أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    تحت رعاية خادم الحرمين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    بمشاركة جهات رسمية واجتماعية.. حملات تشجير وتنظيف الشواطيء    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الخليج    النصر يضمن المشاركة في أبطال آسيا 2025    القيادة تهنئ رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا وسيراليون وتوغو    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    أمير الرياض يوجه بسرعة الرفع بنتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    انطلاق بطولة الروبوت العربية    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    البنيان: الجامعات تتصدى للتوجهات والأفكار المنحرفة    وفاة الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 28 - 04 - 2011

الدين والقانون والرياضة كلمات معروفة في قاموس مجتمعنا، بل إنها ركائز الحياة التي نعيش بها ومن أجلها.
فالدين هو نبراس حياتنا الذي نسير عليه على مستوى الأفراد والدولة، والقانون هو الذي تنظم به الحياة فبه تعطى الحقوق لأهلها ويعاقب الظالمون على ظلمهم، وبغير الدين والقانون لا يمكن أن تستقيم الحياة.
ولو نظرنا لتعريف الرياضة بمفهومها العام لوجدنا أنها عبارة عن حركات منتظمة يقوم بها الفرد للوصول إلى ما يسمى بالأداء الصحيح الذي يحتوي على جميع عناصر اللياقة البدنية، والهدف هو تحقيقها كالتوازن والرشاقة والدقة والقوة والمرونة أيضا، وهي تسعى إلى تحقيق التوازن ما بين الجانب النفسي والعقلي والبدني، ولكي يتحقق التوافق العضلي والعصبي في الجسم لا بد من توافق الجوانب التي ذكرت. والرياضة هي الصحة، فلابد من ممارستها كما أنها غذاء الجسد وعند ممارسة أي نوع من الرياضة لابد من احترام قوانينها وتطبيقها على أكمل وجه وعدم تعرض الفرد إلى ما يسمى مسلكا غير رياضي يعاقب عليه في النهاية وقد تكون نهايته الاستبعاد أو ربما الطرد ولا بد من اللاعب أن يتحلى بما يسمى التروي والصبر والروح الرياضية التي تجعل منه نجم الفريق، فالرياضة علم واسع وجميل ومفيد بل إن الإسلام دعا إليه كما جاء في الأثر (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل).
فالدين والقانون ركائز أساسية في عالم الرياضة لا يمكن الانفكاك عنها أو الدعوة لتحييدها، لأن الدين دين حياة ويدخل في كل الأمور فهو الذي ينظم حياتنا، بجانب القانون الذي يؤطر قواعد الشرع ويرتب العقوبات على كل مخالف سواء في الرياضة أو غيرها.
ومع ازدياد التعصب في وسطنا الرياضي المحلي لجأ الكثيرون من منسوبي الوسط إلى استخدام كل الأسلحة الممكنة واللاممكنة في حرب التعصب التي لم تضع أوزارها حتى اليوم.
ولعل آخر تلك الاستخدامات استخدام الدين والقانون لخدمة مصالح الاندية فالفتاوى والآراء الشرعية والقانونية التي تناسب ناديا معينا في حرب التعصب والإثارة مع الأندية الأخرى مسموح استخدامها ، أما إذا كانت تلك الفتاوى والآراء تتعارض مع مصلحة النادي فإنه يغض الطرف عنها بل إنه يدعى على متحدثها وناقلها بالويل والثبور مصدقا لقوله تعالى «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض».
ولا ينطبق هذا الحديث على ناد بعينه بل إنها تشمل جل انديتنا الرياضية خصوصا الكبيرة منها والتي لجأ بعض منسوبيها والإعلاميين المحسوبين عليها إلى استخدام الدين والقانون كسيف مبارزة في وجه الأندية الأخرى مستغلا تعاطف الناس الكبير مع النصوص الشرعية وإيمانهم الكامل بها وتسليمهم بها.
