الزميل العزيز الدكتور حمود أبو طالب وفي مقاله في «عكاظ» شن حملة عنيفة على قاضي بريدة الذي أجل النطق بالحكم في قضية تزويج طفلة بريدة برجل يكبر أباها بكثير لأنه يريد أن يستمع من الفتاة نفسها ليكون لهذا الاستماع أثر في طبيعة الحكم!! شدني المقال كثيرا، فالمقال جيد الفكرة والأسلوب، وبعد إتمام قراءة المقال قفز إلى ذهني سؤالان: هل هذه الكتابات ستنهي المشكلة؟! ثم هل تزويج الصغيرات هو كل شيء في موضوع التجاوزات على المرأة أم أن هناك أشياء أخرى؟! تزويج الصغيرات كتب عنه الكثيرون .. وأنا أحدهم ولكنه مازال مستمرا فلماذا؟! القاضي ليس كل شيء في هذه القضية!! صحيح عليه مسؤولية كبيرة ولكن هناك أطراف أخرى يجب أن تسانده. نعرف أن بلادنا تطبق الشرع الإسلامي في قضائها .. والإسلام لايحرم زواج الصغيرات وهذا يشكل ضغطا على القاضي أي قاضي خاصة إذا صرحت الفتاة برضاها!! لكن هناك جوانب أخرى من واجب القاضي أن يبحثها بدقة.. وأيضا من واجب المجلس الأعلى للقضاء أن يضع ضوابط دقيقة لزواج الفتيات ترفع الظلم عنهن بصورة نهائية. لو كان الأمر بيدي لجعلت الحد الأدنى لزواج الفتاة ثمانية عشر عاما .. ولطالبت بأخذ كل الاحتياطات للتأكد من موافقتها على الزواج. ولو كان الأمر بيدي لجعلت الحد الأعلى للفارق في السن بين الزوجين عشر سنوات فقط لأن هذا الفارق هو الذي يجعل حياة الزوجين مقبولة إلى حد كبير .. ونعرف جيدا ما قاله الإمام «أبو حنيفة» عندما سأله أحدهم وكان عمره في حدود الثمانين: هل يمكنه الإنجاب إذا تزوج صاحبة العشرين؟ بعض المتصابين يتفاخر بأنه تزوج أكثر من مرة، أبكارا صغيرات السن؟! وكأن الزواج مسألة بيع وشراء يفوز بها من يدفع الأكثر!! أما المودة والسكن والتربية الصالحة فلا مكان لها في عقلية هؤلاء!! المجلس الأعلى يجب أن يضع ضوابط دقيقة كما قلت لا بأس أن تكون هناك استثناءات قليلة يقدرها القاضي وليس مأذون الأنكحة خاصة في الحالات التي تتضح فيها عدم الكفاءة!! ومسألة أخرى لاتقل أهمية عن سابقتها .. القاضي يجب أن يبت وبسرعة في موضوعات فسخ زواج الصغيرات خاصة في الحالات شديدة الوضوح مثل أن يبيع الأب ابنته لعجوز مقابل المال، أو يزوجها دون علمها أو علم والدتها .. وأعتقد أن الأب يجب أن يعاقب في مثل هذه الحالات، ولايشفع له أنه أب لأنه فعل ما ليس من حقه أن يفعله!! وفي هذا السياق فإن قضايا الخلع ينبغي أن تتم دون تأخير!! أزواج كل أوقاتهم مخمورون أو متخدرون.. وتمضي الزوجة الكثير من عمرها لكي تحصل على الطلاق!! أزواج يعاملون زوجاتهم بعنف واحتقار، ولايقومون بأدنى حقوقهن .. وأيضا ليس من السهولة أن تحصل الزوجة على حقوقها أو طلاقها!! الأمثلة كثيرة، وعند القضاة الكثير .. لكن الواقع أن هذه القضايا مع أهميتها لا تحل بسرعة تتفق مع حجم الأضرار التي تقع على المرأة!! إذا ثبت سوء الزوج فيجب أن يخلعه القاضي دون أن يكلف الزوجة بأن تدفع شيئا!! ولو كان الأمر بيدي لطالبته بتعويضها عن كل الأضرار النفسية التي لحقت بها!! قد لاتجد المرأة أحيانا من يقوم باحتياجاتها القضائية .. وقد لاتجد المال الذي تدفعه للمحامي .. من حقها أن تدافع عن نفسها.. ومن واجب القاضي أن يهيئ لها كل الظروف المناسبة. في «عكاظ» 15 صفر 1431ه وفي صفحتها الأخيرة «أرملتان و6 بنات يلاحقن وقف ال 50 مليونا» وتجد في تفاصيل الخبر ما يدمي القلب .. خاصة أن الخبر يقول: إن القاضي صرف النظر عن مطالبة هؤلاء بما يحقق لهن الحد الأدنى من العيش الكريم!! الوالد الزوج يموت ويترك خمسين مليونا لكن زوجتيه ومن معهما لايحصلن على شيء من تركته!! أعرف أن هناك تفاصيل أخرى .. لكني أعرف للأسف أن القضايا مع شدة أهميتها على أصحابها لا تحل بالسرعة اللازمة!! من أين يحصلن على احتياجاتهن اليومية!! ألم يفكر القاضي بكل ذلك؟! زواج الصغيرات ليس كل شيء .. حقوق تضيع بسبب البطء أو التجاهل .. لكن الأمل أن تختفي تلك المظاهر التي لا تتفق مع سماحة الإسلام، ولا مع مظاهر الحضارة البشرية التي نعيشها!! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة