يتبع الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك سياسة الباب المفتوح سواء في مكتبه في مقر الإمارة أو حتى في منزله، وهي سياسة ينتهجها أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز في كافة مناطق المملكة للتواصل بين الحاكم والمحكوم، عملا بالمدرسة الرائدة التي أسس قواعدها الملك المؤسس عبد العزيز (يرحمه الله) منذ بداية مسيرة التوحيد إلى أن توفاه الله، وسار أبناؤه وأحفاده من بعده على الطريق ذاته، إيمانا منه وذريته أنها العلاقة القويمة والسليمة قولا وعملا بين الحاكم والمحكوم. وحكاية الباب المفتوح يراها الجيل المعاصر بعينه ويعيشها واقعا يوميا؛ شيخ كبير يتوكأ على عصاه فيجلسه الملك بعطف ومحبة قريبا منه، يبثه الشيخ حاجته ولا يبرح المجلس حتى يتهلل وجهه باليسر والمسرة، ويلهج لسانه بالدعاء لولي الأمر الذي يحمل هموم أمته ولا يقر له جفن حتى يطمئن على أحوال مواطنيه ووطنه، ويتبع المنهج ذاته ولي عهده وعضده إن كان في مكتبه أو في لقائه مع المواطنين في المناسبات العامة والخاصة، ويشاركه في ذلك أمراء المناطق الذين لم يكتفوا بلقاءاتهم مع المواطنين في مكاتبهم، لكنهم خصصوا يوما خلال الأسبوع يفتحون فيه منازلهم لكل مواطن، حيث يحرص الأمراء في هذا اليوم على التخلي عن الرسمية، ففي هذا اليوم البعيد عن الرسميات يجد أمير المنطقة كما المواطن مجالا لتغيير دفة الحديث بعيدا عن ملفات المعاملات والمراجعات والمتابعات، ومختلف الأعمال. «عكاظ» عاشت يوم عمل مع الأمير فهد بن سلطان، ورصدت برنامج عمله اليومي وخرجت بالحصيلة التالية: يبدأ يوم عمل الأمير فهد بن سلطان باستقبال شكاوى المواطنين والمقيمين صغارا وكبارا في مكتبه بعد صلاة الظهر، ومن ثم قراءة العرائض ويوجه بسرعة البت فيها، أما كبار السن فلهم معاملة واهتمام خاص عند الأمير فهد بن سلطان مراعاة لكبر سنهم، كما يستقبل معاملات الدوائر الحكومية، ويطلع على أحوال أهالي المنطقة، والمشاريع المنجزة، كما يلتقي الضيوف القادمين من خارج المنطقة. ورغم ما تعرض له الأمير فهد بن سلطان من صدمات جراء وفاة والده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز (يرحمه الله)، ووالدته الأميرة منيرة بنت عبد العزيز بن مساعد (يرحمها الله)، إلا أن الأمير حرص على استقبال شكاوى المواطنين والمقيمين من أهالي المنطقة بعد انتهاء مراسم العزاء وعودته إلى منطقته تبوك مباشرة. مجلس خاص أما في حي الربوة حيث منزل فهد بن سلطان، فيدلف الأمير والمواطنون إلى المسجد لأداء صلاة العشاء، ثم يتجه بعدها إلى المجلس ويتسامر مع ضيوفه الذين يعتبرهم أهل الدار، فلا يخلو الحديث من الفائدة. وعن ذلك يصف مواطن عاصر مجلس الأمير فهد بن سلطان منذ نحو 20 عاما، يصف المجلس بالملتقى الشامل، يتعمق الحديث في شؤون الفكر، الأدب، الثقافة، السياسة، الاقتصاد، المجتمع، وأمور الدين والدنيا. وهنا قال مواطن (فضل عدم الكشف عن هويته) إن «استقبال الأمير فهد بن سلطان للمواطنين في مجلسه العامر منذ عرفته يسترعي الاهتمام، فالحديث لم يحد يوما عن المواضيع التي تترك أثرا ذا فائدة لدى الحضور. كما أن بشاشة الأمير وتبسطه مع الناس وسؤاله عن أحوالهم لها بعد آخر، يحفظها الناس ويشكرونها ويحمدونها، لم لا وهو المسؤول الأول في المنطقة، والمهموم بكل هموم أبناء منطقته». ترحيب بالضيوف وفي مجلس أمير منطقة تبوك يلفت انتباهك، هدوء المكان رغم تواجد العشرات من المواطنين، جميلة أيضا تلك الحميمية بين صاحب الدار وضيوفه، وحديث أجمل ينساب من المضيف. ويحرص أهالي منطقة تبوك قاطبة على تفريغ أنفسهم للقاء فهد بن سلطان في ذلك المساء، فالجميع يبادر بالحضور منذ وقت مبكر ويؤدون صلاة العشاء جماعة في مسجد القصر، وأمام بوابة القصر تجد حراس الأمن يرحبون بالضيوف كبارا وصغارا، دون أن يمنعوا أحدا من الدخول. بعد أداء الصلاة جماعة مع الأمير، يتجه الحضور إلى المجلس وسط ترحيب من منسوبي القصر و«الاخويا» المتواجدين لاستقبال الضيوف داخل المجلس، عقبها يدخل الأمير فهد بن سلطان إلى مجلسه، يصافح الجميع، ثم يبادرهم بالسؤال عن أحوالهم ويطمئن عليهم، في هذه الأثناء يدور «القهوجية» على الضيوف بفناجين القهوة المستطابة، رمز الكرم العربي منذ القدم، ثم عقبها يتناولون الشاي في أجواء من الصفاء والمحبة التي تلف المكان. حديث ممتع وهنا تتجه الأنظار وتصغي الآذان إلى حديث ممتع من الأمير فهد بن سلطان، يتخلله حوار يتوشح آدابه العامة والخاصة، مواضيع متينة ذات فائدة تلامس هموم الناس، وتعزز فيهم حب الوطن، وتحرضهم على تحمل المسؤولية والمشاركة في كل ما يخدم الوطن والمواطن. ثم يدعو الأمير الحضور لتناول طعام العشاء لينصرف الجميع على أمل العودة الأسبوع المقبل، وهي مناسبة يترقبها أمير المنطقة بفارغ الصبر.