فتيات الكشافة يرسّخن حضورهن في خدمة الحجاج ضمن مستهدفات الرؤية    ارتفاع أسعار النفط    رياح نشطة على على أجزاء من مناطق المملكة    الخدمات الطبية بوزارة الداخلية تُكمل استعداداتها لموسم حج 1446ه    40 درجة مئوية على طرق المدينة - المشاعر المقدسة    حرس الحدود بمنطقة عسير يقبض على (3) مخالفين لنظام أمن الحدود    اللواء الدعيج يتفقد مراكز كلية الملك فهد الأمنية في المشاعر المقدسة    النائب العام يتفقد مقار النيابة العاملة في الحج    جازان تحصد ميداليتين في 2025 ITEX    متصفح Opera مدعوم ب AI    عروس تصل حفل زفافها بسيارة جنازة    لماذا تطلى الطائرات باللون الأبيض؟    أسرار مخفية في أدمغة الموتى    علاج واعد يبطئ سرطان الدماغ    فيصل بن سلمان: خدمة الحجاج شرف وواجب ومسؤولية تاريخية    تفكيك ما تبقى من مقومات الحياة.. إستراتيجية الاحتلال.. من تدمير الأنفاق إلى خنق قطاع غزة    التقت ملك الأردن واجتمعت بالرئيس الفلسطيني.. "الوزارية العربية" تستعرض جهود إنهاء حرب غزة    منع دخول المركبات غير المصرح لها إلى المشاعر    قوات أمن الحج تضبط (3) مواطنين لنقلهم (108) مخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    أكد تسخير القدرات للتغطية الميدانية.. البسامي: عقوبات صارمة على من تسول له نفسه الإخلال بأمن الحج    أكد على علاقات "منفتحة".. عون من بغداد: لا سيادة بدون قانون.. ونرفض التدخلات الخارجية    "إثراء" يطلق 31 فعالية ثقافية خلال عيد الأضحى    ليالي الفيلم السعودي.. مواهب وطنية وقصص عالمية    74 مليار ريال واردات مارس    الأخضر يواصل تحضيراته للبحرين في تصفيات المونديال    أهالي الباحة يستعيدون ذكريات "الشبرية" بموسم الحج    حاجة معاقة سمعياً: السعودية تتفانى في خدمة الحجاج    خلال15 يوماً.. استهلاك 3.4 طن من ماء زمزم بالمسجد النبوي    لوس أنجلوس ينتزع آخر مقاعد مونديال الأندية    "الاتحاد" عريس الموسم بثنائية الدوري والكأس    رصد 20 ألف مخالفة على أنشطة النقل في مكة والمدينة    تقليل فترات انتظار المستفيدين من الخدمات الطبية.. «كبسولات» لفحص حالات الحجاج بالذكاء الاصطناعي    في 16 دقيقة.. العربة الصحية تنقذ حاجاً اوغندياً من النزيف    5.5% نموا بالقروض المقدمة من البنوك السعودية    مقترح لإطلاق مجتمعات ريادة أعمال محلية    180 مليارا قروض المصانع السعودية    استخدام طائرات «كواد كابتر» لبث الرعب في غزة    اختتام بطولة كأس سمو وزير الرياضة للجودو بالرياض    في الشباك    اجتماع ثلاثي بالقاهرة لبحث النووي الإيراني    المزاج العالمي تجاه إسرائيل يتغير..    لا حج بلا تصريح    أمير القصيم يزور الصالونات الثقافية في المجمعات التجارية    فيصل بن سلمان يعلن إطلاق ملتقى تاريخ الحج والحرمين الشريفين    وزير الداخلية يستقبل السفير الإيراني    تهنئة دولة ساموا بذكرى الاستقلال    وزير الخارجية: حكومة إسرائيل متطرفة وترفض السلام    رئيس المالديف يغادر المدينة المنورة    طائرة درون متطورة في عمليات الإطفاء لضمان سلامة الحجاج    برنامج "مشورة" يفوز بجائزة Telly Award العالمية    31 فعالية ثقافية تنسج "شريط العطاء" في احتفالات "عيد إثراء"    وزير الداخلية يلتقي نائب أمير مكة وأعضاء اللجنة الدائمة للحج والعمرة    بمشاركة 34 باحثًا و458 جامع بيانات.. 17 دراسة لجامعة أم القرى لتحسين تجربة الحجاج    عبدالعزيز بن سعود يلتقي المتقاعدين وعدد من أهالي مكة المكرمة    «أمن الحج».. تنسيق وتخطيط وتكامل لراحة ضيوف الرحمن    وزير الداخلية يتابع سير العمل في مركز العمليات والتحكم بقطار المشاعر المقدسة في مشعر عرفات    أمير منطقة جازان يوجه بمواصلة تقديم الخدمات للمواطنين والمقيمين خلال إجازة عيد الأضحى    أمير منطقة جازان يتفقد محافظة الحُرَّثْ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذابة الحدود بين الأجناس بالتكامل
