قبل أربع سنوات وتحديداً في شوال 1439 تحدثت عن وجبات الحجاج مسبقة التحضير التي تصر وزارة الحج والعمرة على تنفيذها في المشاعر المقدسة ، واعتبار البعض حينها أن ما قلته يعبر عن عدم رغبة في التطوير ، واني لازلت أسير بالطريقة التقليدية ، رغم أنني أوضحت حينها أن هذه الفكرة لم يكتب لها النجاح حينما طبقتها الحكومة الماليزية على حجاجها عام 1395ه، فأوقفت التنفيذ وألغت الفكرة في العام التالي . كما أوضحت ما عاناه حجاج إندونيسيا في موسم حج عام 1427ه، حينما منع مطوفو جنوب شرق آسيا من تأمين وجبات التغذية لهم، وأسندت العملية لمطبخ مركزي تم التعاقد معه من قبل مكتب شؤون حجاج إندونيسيا بعثة الحج ، ولم يثبت قدرته وكانت النتيجة حرمان الحجاج من تناول وجبتهم الغذائية يوم عرفات، مما اضطر الدولة للتدخل السريع بتأمين وجبات جافة للحجاج في ذلك اليوم، ولم يستسيغها الحجاج، ثم ألزم المطوفون بتأمين التغذية ليوم العيد وأيام التشريق بمنى وتم إلغاء عقد المطبخ المركزي. وتسائلت حينها كيف يمكن للوزارة تطبيق برنامج الوجبات المعقمة الجاهزة ذلك العام على نسبة 15% من الحجاج القادمين من خارج المملكة، وهي جهة حكومية حدد دورها ومهامها في الإشراف والمتابعة على الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام وتطويرها، وتسعى للعمل على فرض وجبات غذائية ذات مواصفات محددة على حجاج الخارج بدعوى أنها نوع من برامجها التطويرية، وتطالبهم بتناولها حتى وإن كانوا لا يستسيغونها. وطالبت يومها بأن يكون تقييم نتائج برنامج الوجبات المسبقة التحضير بشكل جيد من خلال ضيوف الوزارة القادمين من خارج المملكة باعتبار أنهم من المميزين في الثقافة والعلم والمعرفة ومن شرائح ثقافية واجتماعية راقية، إضافة إلى العاملين بالوزارة في المراكز الخارجية على الطرق المؤدية لمكة المكرمة، ومنسوبي أفرع الوزارة المرابطين بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة . وقد رأينا هذا العام المعاناة الحقيقية للوجبات المسبقة التحضير ، التي تم تطبيقها على حجاج الداخل، ووجهت الوزارة تهمة التقصير لمؤسسات وشركات خدمات حجاج الداخل ، وأنه تم رصد وجبات لا تتوفر فيها الاشتراطات المطلوبة في الإعداد والتقديم ولجوء بعضها للتعاقد مع مقدمي خدمة الوجبات بجودة أقل مما تتطلبه الاشتراطات والمواصفات. وأوضحت أنه إضافة إلى توقيع الجزاءات المقررة في حق الشركات والمؤسسات المخالفة سيتم إلزامها بإعادة المبالغ المتحصلة من الحجاج بما يعادل قيمة الوجبات، مع النظر في تقييم أوضاع تلك الشركات والمؤسسات المخالفة في ضوء مستوى خدماتها ومدى إمكانيتها من تصحيح أوضاعها، بما في ذلك إلغاء تصاريحها . وفي المقابل ألقى أصحاب مؤسسات وشركات حجاج الداخل الكرة بملعب وزارة الحج والعمرة ، وبين الاثنان تحول الحاج إلى ضحية فضاعت حقوقه الأدبية قبل المادية ولم يحظ بالراحة والاستمتاع برحلة الحج رغم المبالغ المالية التي دفعها . وبعيداً عن الدراسات والبحوث والتطبيقات أقول إن فكرة توفير وجبات مسبقة التحضير للحجاج في المشاعر المقدسة فكرة خاطئة لم تثبت نجاحها منذ سنوات على حجاج الخارج ، وها هي تثبت فشلها على حجاج الداخل ، فهل ستدرك وزارة الحج والعمرة أن هناك مبادرات وأعمال لا يمكن تطبيقها في مجال خدمات الحجاج ، فليس كل ما يقال يكتب ، وليس كل ما يطرح ينفذ ، فكما أن الناس معادن ، فهم أذواق أيضاً فمن يناسبه هذا النوع من الطعام لا يناسب غيره . للتواصل [email protected]