وفي هذا مؤشر خطير على انحراف الرياضة عن معناها السامي وهي تعزيز التنافس الشريف والروح الرياضية، بل انها تشكل خطرا كبيرا على عقيدة الإنسان، ولعل الحوادث الأخيرة بدءا من الوقوف دقيقة الصمت مرورا بالتحكيم النسائي وقصات القزع ووضع السلاسل والحلق والقذف والشتم والسب في وسائل الإعلام والمدرجات ومسائل التقاضي خارج المنظومة الرياضة غنتهاء بقضية وضع الصليب ووشمه وتدخل هيئة الامر بالمعروف للتنبيه على تصرفات بعض اللاعبين الأجانب الخاطئة التي تخالف تعليمات ديننا وأنظمة بلدان وتشكل غزوا فكريا على نشئنا، ورغم المعالجات الإعلامية لهذه القضية إلا انها كانت منقوصة بل إنها ولدت تعصبا انتقل إلى ساحة منتديات الأندية الرسمية وغير الرسمية سبا وشتما وقذفا وطعنا بالدين مما يشكل خطورة على العقيدة وتهديدا للوحدة الوطينة والأمن الفكري .
«عكاظ» فتحت هذا الملف الحساس وتساءلت عن الرؤية الشرعية والقانونية للمطالبين بعدم إدخال الدين والقانون في الرياضة كونهم يعتبرون الرياضة أمرا تافها وسخيف ولا يليق أن يدخل الدين فيه؟ وخطورة هذا الكلام على الشباب المتابعين للوسط الرياضي.
وتساءلت عن الفرق بين استخدام الدين والقانون في الرياضة لأجل التعصب والمصالح والولاء للأندية وبين تطبيق الدين والقانون في المسائل الرياضية سعيا وراء نشر الشريعة وإعطاء القوس لباريها؟! وخطورة استخدام الدين لأجل إثارة التعصب الرياضي وإثارة الجمهور الذي في المنتديات وخطر ذلك على الوحدة الوطنية والأمن الفكري؟! وخرجت بالتوصيات لمواجهة هذا المد الخطير على الدين والوطن في سياق التحقيق التالي:
بداية، حذر مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ من استخدام الدين والنصوص الشرعية في الرياضية بغير حاجة أو لوي عنقها من أجل خدمة مصالح الاندية والتعصب الرياضي المقيت.
وأضاف «التعصب الرياضي غير جائز فالتعصب لا يكون إلا للحق أما قضية لا وزن لها ولا قيمة فلا يجوز لنا ان تعصب من اجلها ونثير الناس».
وشدد آل الشيخ على عدم جواز إنزال النصوص الشرعية ولوي أعناقها من أجل مصلحة ناد أو غيره، مؤكدا على أهمية تطبيق شرع الله وتعاليمه في المجال الرياضي وغيره من مجالات الحياة لأن الدين دين حياة، فلا يجوز فصله عن الرياضة أو أي مجال آخر، مطالبا الوسط الرياضي بالتحلي بالأخلاق الحميدة ومحاربة الممارسات السيئة التي تشكل خطرا على العقيدة ووحدة الوطن.
دين الحياة
ووافق رأي عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع رأى المفتي في عدم تحييد الدين عن الرياضة بقوله «يجب أن لا يسمع للآراء التي تطالب بفصل الدين عن الرياضة»، مؤكدا على خطورة القول بأن الدين يجب أن يكون فقط في المساجد، مشددا على أن الدين عقيدة وعمل يشكل جميع مناحي الحياة.
وعد المنيع استخدام الدين من أجل مصلحة الاندية وإثارة التعصب أمر لا يجوز، واعتبر المنيع انتشار مثل هذه الأمور مؤشرا خطيرا يدل على انحدار القيم والاخلاق وتحول الرياضة من التنافس الشريف إلى التعصب الأعمى ، وشدد المنيع على أن استمرار مثل هذه الظواهر في الوسط الرياض يجعل الحضور للمباريات أمر مكروه وقد يصل ليصبح الذهاب إلى الملاعب أمرا محرما نظرا لما يحدث من ممارسات سلبية تؤثر على عقيدة المسلم ، ودعا المنيع الآباء والأمهات لحسن تربية الأبناء ، مطالبا العلماء والدعاة وخطباء المساجد والتربويين ووسائل الإعلام بالتصدي لهذه الممارسات السلبية في المجتمع الرياضي.
واعتبر المنيع من يتفوه بهذه الكلمات أو يرسلها فهو آثم ويستحق العقوبة، مناديا الرئاسة العامة لرعاية الشباب بوضع عقوبات رادعة بحق كل من تحدث منهم تجاوزات لا أخلاقية سواء كانت لفظية أو فعلية، مبينا أن التهاون في تنفيذ العقوبات أو التخفيف منها يؤدي إلى استفحالها وتمادي فاعلها.