نشر في عكاظ يوم 22 - 01 - 2021

منذ أن بشّر الفيلسوف الفرنسي (موريس بلانشو) أواخر منتصف القرن الميلادي العشرين، بتداخل الأجناس، وأنه لم يعد هناك كتاب ينتمي إلى جنس إبداعي واحد، أو ينتظم تحته، والنظريات الحداثية وما بعد الحداثوية لم تتوقف في طرح التصورات التي تتعامل مع النصوص في ضوء معطيات تناغم ما بين العلم والفنون والمنجز التقني، لتهدم بالتدريج الحواجز بين الأجناس وتنال من قداستها، فالإبداع ليس مجرد كلمات، بل تتوالد معه الصور والأنغام والمسرحة تتوالد الكائنات الحية، وتنتقل من بسيط لمركب ومن سهل لمعقد وفي ظل التحديات التي تواجه النص المكتوب استشعر مبدعون خطر التقليدية في ظل طوفان الميديا فقرروا خلع رداء التقليدية ومصالحة الأجناس داخل إبداعهم، وبطرح سؤال مستقبل الكتابة في زمن رقمي متسارع على عدد من المبدعين الحداثيين جاءت الإجابات تصالحية، إذ اختصر الشاعر إبراهيم زولي الإجابة عن السؤال في كلمتين (أجل، لقد تداخلت الأجناس الأدبية، واستفاد كل جنس من شقيقه، ويظهر أن الورق آيل للسقوط)، فيما يستعيد الشاعر علي الحازمي، مقولة (العالم أصبح قرية كونية صغيرة)، ويرى أنه لا يمكن العيش فيه بقناعات بالية ربما تسهم بطريقة أو بأخرى في عزل واقعنا عن مستقبل يتغير ويتطور أمامنا بشكل متسارع في كل ثانية، ويؤكد صاحب (الغزالة تشرب صورتها) أن الفنون هي الأخرى أصبحت تمتلك حق التجاور واقعاً بحكم الحضور اللافت لها بشكل يتماس مع يومياتنا بشكل كبير، وأضاف الحازمي، لا يمكن لنا على سبيل المثال تجاهل أهمية الصورة وتأثيرها في نظرتنا وعواطفنا المتجددة تجاه ما يحيط بنا، وكذلك الموسيقى، والتي كانت تحضر في السابق بشكل خجول أو هامشي في الفعاليات الثقافية، ويذهب إلى أن أهمية حضور الفنون مجتمعة في فعالية واحدة بزمن واحد ينبع من لحظة ملحة يجب الالتفات لها ومراعاتها، الأمر الذي يقتضي معه إلغاء ما كان يسمى بالهامش في التعامل معها وتقديم الجميع بنسب واحدة لصُلب المتن، ما يجعلنا نؤمن بأن هذه التجربة واعدة وستحقق ذلك القدر المأمول من النجاح لكونها ترتكز على مسألة تنويع على الحواس من حيث التلقي ومضاعفة ثراء اللحظة، وأضاف، علينا أن نتقبل بأن الزمن يتغير وأن المتلقي تغير هو الآخر، ولكل هذه الأجيال الشابة الحق في أن تقول كلمتها وتعيش لحظتها بكل تفاصيلها وتطلعاتها الراهنة، وعلينا أن نواكب
بالكثير من المسؤولية هذه اللحظة. وعد الشاعر محمد خضر القضية مسألة فهم اللحظة والزمن، كون المبدع الخلاق باحثاً عن مساحات متجددة وجديدة مع إيمان بأهمية مواكبة لحظته الآنية حتى لا يرفض، وعزا إلى ثورة التكنولوجيا والإلكتروني والبصري والفنون احتلال مساحات واسعة كان يعتد بها المبدع في أزمنة مضت ولم يعد اليوم يملك حق التفرد بها ما يوجب استيعاب الشاعر أو المبدع هذا المتغير وتجاوز رهانات جمالية أو متصلة بموهبته، وتطلع لمواكبة وقراءة عميقة لواقع متغير حتى لا يتجاوز الكاتب الزمن، مؤكداً ذوبان الحدود بين الفنون وإن كان التحول يتسلل ببطء، مشيراً إلى أن كتابه (تحميض) جمع بين الصورة والنص، وكان هاجسه أن يكون عملاً متكاملاً بالتزاوج والتراسل خصوصاً أن الروايات والقصص مثلاً كانت تضيف صوراً تعبيرية في التجارب المشتركة بين الفن التشكيلي والشعر ما عده إضافة بعد بصري وسمعي، ويؤثر خضر أن يكون الكتاب كله من اشتغال الشاعر الفنان ولو برسومات تعبيرية بسيطة، أو معرض متكامل يجمع موسيقى تخص العمل ولوحاته والنص. ويتماهى الشاعر طلال الطويرقي مع فكرة طباعة المجموعات الشعرية مخفورة بالموسيقى والصورة، ويراه أمراً في غاية الأهمية والضرورة، كون الفنون -فيما بعد الحداثة - تتساوق فيما بينها، ولم تعد الحدود إلا خيطاً رفيعاً بين جميع الفنون في سيمفونية فنية عالية الجمال بحكم أن العصر الرقمي السريع هو ديوان الفنون الحديث وحافظها الأمين.
