أسئلة كثيرة يطرحا سلوك الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، بدءا من الزي الأفريقي الذي أعجب به، ويرتديه معظم الأوقات، إلى النظارات الشمسية التي تلازمه ليلا ونهارا، وما سر خطاباته الاستعراضية؟ وعن هذه التساؤلات يجيب خبير لغة الإشارة والجسد عامر أرناؤوط، رئيس مركز طرابلس للدراسات، وذلك في حوار خاص مع «عكاظ» فيما يلي تفاصيله: • إن اعتبرنا أن القذافي ليس كباقي الزعماء، إلا أنه محط أنظار، بداية بأزيائه، هل تمثل استراتيجية خاصة به؟ إذا كنا واقعيين، فيما يتعلق بطريقة لباسه، فهو اعتاد الظهور بملابس غريبة نتيجة الشوفانية الخاصة، هو يرى نفسه متفوقا وخاصا عن كل البشر. على مستوى الشكل فهو مميز بارتدائه النظارات السوداء التي يمكن تحليلها إنه لا يريد رؤية الواقع، هو يرتديها بالمناسبة حتى في الليل يستقبل القادة ويخرق البروتوكول، ففي الأمر كثير من الاستعلاء أن تلقي السلام أو تلتقي رجل دولة وأنت ترتدي نظارات سوداء. هو لا يريد رؤية الواقع، لقد اقترب من تشكيل شخصيته عندما سمى نفسه ملك الملوك، فقد تعمد أن يرتدي كل الألوان التي تشير إلى القبائل الأفريقية أو التي لها علاقة بها. • كيف تقرأ وجود الحرس النسائي من حوله؟ أعتقد أنه يريد أن يكون كل شيء مختلفا، حتى عندما يحضر مؤتمرا يبحث عن زاوية مختلفة ليدخل بها، فإما يدخل بألبسة غريبة أو يضع نظاراته السوداء أو يجلس بشكل مختلف. وكثيرا ما نصب خيمة في البلاد التي يقصدها وتحديدا في مؤتمر بلغراد، هو يريد إثارة الانتباه إليه. إنه رجل مريض بكل معنى الكلمة، مريض بحب الذات . • الاختلاف لأنه يشعر بضعف في موقفه أو الاختلاف لمجرد الاختلاف؟ سأكون متنبئا هنا، فيجب أن نطلع أولا على طفولة معمر القذافي، وبشكل علمي وبعد إطلاعي على جزء من حياته، فإن الألفاظ النابية التي يستخدمها من السباب إلى تسمية الناس بالجرذان، والفقراء ووصفه شعبه بأولاد الكلب (خطابه الأخير)، هذا ينم عن عدم وجود حرمات لديه، وهذا يدل على أن الدائرة المحيطة بمعمر القذافي لا يقيم لها حرمة، هذا فضلا عن الدائرة الكبيرة، كاحتقاره كل البشر، وعدم وجود رقيب أو حسيب على تصرفاته، فهو يقدم على فعل ما أو قول ما ويعلم أن ليس هناك من سيحاسبه، ولا أتصور أن مستوى الإيمان بالله تعالى عند القذافي كبير جدا؛ لأنه لا يمكن أن تصدر عنه عبارات كملك الملوك، فهذه العبارة ننعت بها الله سبحانه وتعالى، العظمة التي كان يبديها والسلام المتكبر جدا تجاوز بها شاه إيران الذي كانت الناس تركع له. وبالعودة إلى خطابه الناري المعروف عقب اندلاع الثورة قال بعد نعت الناس بالجرذان، إنه لو كانت لي استقالة لكنت لوحت بها على وجوهكم، ويقصد أنه حتى لو كانت الاستقالة بيدهم لرماها في وجوههم. • ماذا عن حركة جسده والصمت الطويل خلال خطاباته، إضافة إلى تلفظه بعبارات غير مفهومة؟ من موقع التحليل، هناك مقياس علمي دقيق لمستوى الخطابة عند القذافي هو ليس لافتا، فهو على مستوى كاراكاتير الخطابة ليس من القامات الكبيرة، وليس من القامات المتوسطة، وبصرف النظر عن محتوى ماذا يقول سأحدد بعض المسائل، على مستوى الخطابة والأداء، فهو من أقل القادة الخطباء استعمالا ليديه ولعينيه، يتمتع بجمود كبير في العينين وتراه ينظر إلى اليمين واليسار وإلى الأعلى في الكثير من الأحيان، ولا ينظر مباشرة إلى من كان أمامه حتى لو كانوا رؤساء. وبالنسبة ليديه، فهو لا يحركهما والسبب لأنه مسكون لأن الملك عنده لا يريد أن يكون إنسانا عاديا، وعدم النظر هو احتقار لمن يتوجه إليهم بالحديث، فينظر إلى الأعلى في حال النشوة الكبيرة، وإلى اليمين أو اليسار عندما يشيح بنظره عن هؤلاء الناس. أيضا مسألة النظر إلى اليمين بكل رأسه أو حتى إلى اليسار أثناء الخطابة وبشكل غير مبرر تنم عن احتقار للناس الذين يخاطبهم ومعظم تحركاته كالصدر الأعلى إلى الأمام تدل على العظمة الكبيرة التي يختزنها في نفسه. وعن الفراغات أو الصمت أثناء كلامه، حتى يتبادر إليك أنه نسي ماذا سيقول، ثم ينتقل للحديث بسرعة أكبر تدل على قمة الغرور في نفسه، وكأنه يقول للآخر أنت مضطر لأن تسمعني وأنت مضطر للبقاء حتى أنهي كلامي، وهذا الأسلوب استعمله في الأممالمتحدة مؤخرا، حيث بقي ساعة ونصف الساعة يلقي كلمة بإشارة منه إلى الحاضرين أنكم مضطرون لأن تكونوا عبيدا لي في هذه اللحظة. وهناك إشارات إضافية، إنه لا يقف إلا متأخرا أو حتى يصل إليه الشخص الآخر، وهي رسالة لزائره أنه ليس بمستواه.