بعد استطلاع رأي تلو الآخر يشير إلى انحدار شعبية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وبعد الانتخابات المحلية التي بدا فيها حزب الرئيس ضعيفا، يبدو أن الناخبين الفرنسيين الذين وقعوا في حب ساركوزي عام 2007 قد خذلوه اليوم. الفرنسيون لا يتكلمون عن وجود أو عدم وجود مشاكل زوجية بين بروني وساركوزي؛ لأنهم قلقون على ما هو أهم وهو ما يعتبرونه خيانة ساركوزي لهم. عندما انتخب ساركوزي رئيسا منذ نحو ثلاثة أعوام، تعهد بأمور كثيرة لناخبيه الفرنسيين؛ اذ وعد المواطن العادي بأن تتحسن حالته المادية، كما وعد الفرنسيين عامة بأن تصبح فرنسا أكثر تنافسية على الساحة الاقتصادية. لكن الرياح جرت كما لا تشتهي السفن، إذ تخطت نسبة البطالة 10 في المائة حسبما أفادت التقارير الأخيرة وهي النسبة الأعلى التي تسجل في عشرة أعوام، كما أن القطاع المصرفي الفرنسي سجل أخيرا عجزا كبيرا، وفي ظل كل هذه المعطيات بات الكثيرون في فرنسا يعتقدون أن كل ما وعد به ساركوزي لم يكن إلا كلاما انتخابيا معسولا. وتشير استطلاعات الرأي بقوة إلى خيبة الأمل هذه الذي يعاني منها الشعب الفرنسي حيال رئيسه وحكومته، إذ إن مؤيدي الرئيس اليميني باتوا لا يتخطون ال36 في المائة؛ وهي أسوأ نسبة يصل إليها ساركوزي منذ انتخابه. لا يمكن القول إن هذا التدني في مستوى شعبية ساركوزي هو لصالح شخصية أخرى أو خصم سياسي قوي ينافس الرئيس، رغم النتيجة الجيدة التي حققها اليسار في الانتخابات المحلية الأخيرة، لكن حتى الآن لا يمكن الحديث عن شخصية يسارية بارزة لديها ما يلزم من الزخم للمنافسة في الانتخابات الرئاسية لعام 2012. لكن ما الذي جعل الشعب الفرنسي يتخلى عن تأييده لحزب التجمع من أجل حركة شعبية؟ تجدر الإشارة هنا إلى أن الغزل الذي كان قائما في الفترة الأخيرة بين حزب الرئيس واليمين المتطرف، لا بد أنه أزعج الناخب الفرنسي، خاصة اليميني المعتدل. مصدر هذا الاستنتاج هو الجدل الذي قام العام الماضي في فرنسا حول ما سمي بالهوية الوطنية، الذي وضع اليمين في خانة المتهم بالعنصرية من خلال محاولته تشديد قوانين الأمن والهجرة بهدف جذب تأييد ناخبي اليمين المتطرف بزعامة جان ماري لوبين، لكن ذلك كان له أثرا سلبيا، إذ أدى إلى فقدان تأييد ناخبي يمين الوسط التقليدي.