نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    النفط يستقر وسط عقوبات أميركية وانحسار التوتر بالشرق الأوسط    فيصل بن فرحان يجري اتصالاً هاتفياً بوزيرة خارجية بلجيكا    النيابة: الحكم على وافد بالسجن 5 سنوات وتغريمه 150 ألف ريال لتحرشه بامرأة    سيناريوهات تأهل الهلال إلى نهائي دوري أبطال آسيا    رئيس الأهلي: قرار تأجيل مباراة الهلال ليس في صالحنا    الجمعية السعودية لطب الأورام الإشعاعي تطلق مؤتمرها لمناقشة التطورات العلاجية    أمير الشرقية يرعى حفل افتتاح معرض برنامج آمن للتوعية بالأمن السيبراني الأحد القادم    سمو محافظ الطائف يستقبل مدير الدفاع المدني بالمحافظة المعين حديثا    سعود بن نهار يستقبل مدير التطوير والشراكات بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون    ألمانيا تعتقل شخصين يخططان لاستهداف قواعد أمريكية    «جدة التاريخية»: اكتشاف خندق دفاعي وسور تحصين يعود تاريخهما إلى عدة قرون    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    سعودي ضمن المحكمين لجوائز الويبو العالمية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    المملكة تستعرض ممكنات الاستثمار السياحي في المؤتمر العالمي للضيافة في برلين    إحباط تهريب أكثر من مليون حبة كبتاجون مُخبأة في إرسالية "فلفل وجوافة"    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    رونالدو ينتصر في قضيته ضد "يوفنتوس"    النصر: نستغرب تغير موقف الرابطة بعد تأجيل مباراة الهلال    البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي    كيف تحمي نفسك من الاحتيال المالي عند تسديد المخالفات؟    إندونيسيا تصدر تحذيرًا من تسونامي    وصفات قرنفل سحرية تساعد بإنقاص الوزن    الضويان تُجسّد مسيرة المرأة السعودية ب"بينالي البندقية"    الأرصاد: ارتفاع الموج متر ونصف بالبحر الأحمر    ملتقى الأعمال السعودي الإسباني يعزز التطوير العقاري    "فنّ العمارة" شاهد على التطوُّر الحضاري بالباحة    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    الأمطار تزيد من خطر دخول المستشفى بسبب الربو بنسبة 11%    «العدل»: «تراضي» تنهي 7,700 قضية تجارية.. صلحاً    تحت رعاية خادم الحرمين.. المملكة تستضيف اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي    «نيوم» تستعرض فرص الاستثمار أمام 500 من قادة الأعمال    آل الشيخ: العلاقات السعودية - الأردنية متقدمة في شتى المجالات    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    المملكة في قائمة أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية الذكاء الاصطناعي    5 فوائد مذهلة لبذور البطيخ    قطبا القصيم والشرقية وجهاً لوجه.. والشباب يصطدم بأبها    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    أسرتا الطويل والجربوع تتلقيان التعازي في وفاة والدتهما    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    برامج ثقافية وترفيهية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    ريال مدريد يقصي مانشستر سيتي ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا    تراثنا.. مرآة حضارتنا    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    شقة الزوجية !    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة شعب
نشر في عكاظ يوم 23 - 11 - 2019

قبل أسابيع قليلة تناولت بزاويتي بصحيفة «عكاظ» مقالاً بعنوان «عواصم إيران تنتفض»، أشرت خلاله للمظاهرات العارمة التي اجتاحت شوارع لبنان والعراق، وأتت مكملة لسلسلة الانتفاضات والصراعات التي تحولت لحروب أهلية مدمرة في كل من سوريا واليمن، لتصبح بذلك العواصم الأربع التي طالما افتخرت إيران بسيطرتها عليها نماذج مؤسفة للفساد السياسي والتفكك الاجتماعي والطائفية والتعصب، مبرهنة على أن تدخل إيران في شؤونهم لم يجلب لهم سوى الدمار والخراب الشاملين.
منذ أيام قليلة اندلعت مظاهرات ضخمة في إيران واكبتها العديد من الأحداث التخريبية العنيفة التي عكست مقدار الغضب والكبت المعتملين في نفوس الإيرانيين، يسعى النظام وأبواقه الإعلامية المأجورة وعملاؤه المرتزقة إلى تسويق المظاهرات باعتبارها مظاهرات عادية بسبب غلاء أسعار المحروقات، غير أن الأمر بطبيعة الحال ليس كذلك، فهذه المظاهرات في حقيقتها هى صرخة شعبية تهدف لفضح النظام والتنديد بأفعاله، وتعبر عن آلام دفينة متراكمة جراء سياسة إيران العدوانية التي جرت الويلات على شعبها المغلوب على أمره.
في واقع الأمر، تعود أزمة إيران لثورتها التي أوصلت الخميني لسدة الحكم عائداً من منفاه في فرنسا، في تلك الآونة المضطربة كان الإيرانيون يحلمون بعالم خالٍ من الظلم والاستعباد، وكانوا يتوقون للحياة الكريمة، ولذلك بدت لهم حماسة مرشدهم ونضاله ضد كل الأوضاع الظالمة طوق النجاة الذي سيوصلهم لبر الأمان سالمين، وقد انتفض الشعب الإيراني بالفعل مستجيباً لنداءات الخميني، مقدماً روحه فداءً لتلك الدعوات التي كانت تصله من منفى الخميني، في الوقت الذي كان هذا الأخير ينعم بطيب العيش في إحدى مدن فرنسا الهادئة.
