«إن العمل الخيري والإنساني الذي نتشرف بالقيام به لوجه الله تعالى، يتطلب بذل الجهود الصادقة والمخلصة وتسخير كل الإمكانيات ليؤدي هذا العمل النتائج الإنسانية المرجوة منه، والذي يتطلع إليها كافة الشرائح المستفيدة من هذا العمل، إنني وأبنائي أعضاء مجلس الأمناء ومنسوبي المؤسسة وفروعها، نحتسب إلى المولى عز وجل كل جهد نقوم به، ومهما بذلنا من جهد فإننا نتطلع إلى المزيد تجاه المجتمع بكافة شرائحه، حتى تؤدي هذه المؤسسة رسالتها السامية، كما أنني أود التأكيد هنا إلى أن المؤسسة ما كانت لتقوم بكل أنشطتها لولا الدعم اللا محدود الذي تلقاه من سيدي خادم الحرمين الشريفين، وفقه الله لما يحبه ويرضاه، مع صادق الدعوات أن يوفقنا المولى عز وجل جميعا لما يحبه ويرضاه والله الموفق». كلمات سجلها الأمير الإنسان سلطان بن عبدالعزيز لتكون منهجا راسخا للعاملين في مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز للإسكان الخيري، وحافزا على بذل العطاء من أجل خدمة كافة شرائح المجتمع وتوفير سبل العيش الرغيد. واستطاعت المؤسسة أن تكون نقطة تحول في توطين البدو ودمجهم في المجتمع والحياة العصرية، حيث استفاد عشرات الآلاف من البسطاء والفقراء الذين كانوا يلتحفون أسطح الصفيح وينامون في الصنايق و «العشش» المصنوعة من القش، من مشاريع الإسكان التنموي الذي جعلهم يدخلون إلى عالم الحياة العصرية والتقدم والمشاركة في البناء، بعد أن كانوا في عزلة من العالم. وكان الأمير الراحل يتفقد المشاريع الخيرية ويشرف على بنائها بنفسه، بل كان يحرص على لقاء سكان تلك المناطق والاستماع إلى همومهم ومشاركاتهم، يقول المستشار في ديوان ولي العهد ماجد القصيبي: «تشكلت لجان من أجل أن يتم تسليم 240 مسكنا للمحتاجين في إحدى مناطق المملكة، وكان أقرب مطار لتلك المنطقة يبعد أكثر من 240 كيلو من موقع المشروع، وبعد أن قررت اللجنة التنظيمية والتحضيرية لحفل تسليم المساكن، اقترحت أن يكون الحفل في المدينة الرئيسة للمنطقة، على أن تتم دعوة المستفيدين للحضور واستلام وثائق المنازل، وبعد أن عرضت عليه ذلك، قال لي يرحمه الله: إن الغرض من هذه المشاريع هو الوصول إلى سكان تلك المنطقة ومشاركتهم، وعليه جاء توجيهه بعمل مهبط لنزول طائرته بالقرب من المشروع، ومن ثم حضر الحفل وقام بتسليم شهادات المنازل إلى المستفيدين من يده الكريمة». تنمية وبناء ويعتبر مشروع الأمير سلطان بن عبدالعزيز للإسكان الخيري في القحمة والحريضة من عدة مشاريع أطلقها، رحمه الله، لخدمة الوطن والمواطن، وإدخال السرور في قلوب الضعفاء والعمل على تلبية متطلباتهم والوقوف على احتياجاتهم، حرصا منه على أن يكون جميع أفراد شعب المملكة يعيشون في رفاهية واطمئنان على كل شبر من أرض هذا الوطن. وكان الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية، فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز، أكد أن توجيهات الرئيس الأعلى للمؤسسة بإضافة الوحدات الجديدة تأتي تلبية لاحتياجات المناطق التي لمسها سموه خلال زياراته الكريمة، يرحمه الله، لعدد من مناطق المملكة، وما رفعه أمراء المناطق بهذا الخصوص، خاصة بعد إنجاز المرحلة الأولى من برنامج المؤسسة للإسكان الخيري والتي اشتملت على إنشاء 671 وحدة سكنية، أسهمت بشكل ملموس في توفير بيئة حضارية وخدمية متكاملة لنحو ألف أسرة من أصحاب الظروف الخاصة. وقال الأمير فيصل بن سلطان، إن «هذا البرنامج الرائد يأتي في إطار أهداف مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية للمساهمة في التنمية الاجتماعية ودعم جهود الدولة في توفير أفضل مستوى معيشة ممكن، وتلبية احتياجات المواطنين في كافة مناطق المملكة». وكان الأمير الراحل وجه أخيرا بإنشاء وحدات سكنية إضافية تشمل مناطق