تأجيج الجماهير
ولم يجنح عميد كلية الشريعة السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور سعود الفنيسان عن رأي من سبقوه بل اعتبر المطالبة بفصل الدين عن الرياضة أمر خطير لا ينبغي الأخذ به، مؤكدا ان تعاليم الإسلام تدخل في كل مناحي الحياة وهناك أحكام كثيرة يحتاجها الرياضي، مشددا على بطلان من قال بفصل الدين عن الرياضة لأنها تعتبر أمرا تافها، ولفت الفنيسان إلى أن استخدام النصوص الشرعية من اجل المصالح الشخصية او مصالح الاندية أمر غير جائز شرعا وهو عمل باطل، مشيرا إلى أن هذه الأفعال تؤجج الجماهير ضد بعضها وتوقع الحزازات بين أفراد المجتمع وتتسبب في السب والشتم والقذف للشخصيات المخالفة في الرأي سواء في المنتديات الإلكترونية أو غيرها هي أمور تجعلها أكثر حرمة .
وبين الفنيسان أن الرياضة في أصلها أمر مباح ويدل على ذلك النصوص الشرعية والوقائع العملية، وأفاد الفنيسان أن الرياضة إذا كانت ذات هدف تعتبر من مقاصد الشريعة واستدل بمسابقة الرسول للسيدة عائشة رضي الله عنها، وأشار الدكتور سعود إلى أن الرياضة تأخذ اشكالا مختلفة فمنها كرة التنس والطاولة والعاب القوى والسباحة والرماية وغيرها من الرياضات، ولاحظ أن كرة القدم غلبت على المعنى العام للرياضة، مبينا أن الأصل فيها الإباحة لما لها من تقوية البدن والتسلية المباحة، واستدرك الفنيسان «لكنني أرى أن المفسدة بدأت تغلب المصلحة في الوسط الرياضي نظرا للمارسات الخاطئة الحاصلة فيها من سب وشتم وقذف واستخدام لنصوص الدين في غير محلها ولوي اعناقها، وإشاعة التعصب بسبب ذلك وإثارة الجمهور وبذل اموال طائلة في غير محلها، داعيا إلى ان تكون رياضة كرة القدم أكثر عقلانية وتصرفات المنتمين لها قدوة في إنكار المنكر وإشاعة المعروف والانتصار للحق لا لهوى النفس والمصالح الشخصية الضيقة فالدين أسمى وأرقى من ان يستخدم في ذلك.
ودعا الفنيسان الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتشديد العقوبات على اللاعبين والإداريين والجماهير الذين تحدث منهم تجاوزات لا اخلاقية سواء كانت لفظية أو فعلية، مؤكدا على ضرورة تغليظ العقوبة على من يرتكب محظورا شرعيا حتى نرسخ للاجيال أن من يقوم بهذه الافعال يتعرض لاشد العقوبات وهو أمر شرعي لا تهاون فيه، مطالبا كافة شرائح المجتمع من أسرة ومدرسة ومسجد ووسائل إعلام وإدارات أندية بالضرورة لتوعية المجتمع بخطورة هذه الافعال خصوصا على النشء والشباب.
المناصحة السرية
ويرى المشرف على كرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية المعاصرة أستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود الدكتور خالدالقاسم أن القول بأن إدخال الدين في القضايا الرياضية لا يليق كلاما يحتمل حقا عندما يكون استخداما للدين في غير محله، واستدرك القاسم «الرياضة يجب ان تخضع لتعاليم الدين لأن الدين أعلى وأسمى من كل شيء»، مشيرا إلى أن الدين وتعاليمه يدخل في كل شؤون الرياضة.
وشدد القاسم على عدم جواز استخدام الدين ونصوصه في التعصب الرياضي، وتسليط الدين على كل ما هو ضدنا انتصار للنفس ولمصلحة النادي، وعد القاسم هذا التصرف خطرا على العقيدة، مطالبا منسوبي الاندية والإعلاميين بعدم البحث عن أخطاء الغير وعوراتهم من لاعبين ورؤساء اندية وغيرهم، مؤكدا أن الله يحب الستر، وداعيا إلى أهمية التناصح والستر وعدم إكراه الناس بالدين، مشيرا إلى أننا يجب أن يكون الوسط الرياضي قدوة حسنة لغير المسلمين بأفعالهم.
