النصر يرفض «رمي المنديل» ويهزم الأخدود بشق الأنفس    العلا تروّج لمعالمها السياحية بشراكة مع طيران الرياض    "تاسي" ينهي تداولات الأسبوع على تراجع 1.4%    شركة ملاهي توقّع إتفاقية تعاون مع المطور العقاري الوطني شركة روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    "الأرصاد" يتوقع صيفاً شديد الحرارة وأمطاراً غزيرة    ضبط درجات الحرارة في المسجد الحرام وفق آليات عمل متطورة صيفاً وشتاءً    انعقاد الدورة الثالثة للجنة السعودية - البيلاروسية المشتركة في الرياض    طائرة ركاب تابعة للوفتهانزا تعود إلى فرانكفورت بعد إقلاعها    الملك وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في وفاة هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    خوسيلو يتحول من لاعب مهمش إلى بطل سانتياغو برنابيو في دوري أبطال أوروبا    البنك المركزي السعودي يُطلق خدمة «استعراض حساباتي البنكية» للعملاء الأفراد    أمريكا: هيكل حكم جديد بغزة بديل أفضل من عملية إسرائيلية كبيرة في رفح    مستشار أمير منطقة مكة يرأس الأجتماع الدوري لمحافظي المنطقة    الأمير محمد بن ناصر يكرم 20 متميزًا ومتميزة من تعليم جازان في مبادرة "منافس"2023م    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مبادرات "الفرص التطوعية" في جازان    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق بوابة القبول الإلكترونية للعام الجامعي القادم    تحت رعاية أمير تبوك يطلق شارة البدء لِ رالي تبوك تويوتا ٢٠٢٤    جوازات مطار المدينة المنورة تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من تركيا لأداء مناسك حج 1445ه    حرس الحدود: القبض على 3 مخالفين بجازان لتهريبهم 100 كيلوجرام من نبات القات المخدر    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 15 من طلاب جامعة المجمعة    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من تركيا متجهة إلى المملكة    الجمعية السعودية لطب الأسرة تطلق ندوة "نحو حج صحي وآمن"    لجنة الصداقة البرلمانية السعودية العراقية بمجلس الشورى تجتمع مع سفيرة العراق لدى المملكة    مجلس الحرب يناقشها اليوم.. تعليق واشنطن شحنة الأسلحة يثير غضب إسرائيل    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    النفط يرتفع مع سحب المخزونات الأمريكية وارتفاع واردات الصين    العزلة الدولية تحاصر إسرائيل.. 4 دول أوروبية تدرس الاعتراف بفلسطين    الزلفي تحتفي بعام الإبل بفعاليات منوعة وورش عمل وعروض ضوئية    عقود ب3.5 مليار لتأهيل وتشغيل محطات معالجة بالشرقية    النصر يتحرك من أجل كاسيميرو    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن الصناديق العائلية والوقفية بالمنطقة    جمعية البر بالشرقية توقع اتفاقية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    هونغ كونغ والسعودية تبحثان إنشاء صندوق لتتبع مؤشرات الأسهم    توقع بهطول أمطار رعدية    إطلاق مبادرة SPT الاستثنائية لتكريم رواد صناعة الأفلام تحت خط الإنتاج    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    تاليسكا: جيسوس سر تطوري.. و"روشن" ضمن الأفضل عالمياً    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    عبدالله بن سعد ل «عكاظ»: الزعيم سيحصد «الدوري والكأس»    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    القيادة تعزي رئيس البرازيل    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توكيد سيادة الدولة القوميّة الحديثة
نشر في عكاظ يوم 14 - 11 - 2017

منذ منتصف القرن السابع عشر أضحت الدولة القوميّة المكون الأساس للنظام الدولي. عقب صلح وستفاليا 1648، انتهى عصر الإمبراطوريات التوسعية الكبرى.. وكذا زمن الإقطاعيات المتصارعة الصغيرة، وجرى استبدال الشرعية الدينية والإقطاعية، للكيانات السياسية، بالشرعية القومية والهوية الوطنية.. وولِدَت الدولة القوميّة الحديثة على أسس الإرادة الشعبيّة، وليس على منطق الفتح والغلبة والغزو والإخضاع المباشر من قبل قوة أجنبية أو نخبة سياسية محلية مستبدة.
صحيح أن فكرة وتجربة الدولة القوميّة الحديثة، في بعض المجتمعات الأوروبية.. وكذا فكرة إسقاط شرعية الغزو والفتح والاحتلال، حتى داخل أوروبا نفسها، احتاجت لثلاثة قرون أخرى من الزمان، إلا أن فكرة الدولة القومية الحديثة وتجربتها، في عهد الأمم المتحدة، أمست هي العنصر الأساس للنظام الدولي والمسوغ الأول والحصري للعضوية في النظام الدولي، على مستوى مجتمعات العالم، بأسره. تجربة الدولة القوميّة الحديثة في العالم العربي، قد تكون أعرق من الكثير من المجتمعات، في قارات العالم الأخرى، خارج عالم أوروبا القديم، عدا بعض مجتمعات العالم الجديد في الأمريكتَين، حيث يؤرخ لدخول العالم العربي لمرحلة الدولة القوميّة الحديثة، بمؤتمر فرساي 1919 عقب الحرب الكونية الأولى. غير أن معظم الدول العربية الحديثة، لم تتطور بها شرعية محلية تعكس الإرادة العامة للشعوب العربية، وإن حرصت التجربة على تحري وتأكيد العضوية في النظام الدولي.
على أي حال: أضحت شرعية الدولة القوميّة الحديثة، كأساس لقيام الدول وكسب عضويتها في النظام الدولي، من أهم ليس فقط مسوغات قيام الدول نفسها، بقدر ما هو الضمان الأول لاستمرارها والحصن الحصين لتأمين بقائها، بغض النظر عن شرعية ومستوى درجة الاستقرار لأنظمتها السياسية الداخلية، ومدى توفر عنصر تقرير المصير لكافة فئات شعبها. حتى أن الأنظمة السياسية لبعض دول العالم الثالث، كثيراً ما تلجأ لمصادر شرعية الدولة نفسها الخارجية، في حالة تطور أي شكل من أشكال التحدي للنخبة السياسية الحاكمة محلياً. النظام الدولي، بأسره حتى في حالة احتدام الصراع بين قواه العظمى.. أو الاقتتال بين القوى الإقليمية الرئيسية في منطقة ما من العالم، يسوده شعور بالمسؤولية السياسية والأخلاقية لحماية السلامة الإقليمية والسيادة الوطنية لأعضائه من الدول، لكونها الضمانة الحقيقية لاستقرار النظام الدولي.. وضمان استمراره، وتفادي ما يقود إلى اضمحلاله.
حتى في أوج حالة استقرار النظام وانحسار مد التوتر وحركة الصراع بين فعالياته المهمة، بالتقدم تجاه المزيد من التعاون بين بعض أعضائه، لدرجة الانخراط في صيغة متقدمة من التكامل الإقليمي والاعتماد المتبادل لمواجهة تحديات التنمية، بعد أن تم تجاوز تحديات الأمن، كما هو في حالة تأسيس الكيانات الإقليمية الكبرى، لم يتم بأي حال المساومة على صيغة الدولة القومية بين أعضاء تلك الكيانات الإقليمية العملاقة، مثل الاتحاد الأوروبي. لقد ظلت فكرة حرية الدول في الانضمام أو الخروج من عضوية تلك الكيانات الإقليمية مكفولة للدول الأعضاء، مهما بلغت تكلفة ذلك على الدولة العضو، بناء لإرادات شعوبها وخيارات نخبها الحاكمة... تماماً: كما فعلت بريطانيا في استفتاء 23 يونيه 2016، عندما اختار الشعب البريطاني الخروج من تجربة الاتحاد الأوروبي التكاملية.
ليس ذلك فحسب، بل إن عضوية الكيانات الإقليمية الكبرى أمدت تجربة الدولة القوميّة الحديثة بشرعية أممية للحفاظ على بقائها واستمرارها، لضمان سلامة الدول الأعضاء الإقليمية.. والحؤول دون تفكك الدولة. لقد كان للدور الحاسم الذي قام به الاتحاد الأوروبي، أثر مباشر لإفشال مشروع استقلال إقليم كتالونيا، من مواجهة حكومة مدريد المركزية العنيفة لقمع محاولة الانفصال. لقد ساوم الاتحاد الأوروبي على ممارسة شعب الإقليم حقه في تقرير مصيره، قفزاً على قيم إنسانية وسياسية وأخلاقية تكفلها العضوية في الاتحاد لشعوب أعضائه، من أجل الدفاع عن الوحدة الإقليمية لأحد أعضائه (إسبانيا).
نفس الشيء تقريباً، وقبل ذلك بأسبوع، أُفشِل استفتاء أجرته حكومة كردستان العراق في 25 سبتمبر الماضي، للانفصال عن العراق. إفشال استفتاء استقلال إقليم كردستان لم يكن بسبب تحرك حكومة بغداد لتأكيد سيادتها على الإقليم والسيطرة على مناطق شملها الاستفتاء، مثل: مدينة كركوك الغنية بالنفط، بقدر ما كان ذلك الاعتراض الإقليمي الشرس لمشروع الانفصال من قوى إقليمية (تركيا وإيران).. وعدم توفر التعاطف والمساندة الدولية لمشروع الانفصال، بين قوى النظام الدولي الكبرى. كما كان الاستفتاء بالانفصال وبالاً على حكومة برشلونة المحلية، أضحى كارثة على حكومة أربيل، حيث تمت الإطاحة برئيس الإقليم (مسعود برزاني)، بالإضافة إلى الهزيمة العسكرية والمعنوية التي تلقتها قوات «البشمركة»، في أول مواجهة لها مع الجيش العراقي، في كركوك، بعد إجراء الاستفتاء.
فشل تجربتي استفتاء انفصال كردستان العراق وكتالونيا في إسبانيا، في أسبوع واحد (25 سبتمبر، 2 أكتوبر 2017)، يؤكدان ترسيخ تجربة الدولة القوميّة الحديثة، التي امتدت مسيرتها لما يقرب من أربعة قرون، باعتبارها رمزا للهوية الوطنية لشعوبها وأساس شرعية أنظمتها السياسية، بغض النظر عن التحولات في مفهوم السيادة، الذي ظل دائماً شأنا داخليا، يحظى باحترام مؤسسات وأعضاء النظام الدولي.
الدولة القوميّة الحديثة هي الانعكاس الحقيقي لتجسيد الشعوب حقها في تقرير مصيرها.. ومرآة تعدديتها الثقافية والدينية والعرقية، وتعبير عن رغبتها المشتركة في العيش معاً... وتظل سلامة كيانها الإقليمي من أولى اهتمامات النظام الدولي، حفاظاً على استقراره.. وسلام العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.