تبوك، وحائل، ومكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، حيث تم بناء 250 وحدة جديدة في منطقة تبوك تشمل مدن تبوك والوجه، وحقل، والبدع، وضبا، والخريبة، وتيماء، والجهراء، والقليبة، إلى جانب 300 وحدة في منطقة مكةالمكرمة، و280 وحدة في منطقة المدينةالمنورة، و50 وحدة في منطقة حائل، لتبلغ بذلك 1515 وحدة سكنة وبتكلفة إجمالية تزيد عن 440 مليون ريال. وتضمن هذا البرنامج إقامة مجمعات سكنية خيرية في سبع مناطق هي عسير، تبوك، نجران، حائل، مكةالمكرمة، الرياض،المدينةالمنورة. تضم وحدات سكنية مؤثثة مع المرافق العامة من مساجد ومدارس ومراكز صحية، ومزودة بكافة الخدمات من طرق ومواقف وشبكات كهرباء ومياه وصرف صحي وهواتف، وقد روعي في تصميم وحدات المشروع خصوصية الأسرة والعادات والتقاليد السعودية. الغاط يعتبر إسكان الغاط من أحدث مشاريع برنامج المؤسسة للإسكان الخيري، فهو مشروع منطقة الرياض، والذي تم تدشينه في 26 شوال 1428ه، وأقيم المشروع على مساحة أرض تبلغ 60 ألف متر مربع، كما تم تسليم الوحدات السكنية للمستحقين. وقد صدرت تعليماته، يرحمه الله، على تخصيص جزء من وحدات مشروع الغاط لذوي الاحتياجات الخاصة في إطار اهتمام سموه ودعمه الكريم لهذه الفئة الغالية. القحمة في جنوبي المملكة وتحديدا قرى منطقة عسير، انتقلت أكثر من مائة أسرة في مشروع الإسكان الخيري في مركز القحمة، على طريق أبها جدة الساحلي، وعلى مساحة 187 ألف متر مربع، كأنموذج للتنمية الاجتماعية، في بيئة متكاملة الخدمات تتوافر فيها كل مقومات الحياة الكريمة، فيما وجه، يرحمه الله، بإنشاء 100 فيلا أخرى في مركز البرك ومثلها في الحريضة للمحتاجين والفقراء من سكان البادية. وقد أسهم هذا المشروع في إحداث نقلة ملموسة في حياة الأسر المستفيدة منه، اجتماعيا، واقتصاديا، وتعليميا، خاصة بعد انتظام أبناء تلك الأسر في المدارس، واستفادة أولياء الأمور والأمهات من خدمات المركز الاجتماعي، والمركز الصحي. نجران وكانت منطقة نجران على موعد مع مشاريع الخير، حيث تبنت المؤسسة بناء 120 وحدة سكنية لأصحاب الظروف الخاصة، وتواكب التطور العمراني والنهضة التنموية التي تشهدها المملكة، وحقق المشروع تطلعات سكان المنطقة حيث وفر لهم بيئة إجتماعية تساهم في بناء المجتمعات وتنميتها نحو المستقبل، ناهيك عن الخدمات المتكاملة التي تم توفيرها للمستفيدين من مدارس للبنين والبنات ومركز صحي والمساجد. حائل وتحقيقا لرغبة الكثيرين من المحتاجين لمثل هذا السكن الخيري في منطقة حائل، فقد صدرت توجيهات كريمة من سلطان الخير للشروع في بناء 150 وحدة سكنية، وجامع يتسع لألف مصل، ضمن منظومة عصرية وبمواصفات معمارية وبيئية مع توفير الخدمات المختلفة للسكان، وقد لبى هذا المشروع حاجة ملحة لعدد كبير من الأسر المحتاجة في المنطقة، ووفر حيا سكنيا متميزا بمواصفات معمارية وبيئية رائعة. واستطاع الأمير الإنسان أن يحقق الأهداف النبيلة التي أنشئت من أجلها مؤسسة سلطان الخيرية مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم، حيث تعتبر المجمعات السكنية نموذجا متميزا للتكافل الاجتماعي وتعزيز سبل التعاون على البر بين أفراد المجتمع، وتجسيد التلاحم بين أبناء الشعب الواحد للنهوض بوطنهم وتنمية قدراتهم، بما يتواكب مع الشريعة الإسلامية ويحافظ على تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم، إضافة إلى المناخ الملائم لتلك الأسر حتى تبدأ حياة حضارية جديدة. وقال المواطن حسان بن محمد يحيى، من المستفيدين من سكن الحريضة الخيري، «لا نملك إلا الدعاء الصادق من قلوبنا أن يكتب الله الأجر والمغفرة لسيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي له الفضل بعد الله على ما نحن فيه من حياة كريمة». وقال المواطن