ويرى القاص ظافر الجبيري أن تداخل الفنون الأدبية يبعث على الفرح والاهتمام لما للصورة من قدرات كبرى على إضفاء المزيد من الوهج على الحالة الأدبية وسرعة التوصيل للمتلقي، وقال الجبيري «نرجو اليوم ألا يفقد الكتاب مكانته ورقياً أولاً وإلكترونيا ثانياً»، ودعا إلى التفريق بين من يحتاج للجمع بين هذه الفنون للزينة أو تعوّض القصور في نصه ومن يتوصل بها إلى إضفاء التشويق لمنتجه الإبداعي. وعد الجمع بين الكتابة واللون والموسيقى من حيث المبدأ ملمحاً جمالياً.. شريطة ألا يؤخذ بديلاً نهائياً عن الكتاب التقليدي، وبشرط ألا يجعل ضعيفي وضعيفات الموهبة يعوضون القصور الفني في كتابتهم بهذه الإضافات.
عصر الرقمية لا توقفه عواطف الورقيين
الدكتور أحمد الهلالي، أستاذ الأدب في جامعة الطائف، يرى أن عصر الرقمية لا توقفه عواطف الورقيين، ولا دعوات الوراقين، فهو وحش عملاق تتآكل تحت قدميه السريعتين الحياة التقليدية بمختلف تمظهراتها، وعلى مستوى الورقية تكفينا نظرة إلى الصحف، وإلى التعاملات الإلكترونية من باب البنك إلى قائمة الطعام، وقد أصبحت بعض المهرجانات والملتقيات لا تقدم قائمة فعالياتها على الورق المقوى، بل أصبحت تقدمها على شاشات الاستعمال الواحد بالصورة والصوت، وأصبحنا نشاهد الأعمال التشكيلية بهذه التقنية منذ تخطيط اللوحة حتى اكتمالها، وقد بلغ المدى الرقمي إلى محاكاة الورقية، فقد أنتجت شركة LG الكورية شاشة قابلة للطي تشبه ورق صور أشعة X.
على مستوى الكتاب فقد أصبح الكتاب الإلكتروني مهدداً رئيسياً للكتاب الورقي، ويمتد ظلاله بخطوات متسارعة، ابتدأ ذلك بالمسح الضوئي للكتب على صيغة PDF ثم الكتاب المسموع، وأصبح النشر الإلكتروني للأعمال الإبداعية أقل مجهوداً وأقل تكلفة، ونحا كثير من المبدعين في ظل تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تجمع (الصوت والصورة والكلمة والموسيقى) إلى نشر إبداعاتهم من خلالها لتجد رواجا أكبر من الورقي بين المستخدمين، وهذا اليسر، وذلك الرواج الذي يخاطب عدداً واسعاً من الحواس هو قائد التحول إلى الرقمية بهذه الكيفية، فإن كنا قد شاهدنا سابقاً الديوان الصوتي، فقد آن أوان المجموعات الشعرية والقصصية والروايات المرئية المسموعة، بتأثيرات بصرية وموسيقية وإخراج لا يهمل حاسة من حواس التلقي دون أن تلمسها رسالة المحتوى المنشور، وقد بدأ هذا المستقبل بالقصائد المفردة، ومنه كذلك ديوان شعري مرئي منشور على يوتيوب للشاعر ابن عيوش تتجلى فيه التجربة، ولا يبطئ هذا الأمر إلا مقاومة صناعة الورق وعواطف الورقيين، وهيمنتهم على دوائر النشر، وضعف إقبالهم على الرقمية إلا بما يخدم مصالحهم، وكذلك بسبب تخوف بعض المبدعين من التجربة، لكنها باتت واقعاً وستنتشر، ولم يعد السؤال في رأيي عن الكتاب الورقي، بل عن (المكتبات الورقية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.