تعد بيشة واحدة من أكبر المحافظات التعليمية في منطقة عسير، لذا تنطلق منها كل صباح مئات المركبات تنقل معلمات إلى عشرات القرى والهجر، وسط طرق متوسطة الجودة وغير مأمونة العواقب، ولذا تستيقظ المعلمة نورة وزميلاتها عند الرابعة فجرا، استعدادا لرحلة شاقة من بيشة إلى مركز الزرق في محافظة تثليث يقطعن خلالها 240 كم ذهابا وإيابا، على سيارة خاصة استأجرنها بمبلغ شهري مبالغ فيه لعدم وجود وسيلة أخرى. تقول نورة «الرحلة تتوقف قبل الخروج من بيشة لأداء صلاة الفجر ثم الانطلاق إلى مقر المدرسة على بعد 170 كم، وسط حالة من الخوف والقلق نعبر فيها مناطق برية تكثر فيها الشاحنات». بينما غدت هياء وزميلاتها معلمات خارج محافظة بيشة، أجبرتهن الظروف على السكن في تثليث رغم ارتفاع أسعار الشقق هناك «فضلت السكن في تثليث على الرحلات اليومية التي يعاني منها كثير من المعلمات والطالبات بشكل يومي» وتنتقل فاطمة إلى مدرستها بواسطة حافة صغيرة استأجرتها وزميلاتها، لعدم توفر وسيلة نقل جماعية إلى القرية التي فيها المدرسة، عندما تعود إلى منزلها في بيشة مع غروب الشمس تسجد لله شكرا على سلامتها «قائد الحافة يقود بسرعة جنونية، فهو مرتبط لنقل طالبات في كلية للبنات». على النقيض من ذلك السائق الذي تشتكي منه فاطمة يقود مسرهد سعود المعاوي حافلته المخصصة لنقل الطالبات بحرص شديد «أهتم كثيرا بمواعيد النقل إلى الكلية حتى لا أضطر للسرعة، فالطالبات أمانة في عنقي والطرق والشوارع محفوفة بالمخاطر». أمام ذلك ثبت أن عددا كبيرا من وسائل النقل الخاصة بالمعلمات والطالبات لا تتحقق فيها الشروط والتعليمات المنظمة لعملية النقل، فبعضها لم يصدر لها بطاقة تشغيل من وزارة النقل، والغالبية العظمى لا تتوفر فيها وسائل السلامة كطفايات الحريق ومعدات الإسعافات الأولية، بينما ظهرت علامات القدم على طرز بعضها، حيث تجاوزت العشرة أعوام وأكثر، وفي هذا الجانب يؤكد ل«عكاظ» مسؤول الرخص وبطاقات النقل في فرع وزارة النقل فالح آل سالم أن بطاقات النقل التي صرفها الفرع كانت لأفراد فقط، بسبب عدم وجود مؤسسات أو شركات كبيرة في هذا المجال في محافظة بيشة. وأبان آل سالم أن منح الرخص أو بطاقات التشغيل تتطلب أن تكون المركبة مجتازة للفحص الفني مع وجود عقد مع جهة رسمية. من جهته أوضح مدير المرور في محافظة بيشة المقدم ظافر بن سعيد القرني أن هناك شروطا وتعليمات من مرور المنطقة يجب توفرها في المواطنين الذين يمارسون نشاط النقل المدرسي، وهي ضمن لائحة مقررة من وزارة النقل. وشدد المقدم القرني على تطبيق أصحاب هذه السيارات للشروط والتعليمات، محذرا إياهم من التهاون والتهور في القيادة «كونهم ينقلون أرواحا تبحث عن الحياة الكريمة». ونادى مدير مرور محافظة بيشة السائقين الناقلين للمعلمات بالدأب على صيانة المركبات وتفقدها قبل الانطلاق بشكل يومي، وأن تكون الحافلات المستخدمة على الطرق الوعرة والجبلية مصممة للعمل في تلك المناطق، وأن يكون في جانبي المركبة مرايا تمكن السائق وهو في مقعده من رؤية الظروف المحيطة بالأبواب، وأن تكون سعة المركبة مناسبة لعدد المعلمات المتعاقد معهن، وأن تكون المركبة مريحة ومزودة بأحزمة أمان للمقاعد، وأن تكون نوافذها مثبتة وعديمة الضجيج، وزجاجها من النوع المأمون. وأكد المقدم القرني أن النقل في هذا المجال يقتصر على السعوديين فقط، ويمنع مزاولة الوافدين لهذه المهنة إلا من استقدم بمهنة سائق خاص وتنحصر مهمته في نقل أسرة كفيله فقط. وقدم مدير مرور بيشة نصائح لقائدي سيارات النقل تتمثل في توفير طفايات حريق، وحقيبة إسعافات أولية لمواجهة أي طارئ على الطرق، وأكد المقدم القرني أن نسبة حوادث المعلمات والطالبات في محافظة بيشة هي نسبة ضئيلة «لكن الحذر والاحتياط واجب خاصة بعد الانتهاء من تنفيذ طرق جديدة تربط بيشة بمحافظات ومراكز كطريق تثليث الذي يشهد النسبة الكبرى لنقل المعلمات والطالبات بشكل يومي وأسبوعي».