فهد مفرح الشديدي، من سكان خيرية القحمة على سواحل البحر الأحمر، «لقد لمسنا من الفقيد أروع معاني الإنسانية فقد أصبحت وأسرتي نعيش في حياة كريمة بعد أن كنا نسكن في بيت من الصفيح، الذي كنا نعاني فيه خاصة في فصل الصيف، فلا كهرباء ولا ماء، والآن ومنذ سنوات نعيش في راحة بفضل مشاريعه الخيرية». من جانبه أبدى ناصر محمد الحلوي، أحد المستفيدين من المشروع الخيري في الحريضة، حزنه على وفاة باني النهضة والذي أزال هاجس الخوف من حياة البداية التي كانت تحفها المخاطر والمعاناة بسبب الأمطار والسيول، وجعلهم الآن يعيشون مطمئنين في مساكن فاخرة تتوافر فيها جميع الإمكانات وسبل الراحة وأصبحنا مجتمعا فاعلا بعد أن كنا مهجرين ولا مقر لنا. لن ننساك ويؤكد حسن علي الشاعري من سكان البرك أن المستفيدين أجهشوا بالبكاء يوم أمس الأول بعد أن تلقوا خبر وفاة الأمير سلطان، فهم يدركون أعماله الخيرية التي حققها لهم، إضافة إلى دعمه اللا محدود الذي تقدمه المؤسسة لرعايتهم وتوفير راحتهم. وزاد إن سكان البرك والحريضة والقحمة في عسير لن ينسوا موقف الأمير سلطان عندما حضر بنفسه إلى القحمة لتسليم شهادات المنازل للمستفيدين، على الرغم من بعد المنطقة عن المطارات، إلا أن حبه لتلك الفئة دفعه أن يتكبد المعاناة من أجل رسم الابتسامة على وجوههم ومشاركتهم في حفل الاستلام. تواضع الأمير وكشف الشاعري عن موقف لا يزال في ذاكرته، يقول «بعد أن انتهى حفل تسليم الشهادات على المستفيدين، أقيم حفل غداء بهذه المناسبة للأهالي، فيما تم تخصيص إحدى الصالات لسموه، إلا أنه رفض، يرحمه الله، أن تكون مائدته حصرا على المسؤولين فقط، ووجه أن يشارك جميع المواطنين في طعام الغداء، وجلس معهم بكل تواضع على مائدة واحدة وشاركهم فرحتهم في ذلك اليوم التاريخي الذي لن ينساه أهالي المنطقة». أما المواطن محمد علي الطويل، فيقول، إن «هذا السكن وفر لنا إضافة لما ننعم به من مقومات الحياة العصرية راحة البال، حيث أوجدت المدارس للبنين والبنات داخل هذا المشروع الخيري المبارك»، مؤكدا أن هذا لم يكن إلا بفضل الله ثم بدعم الفقيد الذي له لا نملك له غير الدعاء بالرحمة والمغفرة جزاء ما قدمه لنا من خير كثير. راحة وأمان ويؤكد المواطن محمد محفوظ هادي، أحد سكان المشروع في القحمة، أن هذا المشروع النموذجي الذي أنشئ على نفقة ولي العهد، قد جاء تجسيدا لما تقدمه حكومتنا الرشيدة لأبنائها المواطنين في جميع مناطق المملكة، فلقد نقلنا هذا المشروع من حياة المعاناة إلى حياة الرفاهية ومن الحياة القديمة إلى الحياة العصرية والتي تتمتع بكافة سبل الراحة والأمان وهذا مكرمة لا تستغرب من سلطان الخير الذي بذل ويبذل ولا يزال يعطي شعبه فجزاه الله كل خير.. ويتحدث المواطن علي حسن طالع، من سكان القحمة، قائلا «لقد فقدنا والدنا الأمير سلطان الذي شملنا بعطفه وحبه وكرمه، فلم نكن نحلم أن نكون في هذا الحال لولا أياديه البيضاء التي امتد خيرها إلى منطقتنا وشهد لها الجميع». من جهته، أوضح شعبان بن مفرح أحد سكان مشروع الحريضة أن هذه المشاريع الضخمة من الإسكان والتي قدمها ولي العهد، رحمه الله، هدية لأبناء شعبه هي مفخرة لكل مواطن. معتبرا أن هذه المشاريع الخيرية نقلة كبيرة وانطلاقة جديدة نحو مستقبل مشرق بمشيئة الله، حيث وفر هذا المشروع المدرسة والمركز الصحي وهذه كانت تمثل لنا المعاناة لبعدها سابقا عن سكننا القديم الذي كان هو الآخر يرهقنا وقت هطول الأمطار وكانت من أسوأ الأيام التي تمر علينا هي أيام سقوط الأمطار.. حتى جاء سلطان العطاء والخير والذي كتب لنا بأياديه المباركة تاريخا جديدا سيسجله له التاريخ بأحرف من نور وستردده الأجيال القادمة، عبر العصور، وسيبقى سلطان بن عبدالعزيز في ذاكرة أبناء الحريضة والقحمة مدى التاريخ.