هناك في بقعة من بقع الوطن ... تغيب الحضارة ويتوقف الزمن على مقربة من حدود السيل خشية التساقط في قعر النسيان في (إربة التي لا تريح ولا تستريح )...وتمارس بكل عفوية وحنان احتضان المنسيين والمهمشين وتضمد جراحهم بألمها المشاع على كل السادرين بها فيتناسون وقع الآلام مع تعدد صوره في الوجوه المحيطة. قسوتها تتسرب إلى القلوب وتتلبس الأعراف والأحكام المؤقتة بها تلتقي شخوص النص كقدر مؤجل أو مهرب في طيات الكتمان. ويكون جزء من تجاعيد إربه التي تجيد المحافظة على المنسيين من ضيوفها، ولكنها لا ترحمهم البتة حين يكونون جزءا منها.. لا ترحمهم حد استيطانهم لها وإقصائها قهرا من الذاكرة عند مغادرة أسوار التراب والهجير. تبطن الرواية نقدا جمعيا للعادات والتقاليد... وتسلط الأضواء على ممارسات البشر الجمعية القاتلة للضعفاء متجسدة في شخصية زيانة التي تنسى ولا تنسى ما سببته من عار دون وعي وشعور منها، حين لم تلاحظ حشمة ملابسها أو أنها ترتدي تلك الملابس عندما مارست إربة اختطاف أرواح عائلتها جهة السيل.. وحين توقف انهمار الموت نسي أهل اربة السيل نسي أهل اربة لموتى الذين تقلبوا على جوانبه ولم يفعلوا شيئا حيال ذلك؛ لكنهم لم ولن ينسو عري من فقدت أهلها ونجت عارية من السيل، كان يجب أن تموت بينهم أو تموت في هرب دائم منهم وحتى حين صادفت كهف رجل تأوي ردحا من الزمن إليه (أبو دعيس) وهو الذي غربته الحياة فهرب بحثا عن مجهول يأوي إليه فوجد نفسه كهفا للمشردين في فكرهم وأجسادهم. زيانة تغيب بأستارها عن عيون من لا يجيدون كتابة غير أحكام العار وتغيب عن كهفها الوحيد أيضا حين تلاحظهم عيونها في غفلة من أمن يتضح بها طيبة وقسوة الشخوص، وما بها من تناقض قولي عملي. إن التناقضات بين أحكام الشخوص أفكارهم وتصرفاتهم تجعل من الشخوص إنسانية ومن الرواية أقرب إلى سرد قصة حقيقية من صناعة درامية ثير مشاعر المتلقي أحداث تغيب عن الكثير أو يحاول تغييبها الكثير عن ذهنه خوفا من الأسئلة التي قد تثيرها في زمن الجمعيات الخيرية التي توفر الحاسوبات أو بعثات الدراسة إلى المحتاجين .. بينما ثمة محتاجين ما يزالون يسكنون الصفيح أو يستخدومن كعبيد موشومين بعارهم لا يحق لهم حتى ستار السماء التي انحدرت مع السيول وغادرتها نكهة نجومها.