الحج الدكتور حاتم قاضي يؤكد أن الراحل مر بمراحل عدة في حياته، تبدأ بابتعاثه إلى الهند من قبل الحاج محمد علي زينل، مؤسس مدارس الفلاح في جدةومكةالمكرمة، نظير تفوقه، إذ كانت جامعاتها ومدارسها تحظى بنخبة علماء مسلمين. ويواصل وكيل وزراة الحج: «عاد إلى مكةالمكرمة بعد دراسته، وعمل في ديوان وزارة المالية»، منوها بأن المذكور حفظ القرآن في العاشرة من عمره، ويعتبر من جيل الرواد في مجالي الثقافة والفكر الإسلامي، وله مشاركات عدة في المنافحة عن الدعوة الإسلامية التي نادى بها الملك فيصل رحمه الله، كما ألف العديد من الكتب في مجال كشف زيف الفكر الشيوعي الإلحادي المنحل، والذي كاد يسيطر في فترة على عقل الشاب المسلم من خارج نطاق المملكة، وله محاضرات عدة في مواسم ثقافية للتحذير من هذا الفكر، بعدها نال ثقة الملك فيصل فعينه وزيرا للحج والأوقاف مطلع التسعينيات الهجرية. وذكر قاضي أن الراحل رحمه الله أبلي بلاء حسنا في إدارة وزارته، حتى تقاعد وتفرغ للتأليف في الدراسات القرآنية، وقطن المدينةالمنورة لأكثر من ربع قرن ودفن فيها، وله عدد من الأبناء: عدنان، رمزي، ناجي، ويوسف (والذي توفي فترة حياة والده). شخصية فريدة واسترجع الكاتب في صحيفة عكاظ عبدالله عمر خياط ذكرياته مع الراحل والتي تعود إلى ما قبل خمسين عاما، قائلا: «حينما اتصل بي أحد زملائي يبلغني صدور الأمر الملكي بتعيين الراحل وزيرا، جمعت أوراقي قبيل صلاة العشاء، متجها إلى منزله لتهنئته، ولم أجد موقفا لسيارتي، أو مقعدا في مجلسه، لكثرة المهنئين». وأضاف: «التقيت به عدة مرات، وتجاذبنا الحديث في قضايا الشأن العام، حتى وجدت نفسي أمام شخصية فريدة، واستمرت لقاءاتنا، وكنت أقابله كلما زرت المدينةالمنورة». ويواصل خياط: «سكن الراحل المدينة في فترة حياته الأخيرة، لولعه بها، ودفن في البقيع، أما حياته العملية فكانت ثرية، وأذكر أنه طلب من الملك فيصل رحمه الله إعفاءه من وزارة الحج والاقتصار على وزارة المواصلات كما سمعته يقول». وللراحل مؤلفات عدة أذكر منها: كتاب السياسة، كتاب في التربية، كتاب نظرات ومواقف، كتاب ملامح من شخصية البلاد العربية المقدسة، كتاب سياستنا وأهدافنا، كتاب دورنا في زحمة الأحداث، والعديد مما لا يتسع المقام لذكره.