عاد الخميني لأرض الوطن على متن طائرة الخطوط الفرنسية مظفراً باعتباره القائد والزعيم الملهم لجموع الشعب المتلهفة للحرية، وما إن وطئت قدماه ساحة المطار حتى انتشى بالهتافات العالية والحشود الكبيرة التي أحاطت به من كل حدب وصوب، فخرج مزهواً بنفسه متجولاً في الشوارع بسيارته ملوحاً بعلامة النصر يميناً ويساراً، واعداً الجماهير الغفيرة بحرية ستغير وجه إيران للأبد، وبمجرد أن اطمأن الخميني لاستمراره في سدة الحكم حتى بدأ كل شيء يتغير، وتبخرت تماماً كل دعاوى السلمية وحقن دماء الأبرياء، وسرعان ما سادت لهجة انتقاد الغرب -الذي آواه في المنفى- بدعوى دعمهم للشاه، ثم تحولت سهام النقد للولايات المتحدة لقبولها علاج الشاه فوق أراضيها، وقد أثارت تلك الانتقادات استغراب البعض، ممن وجدوا تناقضاً كبيراً بين كلام الخميني الاستعراضي وسلوكياته، وهو الذي كان يعيش في حرية برعاية الغرب، يركب سياراتهم ويسافر بطائراتهم، ومن هنا فطنوا إلى أن الخميني يستعدي الغرب لتصفية خصومات شخصية ولتحقيق أغراض دعائية.
توسعت بالتدريج حملة تصفية الخصوم والحسابات معاً، فبدأ الخميني أولاً بالتنكيل بعملاء جهاز السافاك -الذراع الأمنية للشاه- فأطاح برؤوسه قتلاً وتنكيلاً، ثم عطف على قيادات الجيش باحثاً عمن يوجد بقلبه ذرة تعاطف للشاه ليقوم بالتخلص منه بلا رحمة، وأخيراً توجه للخارج بعد فراغه من قمع جميع خصومه بالداخل، ليصفي حساباته مع ألد أعدائه صدام حسين، فقد كان الخميني -وقبل توجهه إلى فرنسا- يقيم في مدينة النجف في العراق ولسنوات طويلة، وكان يسعى لتأسيس دولة خاصة به داخل العراق، الأمر الذي أثار غضب الحكومة العراقية، فما كان من صدام حسين إلا أن أمر بطرده تاركاً له حرية اختيار منفاه الجديد.
من الواضح أن الخميني لم ينس لحظات الذل إبان خروجه ذليلاً من العراق، فبدأ في تجييش جنوده صوب الحدود العراقية ثم شرع في قصف بعض المدن العراقية، معلناً الجهاد المقدس ضد العراق، ثم دارت الحرب التي اعتبرت من أشد الحروب كارثية في القرن العشرين، غير أن ما لفت انتباه بعض المراقبين هو الشرط -الوحيد- الذي وضعه الخميني لإيقاف الحرب مع العراق، وهو خروج صدام من السلطة، وهو ما كشف أمام الجميع نوايا الخميني الدفينة ورغبته الشخصية المستعرة في الانتقام من شخص صدام، وليس خوض الحرب لتحقيق مصالح البلاد العليا.
اتسمت الفترة التي حكم فيها الخميني إيران بالقسوة المفرطة والإعدام والقتل والتنكيل بالمعارضين، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، وتروي «مارينا نعمت» مؤلفة كتاب «سجينة طهران» تجربتها المؤلمة في الاعتقال والتعذيب خلال سنوات مراهقتها، لمجرد أنها انتقدت الخميني وكشفت بعضاً من زيف ادعاءاته، حتى صدر أمر بإعدامها رمياً بالرصاص، ولم ينقذها منه سوى أحد أزلام الخميني الذي اشترط أن يتزوجها لقاء إنقاذها من حكم الإعدام، بعد أن توسط بنفسه لدى الخميني!
ما يحدث في إيران اليوم ليس حدثاً عابراً أو نتيجة لظرف اقتصادي عابر، بل هي ثورة شعبية مكبوتة ومقموعة عمرها 40 سنة، عانى خلالها الشعب من ادعاءات مستمرة وبطولات زائفة لنظام عدواني معادٍ للسلم والأمن الدوليين، وهي أحداث تتوج سيرة شعب مغلوب على أمره، ناضل أربعة عقود ضد رصاص النظام الظالم وضد أحكامه التعسفية، وفي حال نجاح انتفاضته الأخيرة فإن الكثير من الذل والهوان الذي عانى منه الشعب سيتضح أمام الجميع، ولذلك فالأمل معقود ليس على الشعب الإيراني وحده، بل على شعوب عواصم إيران الزائفة التي انتفضت ضد نظام الملالي أيضاً لإسقاط هذا النظام، عاجلاً أم آجلاً، فالتخلص من هذا النظام الآثم لن ينقذ الشعب الإيراني وحده، بل سيخلص كافة دول المنطقة منه ومن شروره حتى يعود لها أمنها واستقرارها.
* كاتب سعودي
Prof_Mufti@
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.