أعلنت الإدارة الأمريكية عن اتصال حدث بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تم من خلاله الاتفاق على تجميد إسرائيل لضم الضفة الغربية وكذلك بدء الإجراءات لتطبيع العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والاتفاق على معاهدة سلام تجري بين الطرفين من المرجح التوقيع عليها خلال الأسابيع القادمة. بالنظر إلى السياق الذي أخذته العلاقات الإسرائيلية العربية منذ زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات في عام 1977 إلى إسرائيل وخطابه أمام الكنيست الإسرائيلي وصولا إلى البيان الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي، فإن قطار التطبيع يسير قدما ولم يسبق أن أغلق محطة أو تراجعت دولة عنه. الخطوة الأخيرة يمكن فهمها في السياق العام الذي تمر فيه المنطقة، ما سمي الربيع العربي أنتج حالة من السيولة في كثير من الدول العربية وخصوصا تلك التي أصابتها الأزمات وعانت من الحروب، فبدا أن القضية الفلسطينية فرخت قضايا أخرى لا تقل خطورة، فانقلبت التوازنات الاستراتيجية وتعرض العالم العربي إلى هجمة إيرانية غير مسبوقة اعتمدت على تمزيق النسيج الاجتماعي العربي، واستخدمت القضية الفلسطينية كحصان طروادة للهيمنة والسيطرة على الدول العربية حيث ادعت أنها احتلت أربع عواصم عربية، تزامن ذلك مع هجمة أخرى غير مسبوقة تمثلت بالعثمانية الجديدة، التي روجت لها جماعة الإخوان المسلمين، معتمدة على تاريخ طويل من إنشاء للجماعات الأيديولوجية ومحاولات لبناء جماعات باطنية وخلايا نائمة تهدف إلى القفز على السلطة وفرض رؤيتها على المجتمع والدولة في مختلف الأقطار العربية، وتلاقت مصالح هذه الجماعة مع مصالح أردوغان المشغول بأحلامه الامبراطورية، التي تريد إعادة الاحتلال العثماني إلى العالم العربي، وإن كانت تركيا المعاصرة لا تمتلك المقومات والإمكانيات لهذه الأمنيات الاستعمارية التي يكشف عنها الخليفة المزعوم. في سياق التطورات سالفة الذكر جاءت الخطوة الإماراتية الإسرائيلية، التي لم تكن مفاجئة لكل من يتابع التطورات، بل كانت خطوة متوقعة ومفهومة، ولكن ما إن تم الإعلان عنها حتى انفجرت ماسورة من المزايدات على مستويات مختلفة وكل لأسبابه. فهناك إعلام كان يخوض حرباً إعلامية شرسة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وبالتالي يستغل أي حدث لتشويه صورة الدولتين، مع أن قطر وهي الممول الأساسي لهذه الحرب هي أول من بدأ علاقات رسمية مع إسرائيل تكللت بزيارة شمعون بيريز إلى الدوحة. كما بلغت الصفاقة منتهاها عندما صرح أردوغان بأن بلاده تدرس قطع العلاقات مع أبوظبي بسبب البيان الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي، مع أن تركيا أول من اعترفت بإسرائيل وتعتبر أنقرة أهم الشركاء الاقتصاديين لتل أبيب، هذه الحقيقة الأخيرة لم ترها جماعة الإخوان ولا أذرعها في المنطقة التي انطلقت بكاء وعويلا لتمرير خطاب شعبوي ملّته شعوب المنطقة. وأخيرا بعض الفلسطينيين الذين انطلقوا بحملة مزايدات مع أنهم هم الذين وقعوا اتفاقيات أوسلو وفتحوا الباب لهذا المآل الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية. بالمناسبة البعض من الفلسطينيين والعرب والأجانب يخشى أن يكون هناك حل للقضية؛ لأن ذلك يلغي اقتصاداً كاملاً مبنياً عليها، وينفي الحاجة إلى أشخاص وجمعيات وحتى دول تعتاش على القضية وتتاجر باسمها. لعل الأيام الماضية كشفت الدرك الأسفل الذي وصلت إليه السياسة في منطقتنا الموبوءة التي تحولت إلى حملة ردح ليس أكثر من ذلك. باحث سياسي ramialkhalife@