وشدد القاسم على أهمية تطبيق الدين في كل مناحي الحياة سواء أكانت رياضية أو غيرها، مبينا أن تطبيق الشرع يكون بالطرق الصحيحة من اجل إنكار المنكر وإحقاق الحق وتطبيق شرع الله، ولفت القاسم إلى مناصحة من يقع بالمفسدة يجب ان يكون سرا وليس عبر وسائل الإعلام لان مثل هذه المسائل القصد منها مرضاة الله وتطبيق شرعه والإشفاق على الغير رغبة في هدايته، مشيرا إلى أن المناصحة العلنية قد تسبب ردود فعل سلبية تؤجج التعصب وفي ذلك خطر على العقيدة وعلى الوحدة الوطنية.
النزاعات الرياضية
واتفق المشرف على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الدريس، مع رأي القاسم في أن البعض يسعى لاستخراج فتاوى بغرض الإساءة لبعض اللاعبين أو بعض النوادي الرياضية، معتبرا ذلك خطأ كبيرا، مشددا على ضرورة أن يكون المفتي بصيرا بواقعه ويعرف حدود هذه النزاعات الرياضية التي قد توظف فيها الفتوى الشرعية توظيفا خاطئا.
ولاحظ الدريس في المدة الأخيرة بروز بعض التصريحات غير الموفقة لعدد من الصحافيين وممثلي النوادي الرياضية المحلية التي ظهر فيها بجلاء جهل البعض بحقائق عقدية ودينية رئيسة.. واستدل على ذلك بمطالبتهم بعدم إدخال الدين في الرياضة كونهم يعتبرون الرياضة أمرا تافها وسخيفا ولا يليق أن يدخل الدين فيه، مبينا أن هذا الكلام ينطوي على باطل وحق، موضحا بأن كان السؤال حول الأمور الفنية للرياضة كأفضل أساليب التدريب ونحو ذلك من الوسائل المتغيرة فإن الدين لا يأتي ليرشد الناس لهذه التفاصيل الدقيقة الفنية إنما تكتسب بالتجارب البشرية المتراكمة. وأضاف «أما توجيه ما يقع من بعض اللاعبين أو المشجعين من مخالفات شرعية، فلا يمكن أن يقال ليس للدين دخل في الرياضة، بل هذه علمنة مبطنة تفصل الرياضة عن الدين وفي النهاية الرياضة هي مجال من مجالات الحياة، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه وهو مهيمن على كل تصرفات المكلفين، فما يصدر عن البشر من فعل فلا يخرج عن الأحكام التكليفية الخمسة المعروفة»، مبينا أنه يخشى على القائلين بإبعاد الرياضة عن الدين من سوء مآلات رأيهم هذا.. ورأى الدريس أن غالب الظن في مطلقي مثل هذا القول لا يقصدون لوازمه الخطيرة.
وأكد المشرف على كرسي الأمير نايف أن التعصب بصورة عامة هو أبو الشرور الفكرية، وكل المشتغلين بتعزيز الأمن الفكري يعلمون أن التعصب الفئوي ومنه التعصب الرياضي ينتهي بأضرار بالغة على تماسك نسيج المجتمع الإسلامي، ويهدد روح الاجتماع والوحدة ويسهم في شق الصف الموحد ويزرع البغضاء والكراهية والتنافر والعداء بين أبناء المجتمع الواحد، داعيا النوادي الرياضية بالمبادرة باستحداث شعبة أو إدارة داخل كل ناد لمكافحة التعصب الرياضي المقيت، حتى يستطيعوا من خلالها أن يسهموا بالفعل في تعزيز الأمن الفكري بصورة محمودة وراقية.
وبين الدريس أن مساهمات الأندية الرياضية مع أهميتها لا تزال هامشية في هذا المجال، ملاحظا أن بزوغ التعصب الرياضي الفئوي بهذه الصورة التي شاهدنا في المدة الأخيرة هو مهدد خطير للأمن الوطني والفكري وقبل ذلك الأمن العقدي، مضيفا «لاحظنا كيف اختل مفهوم الولاء والبراء لدى فئة قليلة من المشجعين الرياضيين فبجلوا ورفعوا من شأن لاعبين غير مسلمين وفضلوهم على إخوان لهم من المسلمين».
واعتبر ذلك خللا خطيرا في عقيدة الولاء والبراء لا يجب السكوت عليه، ففي الحديث النبوي: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)، مشيرا إلى من بدر منهم مثل هذا الأمر من أبنائنا يعانون من اضطراب في أولوياتهم لأن أمور الرياضة مهما بلغت لا يجب أن تقدم على أمور الدين أو نجعل محبتنا وكرهنا محورهما هو كرة القدم.
الأثر النفسي
وفي رؤية تحليلة نفسية لأثر استخدام الدين والقانون في المسائل الرياضية وأثرها على إثارة الجمهور وتعزيز التعصب تحدث رئيس الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية عضو مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والمتخصص في علم النفس الدكتور ناصر العريفي، قائلا «لاشك أن للدين أثرا كبيرا في النفس كوننا نلعب على وتر حساس عند الناس وبالتالي فإن المجتمع يتقبل هذا الرأي ويحتج به كونه رأيا صحيحا لكنه كلمة حق يراد بها بطل».
وبين العريفي أن التأثير في الأمور الرياضية أكثر كونها من الأمور المحببة للناس، خصوصا عند شريحة الشباب، مشيرا إلى أن للرياضة فوائد جمة فهي تخفف الضغوط النفسية، وتقلل النشاط الزائد، كما أنها تساهم في تخفيف انحراف الشباب، مبينا أن انحراف الرياضة عن هدفها الحقيقي واستخدام الدين والمسائل الأخرى كالانتصار للفريق أمر يزرع الفتنة ويثير العصبيات ويؤثر على العلاقات الاجتماعية وقد يتطور لنوع من الاضطرابات السلوكية واستخدام أنواع العنف والعدوانية المختلفة تجاه الفريق الآخر وانصاره، مبينا أن شيوع مثل هذه الأمور في الوسط الرياضي تخدش جمالية الرياضة وأهدافها السامية، مشددا أن التعصب الرياضي يشكل بذرة لولادة التطرف والإرهاب، مطالبا بالتشجيع بشكل عقلاني بعيدا عن التعصب والانحرافات الاجتماعية التي تؤدي إلى العدوانية وزرع بذور التعصب والتطرف المفضية للإرهاب والتي تؤثر على الوحدة الوطنية والأمن الفكري.
توصيات التحقيق
وخلص المشاركون بالتحقيق إلى ضرورة وضع ضوابط لتصريحات المنتسبين للوسط الرياضي وعدم استخدام الدين والقانون في القضايا الرياضية لأجل التعصب والإثارة وإنما تطبيق الدين والقانون في الرياضية لبيان الحقائق وإشاعة روح التنافس الشريف، مشيرين إلى أهمية عدم الفصل بين الدين والرياضة.. وطالبوا الرئاسة بوضع ضوابط للتصريحات الإعلامية التي تستخدم الدين بشكل خاطئ وتثير التعصب وتؤجج الجمهور وتشديد العقوبات على جميع المنتسبين للوسط الرياضي بلا استثناء لوضع حد للتصريحات الإعلامية السلبية الهدامة.
ودعوا النوادي الرياضية للمبادرة باستحداث شعبة أو إدارة داخل كل ناد لمكافحة التعصب الرياضي المقيت، حتى يستطيعوا من خلالها أن يسهموا بالفعل في تعزيز الأمن الفكري بصورة محمودة وراقية.
وطالبوا بتشديد بالرقابة على المنتديات الرياضية نظرا لأنها تشكل بيئة خصبة لانتشار التعصب ومعاقبة كل من يسئ للأندية والأشخاص، مطالبين في الوقت ذاته بتكاتف جميع أفراد المجتمع بدءا من الأسرة مرورا بالمدرسة والجامعة والمسجد وانتهاء بوسائل الإعلام بالقيام بالتوعية الإيجابية، وأن الرياضة تنافس شريف وفوز وخسارة بحيث لا تخرج هذا التنافس عن المألوف ويؤدي إلى نتائج كارثية ترزع الفتنة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد، داعين إلى إطلاق حملة توعوية شاملة شاملة فيها منسوبي الوسط الرياضي والدعاة والعلماء والتربويين والأكاديميين والإعلاميين لنبذ التعصب الرياضي وإذكاء روح التنافس الشريف؛ فمن حق الجميع أن يشجع دون أن تجرح مشاعر الآخرين ودون أن يستخدم الدين والقانون لمحاربة الأندية الأخرى وإثارة التعصب، مطالبين برفع شعار «نعم لتطبيق الدين والقانون في الرياضة، لا استخدامهما من أجل المصالح والنيل من المنافسين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.