لا يزال دوي الانفجار ظهيرة يوم حادثة استهداف مبنى الأمن العام (مايو/2004) أو ما يسمى (بتفجير الوشم) يرتاد ذاكرتي كلما أعلن عن حدث إرهابي.. كنت أعمل وقتها في صحيفة «الشرق الأوسط» واهتزت الأرض من تحتنا وشعرنا بأن الجدران ستقتلع لوهلة، ثم تراكضت الأمهات للاطمئنان على وصول الأبناء والأزواج إلى المنازل وتأثرت شبكة الاتصالات بسبب ضغط الاتصال، الرياض العاصمة مصابة بالهلع.. وقت قصير لاستيعاب الحادث الجلل ثم ساد الفزع بسماع صافرات الإسعاف تعلن انطلاقتها وسط دهشة الجميع وبحث عن مبرر الدوي الذي اهتزت له الأرض. بعد معرفة أن مبنى الأمن العام تم استهدافه انطلقنا إلى المستشفيات نبحث عن المعلومة، ونتلمس الاطمئنان على أبنائنا المصابين من رجال الأمن الذين تم نقلهم إلى المستشفيات، وكان مستشفى «الرياض المركزي»، محطتي الأولى شاهدت المصابين وملامحهم حجبتها الضمادات البيضاء والبعض منهم تضررت عيناه بسبب شظايا الزجاج الذي تطاير أثناء التفجير، ومنهم من لم يفق بعد، وآخرون يئنون تحت وطأة الألم لم يدركوا ماذا أصابهم وملامح ذويهم لا تفارقني وهم يهرولون في طرقات المستشفى للاطمئنان عليهم. بين رحيل رجل أمن (شهيد) ورؤية بعض رجال الأمن على السرير الأبيض وقد أنجاهم الله من الموت مسافة الحزن الشاهق الذي يتسلق منازل ذوي الشهداء لزف خبر وفاتهم للعائلات المكلومة، وفرحة يصعب التعبير عنها بسلامة المصابين.. على الأقل سيعودون إلى منازلهم ولو بعد حين.. تناولت ذاكرتي شريط الألم المبرح هذا ونحن نتعايش معه أثناء متابعتي خبر الاشتباك الأمني في مدينة جازان جنوب السعودية قبل أيام والذي نتج عنه مقتل اثنين من المشتبه فيهم والقبض على ثالث عند نقطة تفتيش، واستشهاد الجندي أول (عامر) أحمد الشويش الذي لم يتجاوز (30 عاما)، متزوج ولديه طفلتان أكبرهما لم تتجاوز (ثلاثة أعوام)، ورضيعة تبلغ (عاما ونصف العام) وزوجته تنتظر مولودا ثالثا، لن يرى والده رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.. بهذه الفاجعة أعزي نفسي ووطني ووالدنا ومليكنا الغالي، وأسرة وزوجة الشهيد (عامر) العكاسي، الذي غادر دنيانا فداء للوطن في أحداث وشمت على ذاكرتنا وذاكرتهم لتعلن لهذه الأرض أن دماء شهدائنا الطاهرة لن تكون بلا ثمن، وكلما سحقت جهود وزارة الداخلية محاولات العابثين بأمننا بمكافحتهم تحرك.. وطن (عامر).. بصمود رجالنا لردعهم.. كان الله في عون رجال الوطن الساهرين على أمننا.. وفي عون من سكنوا منازل تسلل الحزن والفقد والألم .. إلى جدرانها. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة