"وزارة الصناعة" تعلن عن ضوابط واشتراطات ممارسة الأنشطة الصناعية    الاحمدي يكتب.. جمَّلتها ياهلال    البيعة الثامنة لولي العهد بلغة الثقافة والفنون    هيئة الموسيقى السعودية وعازف البيانو الصيني وأول برنامج صيفي لتعليم البيانو في المملكة    سعد الصقير أول طبيب أمراض جلدية من دول الخليج يحصل على وسام القيادة الدولية في الأمراض الجلدية لعام 2025    كندا تلغي ضريبة الخدمات الرقمية    الصين تستأنف استيراد المأكولات البحرية من اليابان    تراجع أسعار النفط    وزارة الخارجية تُعرب عن تعازي المملكة لجمهورية السودان إثر حادث انهيار منجم للذهب    وسط استعدادات لعملية عسكرية كبرى في غزة.. تصاعد الخلافات داخل الجيش الإسرائيلي    رئيس "الشورى" يبحث تعزيز العلاقات البرلمانية في كمبوديا    تصعيد متبادل بين العقوبات والمواقف السياسية.. روسيا تشن أعنف هجوم جوي على أوكرانيا    نتائج قوية تتجاوز مستهدف رؤية 2030.. 2.8 % معدل البطالة في المملكة خلال الربع الأول    بحثا جهود الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.. وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان الإيرانية يستعرضان العلاقات    تلقى رسالة خطية من سيرجي لافروف.. وزير الخارجية ونظيره الجيبوتي يبحثان تنسيق العمل المشترك    مدرب تشيلسي ينتقد الفيفا ومونديال الأندية    التعليم في ميزان المجتمع    توقيف شخصين ظهرا في محتوى مرئي بسلاحين ناريين    نقل 1404 مرضى داخل المملكة وخارجها عبر 507 رحلات إخلاء    مطار الملك عبدالعزيز الدولي يوفر وسائل نقل رسمية متنوعة    ترسيخ الحوكمة وتعزيز التكامل بين الجهات ذات العلاقة.. السعودية تقفز إلى المرتبة 13 عالمياً في حقوق الملكية الفكرية    انطلق في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.. "جيل الابتكار".. يعزز ثقافة البحث لدى الموهوبين السعوديين    ما عاد في العمر متسع للعتاب    مادتا التعبير والخط    أكد أهمية مناهج التعليم الديني.. العيسى يشدد: تحصين الشباب المسلم من الأفكار الدخيلة على "الاعتدال"    نائب أمير مكة والقنصل العراقي يناقشان الموضوعات المشتركة    دواء جديد يعطي أملاً لمرضى السكري من النوع الأول    "الصحة العالمية" تفشل في تحديد سبب جائحة كوفيد- 19    أخضر السيدات يخسر أمام الفلبين بثلاثية في تصفيات كأس آسيا    خمس شراكات لدعم مستفيدي «إنجاب الشرقية»    أمين القصيم يفتتح ورشة «تعزيز التخطيط العمراني»    "الملك سلمان للإغاثة".. جهود إنسانية متواصلة    بعنوان "النمر يبقى نمر".. الاتحاد يجدد عقد مدافعه "شراحيلي" حتى 2028    فاطمة العنزي ممثلة الحدود الشمالية في لجنة المسؤولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي للدراجات    استعراض أعمال الشؤون الإسلامية أمام أمير تبوك    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون"    انطلاق أعمال «المؤتمر الدولي للصيدلة السريرية» بحائل    الجامعة الإسلامية تدعم الأبحاث المتميزة    سعود بن بندر يستقبل مديري "صحة الشرقية" و"وقاية"    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    الواجهة البحرية بالوجه.. متنفس رياضي وترفيهي    المملكة تواصل ضرباتها الاستباقية ضد المخدرات    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في خمسة مواقع    أرقام صادمة بعد هزيمة «الأخضر» أمام المكسيك    وزارة الرياضة وهيئة الطيران المدني توقّعان مذكرة تفاهم للتنسيق والإشراف على الرياضات الجوية    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة الشؤون الاسلامية بالمنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصلَ العام لجمهورية العراق    جمعية "وقاية" تنظّم معرضاً توعوياً وندوة علمية بمستشفى وادي الدواسر    بيئة نجران تعقد ورشة عمل عن الفرص الاستثمارية بمنتدى نجران للاستثمار 2025    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للأنيميا المنجلية"    اتفاقية استراتيجية" بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ومصرف الإنماء    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ جولات ميدانية لصيانة جوامع ومساجد المنطقة    انطلاقة عام 1447    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العودة إلى الأرض
نشر في عكاظ يوم 05 - 09 - 2010

يرى المؤرخ البريطاني «توينبي» أن الحضارة تتقدم وتنهض حينما تواجه تحديا صعبا شاملا ويصير هاجسا مرعبا للناس. وعندها فإن التحدي يفضي إلى حدوث ما سماه «بالاستجابة»، وقانون (التحدي والاستجابة) شبيه بالقانون العلمي حول الفعل وردة الفعل، إلا أنه أكثر تعقيدا، فالناس والعلاقات الاجتماعية ليست ببساطة الموضوعات المادية. وقد أشار توينبي إلى أن هذا القانون ليس صارما تماما؛ إذ قد تواجه حضارة ما تحديا ولكنها مع ذلك لا تستجيب له، بل تستسلم وتخضع للتحدي، وتعيش في فوضى عارمة وانحلال قيمي عام وفساد شامل، مما يؤدي في النهاية إلى فنائها كحضارة، فينساها التاريخ أو تحل محلها حضارة جديدة. فما الذي يجعل حضارة ما تواجه التحدي وتستجيب له، وحضارة أخرى تستسلم له وتنهزم أمامه ؟! يجيب توينبي بأن في كل حضارة هناك جماعة ممن سماهم «بالأقليات المبدعة»، أو لنقل : صفوة من الرجال والنساء الأذكياء الذين يفكرون في الحلول وينشرونها في الناس حتى تصبح بمثابة عقيدة راسخة في ضمائرهم. أما الحضارة التي ليس فيها مبدعون في كل المجالات فإن حظها من النهضة عاثر، ونصيبها من الصحوة نادر.
الآن، لنترك توينبي جانبا، ونفكر في وضعنا الحضاري، كسعوديين. هل هناك تحد ما يواجهنا الآن ؟ أو هل يلوح في الأفق القريب أو البعيد تحد من نوع معين ؟! أظن أن لكل منكم، أيها القراء الكرام، جوابا. وأنا لي جوابي أيضا، وهو كما يلي: نحن الآن لا نواجه تحديا بالمعنى الذي أشار إليه توينبي. ولكنني أرى في الأفق القريب والأفق البعيد تحديات خطيرة جدا، سواء على المستوى الاقتصادي (كنضوب النفط مثلا) أو الاجتماعي (اختلال العلاقات الاجتماعية والأخلاقية) أو على المستوى السياسي ( هذا المستوى لا يحتاج إلى إيضاح؛ فنحن نعيش في الشرق الأوسط الملتهب !).
فما الحل ؟، هل ننتظر حتى تتحقق نبوءة توينبي وتحدث الكارثة، فيخرج الرجال المبدعون إن كان هناك مبدعون وينقذوا الأمة بأفكارهم واقتراحاتهم وحلولهم؟ برأيي إن توفر الوعي الحضاري والتاريخي لدى الناس ولدى القادة والمسؤولين سيكون دريئة تدرأ الخطر، بحيث يسبقون الأحداث الكارثية ويعالجونها معالجة جادة لا هازلة. هذا هو الحل المضمون والمأمون، وثمة أصوات وطنية مخلصة، تدعو وتلح في الدعوة لكي نتدارك أنفسنا ونقضي على كل ما يدفعنا دفعا إلى مواجهة كارثة ما!.
إن العقلية الاجتماعية السائدة اليوم تعاني من قصور حاد وضعف خطير تجعلها غير قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية، ومما تعاني منه العقلية الاجتماعية هو ضمور الوعي الاجتماعي الكلي والمترابط، الذي يربأ على التمزقات الداخلية والأطماع والأهواء والأنانية ليشكل عقلا واحدا وقلبا واحدا. ينبغي علينا الاعتراف بالداء؛ إن الأنانية المفرطة تقف حائلا دون تكوين وعي اجتماعي وطني متماسك ينظر إلى وطنه وحضارته نظرة بعيدة المدى. للإيضاح سأضرب مثلا من الواقع التاريخي. حينما هب المناضل الحقوقي الأسود مارتن لوثر كنج للدفاع عن السود المغلوبين على أمرهم، وحينما قال (لدي حلم) كان يعرف جيدا أن هذا الحلم العظيم لن يتحقق في حياته، وأنه ربما سيموت ويشبع موتا قبل أن يتحقق، ومع ذلك ظل يحلم، مع ملاحظة أن هذا الحلم كان ممكنا، وليس تهويما من التهويمات التي لا أساس واقعيا لها. وبالفعل مات لوثر، وتحقق الحلم شيئا فشيئا، ولا يزال. ولو كان لوثر أنانيا لا يهمه إلا نفسه وأهله والمقربون منه لما ظل يحلم من أجل المصلحة العامة. ولا أستبعد أنه تلقى إغراءات مادية ومعنوية ووجاهية لكي يكف عن نضاله، ولكنه أبى.
هناك مثال آخر صارخ ومزعج في الوقت عينه. الحلم الصهيوني. لقد كان هرتزل ومن معه من آباء الصهيونية يحلمون، ويعرفون أنهم لن يعيشوا اللحظة التي يتحقق فيها الحلم. أجل، مات هرتزل ( 1904 ) قبل أن يتحقق حلمه في إقامة وطن قومي لليهود، وللأسف إن هذا الحلم الصهيوني كان كابوسا مرعبا أيقظ العرب من سباتهم ولكن بعد فوات الأوان، فعادوا ليستكملوا نومهم العميق!.
إن العودة إلى الأرض؛ أرض الواقع القاسي، تبدأ بالحلم، ولكن بالحلم الممكن الذي يستهدف مصلحة الوطن والمجتمع، وليس الحلم الأناني الخاص. الحلم العام يسوقنا إلى الواقع ذاته، بعيدا عن الأوهام والتزييف. والوقوف على أرض الواقع يجعلنا أقدر على رؤية ما يحيق بنا من كوارث وأزمات مقبلة، مما يهيئ في ختام الأمر إلى الاستعداد له على أتم وجه. أما إذا بقينا نائمين سادرين في سباتنا فإننا سنهوي من عل، ونتحطم فلا نكاد نقوى على النهوض، بله مواجهة الصعاب. إن تشكيل الوعي الاجتماعي المتماسك الذي يترصد للأوهام والفساد والخمول والأنانية هو مهمة ملقاة على عاتق الجميع، وتحديدا المثقفين والكتاب والأدباء والدعاة، ولا يكون ذلك إلا بالكف عن تناول التوافه من الأمور وتضييع الطاقات العقلية على سجالات صبيانية لا تغني ولا تسمن من جوع؛ ويا لها من سجالات جعلت القاصي والداني يسخر منا ويضحك علينا.. فلو سئلت عن الموضوعات التي يناقشها بعض النخبة من الكتاب والدعاة والصحافيين لانزويت خجلا وسلمت أمري لله. صحيح أن هناك من هؤلاء «النخبويين» المبجلين من يعالج موضوعات كبرى وخطيرة، ولكنه في حقيقة الأمر لا يعالجها بل يزيدها مرضا، لأسباب أهمها الضحالة العلمية والقصور المنهجي، وأيضا بسبب الأنانية والركون إلى الانفعالات الشخصانية المحضة التي لا تتجاوز الانتصار للنفس أو الانتقام أو المشاغبة على الآخرين أو المنافقة المقيتة.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 118 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة